شينجيانغ والتبت كما رأيتهما

خلال سنوات إقامتي في الصين تمكنت من زيارة معظم مناطق تجمعات الأقليات، وأشهرها منطقتي شينجيانغ والتبت ذاتيتي الحكم، اللتين تجذبان وسائل الإعلام، خصوصا الغربية منها.

ولن أتحدث هنا عن إنجازات الحكومة في تشييد شبكة سكك حديدية عملاقة، وأنفاق تشق الجبال، وخطوط طاقة، وأبنية متباينة الارتفاعات تتناسب مع الخصوصية الثقافية للمنطقتين، وخدمات رعاية طبية، وتعليم ثنائي اللغة، ومظلة ضمان اجتماعي تشمل الجميع، وحماية التراث الثقافي. لكن ما أرغب في الإشارة إليه هو كيف يرى أبناء الأقليات مستقبلهم وحياتهم المقبلة. فكما قال الحكماء "إن استشفاف ما يمكن أن يكون عليه وضعنا في المستقبل القريب، بشكل عملي، ليس مبنيا على خيال أو تنظير أدبي، لكنه يظل مبنيا على ما هو متاح بين أيدينا من دلالات وحاضر نعيشه".

أتذكر تلك الفتاة الويغورية الصغيرة، صاحبة الابتسامة العذبة، حين التقيتها في يونيو من العام 2013 خلال زيارتي الأولى للمنطقة. وكانت حينها تبلغ من العمر 15 سنة، قررت أسرتها المقيمة في محافظة باتشو جنوب غربي شينجيانغ إرسالها إلى حاضرة المنطقة أورومتشي لتلقي تعليم جيد في المدرسة الإعدادية رقم 66 التي تبعد عن مسقط رأسها حوالي 1255 كيلومترا. قالت لي "سأواصل تعليمي وألتحق بأفضل جامعات الصين، ربما في بكين، وبعدها سأعود إلى شينجيانغ والعمل مذيعة بلغتي الماندرين والويغورية، لحكاية قصة المنطقة التي ترعرعت فيها إلى العالم".

وقصة أخرى من قرية صغيرة بمدينة نيينغتشى التابعة لمنطقة التبت التي زرتها في يونيو من العام 2019، بطلها مزارع ثلاثيني يدعى باي ما دينغ تشينغ، انتقل في عام 2003 إلى منزله الجديد، المكون من طابقين ويميّزه الطابع التبتي ويضم حديقة وحظيرة، في هذه القرية التي أسستها الحكومة لإعادة توطين سكان محافظة موتو على الحدود مع نيبال.

وقال باي بلغته التبتية وابتسامة صافية تظهر الرضا بالحال "أخطط لتوسيع مساحة زراعة الأعشاب الطبية لتحقيق دخل أفضل لأسرتي، وسيواصل طفلي التعليم ويلتحقان بالجامعة، ويحققان ما عجزت أنا عنه".