arabic.china.org.cn | 01. 10. 2022

مقيم في وطنه الثاني.. حكاية عقدين مع الصين

arabic.china.org.cn / 09:46:59 2022-10-01

بقلم حســام المغربــي


1 أكتوبر 2022 / شبكة الصين / يوم عمل جديد وسط أسرة القسم العربي في مركز الصين لمعلومات الإنترنت، المعروف عربيّا باسم "شبكة الصين"، ضمن مجموعة الصين للاتصالات الدولية. وكعادتي في الوصول إلى المكتب مبكّرا قبل موعد الدوام بنحو ساعة تقريبا، أعددت لنفسي كوب قهوة احتسيته مع كعكة العش الذهبي "وه تو". ورغم أنِّي أفعل الشيء نفسه تقريبا كل صباح، إلا أنه استوقفني هذه المرّة، فتلك التركيبة التي تجمع بين ثقافة القهوة في موروثنا العربي وخبز الذرة الذي تحوّل من وجبة تسد جوع الفقراء قديما إلى طعام شهي على قائمة المطبخ، أعادتني بالذاكرة لبداية قصّتي مع الصين وكيف حدث ذلك الترابط والتحوّل.

كأنه الأمس، ذلك اليوم الذي التقيت فيه تلك الشابة الصينية الحسناء في تجمّع للأصدقاء بالعاصمة المصريّة القاهرة، وقد جذبتني إليها حلاوة روحها وبساطتها، وكذلك شغفها بتعلّم العربية وحبّها لاستكشاف ثقافتنا. اختارت لنفسها اسم "أميرة"، ولم يمض وقت طويل على تعارفنا لتصبح شريكة دربي حتى من قبل أن تقلع بنا الطائرة المتّجهة إلى مسقط رأسها من مطار القاهرة الدولي في نهاية مايو من العام 2005.

مع وصولي بكين، كان من السهل عليّ تقبل أي اختلاف؛ فالصين ومصر صاحبتا أقدم حضارتين في العالم، كما أن فرق "المساحة" سمح لي بفهم هذه التفاوتات. فمساحة الصين تعادل تقريبا تسعة أضعاف مساحة مصر، وهذا معناه رقم أكبر في كل شيء؛ بدءا من تعداد السكان وحتى عدد الأقليات والتنوع الثقافي واللغوي، وهو ما شجعني على خوض تجربة حياة جديدة مفعمة بحماسة الاستكشاف.

شعرت بألفة هذه المدينة وكأنِّي زرتها من قبل. ربما السبب هو الحياة في كنف أسرتي الثانية، وتجربة العيش في أحد أزقتها القديمة بالقرب من ميدان "تيانآنمن" لنحو عامين كاملين لأتعرّف على ثقافة وحكاية المدينة القديمة وأصالتها. كما أن عوامل الجذب في بكين شغلتني عن التفكير بأي شيء آخر، بل دفعتني للتفاعل مع الحياة فيها. ففي بكين يجتمع الناس من مختلف أنحاء الصين وكذلك الأجانب من مختلف أنحاء العالم، ما يوفر مساحة ثقافية غنية بعناصرها.



شاهد على التحوّلات ومتأقلم معها

كمقيم في هذا البلد، كنت شاهدا على التحوّلات التي حققتها الصين، منذ لحظة وصولي في 2005 وحتى العام 2022. إجراءات وقرارات اتخذتها الحكومة الصينية، غيّرت في نمط حياة سكان الصين وأنا منهم. رحلة ارتقاء وتطوّر ومحطات ومواقف لا زالت تسكن ذاكرتي.

تلك التطوّرات المتلاحقة منحتني واحدةً من أهم الخصال التي اكتسبتها في ذلك البلد، وهي أنّي أصبحت أكبر قدرة على مواكبة التغيّرات السريعة. فمع وصولي إلى الصين كنت أستخدم ـ مثل غيري من الصينيين ـ العملة النقدية اليوان لشراء احتياجاتي، ثم سريعا بدأت التعامل بالبطاقة البنكية، فالمحفظة الرقمية على الهاتف عبر تطبيقي "ويتشات" و"آليباي"، إلى أن وصلنا إلى قمة "هرم الدفع" منذ بداية العام الجاري 2022 باستخدام "اليوان الرقمي"، ذلك الحل العملي الذي تتربع فيه الصين على عرش المعاملات المالية في العالم.

هذا التحوّل وغيره من القفزات التي شهدتها الصين خلال سنوات استقراري فيها، سرعان ما تجاوزت أصداؤها حدود هذا البلد الكبير نحو الخارج. ومنها قضية "دفع الابتكار" التي تبنتها الحكومة الصينية طوال السنوات العشر الماضية، والتي شهدت معها العلامة التجارية الصينية إصلاحا شاملا، لتتحول من "نسخ الأفضل" إلى "ابتكار الأفضل"، مرسخة بذلك مكانة علامة "صنع في الصين" في السوق الدولية.

وبعد تلك السنوات التي اقتربت خلالها وجدانيا من الصين، وجدت تأثيرها بشكل ما على شخصيتي وسلوكي الاجتماعي. فتعلمت أن أفعل أكثر وأتكلم أقل، والأهم أني آمنت تماما بمقولة "لا تصدق كل ما ترى". ما جعلني أقول ذلك، أن التعليق الأول الذي كان يصل إلى أُذْني من معظم الأجانب الذين قابلتهم في زيارتهم الأولى للصين، هي "كُثْر هم أبناء هذا البلد الذين لا يفعلون شيئا  سوى التحديق في شاشات هواتفهم، ربما لمشاهدة فيديو أو لعبة ما، على متن الحافلات العامة وقطارات الأنفاق، على عكس الغربي الذي يجلس مع كتابه".

لكن ما لا يعرفه هؤلاء، أنه يوجد في الصين الآن أكثر من 500 مليون مواطن يقرأون الكتب وينخرطون في التعلم عبر الإنترنت. وهو رقم مذهل، لا تجده سوى في الصين.

1  2  3  4  5  6  >  


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号