توثيق الارتباط بالصين

كان انطباعي الأول عن هذا البلد لدى وصولي إليه، هو الأعداد الهائلة من الناس، وكيف سأجد لنفسي موضع قدم في بلد تجاوز سكانه المليار نسمة بكثير. ولكنّي آمنت "أن لكل مجتهد نصيب في هذا البلد حتى ولو كان أجنبيا"، ليس فقط ثقة في نفسي، ولكن أيضا إيمانا بعدالة الصين وإتاحة الفرصة للجميع للتميّز وإثبات الذات.

ومن وجهة نظري، فإن العامل الذي يوثق شكل العلاقة التي تجمعك بالبلد الذي تقيم فيه، هو "الهوية" أو بطاقة التعريف التي تظهر شخصية صاحبها وينظر لك الآخرون في تعاملهم معك من خلالها. وفي الواقع، فأنا الأسعد حظا، من بين الكثير من الأجانب المقيمين هنا، بحصولي على "بطاقتي هوية" من الصين على المستوى الرسمي؛ وهما "جائزة الصداقة الوطنية" و"الإقامة طويلة الأمد".

وكانت بداية ذلك مع الإعلان عن مصطلح "الحلم الصيني" الذي أطلقه الرئيس شي جين بينغ، بعد تسلمه المسؤولية، حينها عقدت العزم على أن يكون لي نصيب في هذا الحلم. وكانت علامة جيدة أنه في نفس العام نلت جائزة "الموظف الأجنبي المثالي" من مجموعة الصين للاتصالات الدولية، لتشتعل حماستي بتحقيق المزيد من النجاح والوصول إلى قمة التقدير.

فقط أربع سنوات، إلى أن حلّ العام 2017، الذي تكلل بنيلي "جائزة الصداقة الوطنية"، تلك الجائزة الأعلى التي تمنحها الحكومة الصينية لمجموعة مختارة من الخبراء الأجانب العاملين في جميع القطاعات الحيوية التي تمس المجتمع ومنها الإعلام، تقديرا منها لتفانيهم وإسهاماتهم في البناء الاقتصادي والتنمية الاجتماعية بالصين وتعزيز التعاون والصداقة بين الصين وبلدانهم.

ولم يمر سوى عام واحد، وبالتحديد في يونيو من العام 2018، حتى تلقيت بطاقة انتسابي الثانية لهذا البلد "البطاقة الخضراء"، التي منحتني طمأنينة مواصلة تحقيق الأحلام والأهداف، بفضل الميزات الكثيرة التي تقدمها، من حق العمل والعيش وامتلاك الأعمال والعقار. أي ببساطة، تضمن لك نفس الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن صيني.

نعم، بطاقتا هوية في أقل من عام، هما الأعلى في الصين، شكلتا دافعا معنويا كبيرا لمواصلة عطائي في بلدي الثاني، فليس هناك أجمل من أن يشعر المرء بأن جهده يقدّر، مما يُعزّز إحساسه بالانتماء ومد الجذور في أرض البلد الذي أحبه.