الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

جريدة ((مصري اليوم)): ما وراء الحكايات.. الصين تنظر دائماً إلى الأمام


(٣)

لابد وأن كل من زار الصين في السنوات الأخيرة قد لاحظ أن الصينيين يجمعون في دهشة بين مظاهر الحداثة والتقدم التكنولوجي وبين الاحتفاظ بالشخصية الصينية وتقاليدها المعروفة، وهذا هو الوجه الآخر في الحلم الصيني المدهش، ويبدو أن غزو العولمة الجارف قد توقف عند سور الصين العظيم!

فما زالت الروح الصينية حاضرة بقوة جنباً إلى جنب مع جسد الحداثة المعاصرة، تجد ذلك في المطاعم الصينية التي لا يمكن للمرء أن يخطئ التعرف عليها من خلال تقاليدها ونقوشها وأطعمتها وروح الدفء والحميمية التي تتصاعد من جنباتها، كما تتصاعد الأبخرة من أطباق الحساء الصيني الشهير! يدفعني ذلك للتساؤل أين هي الهوية المصرية أو العربية لمطاعمنا بخلاف رائحة شواء الكباب والكفتة؟!

أما الملابس والأزياء الصينية فيسهل تمييزها حتى الألوان المفضّلة لدى الصينيين ما زالت تحتفظ ببهجتها وكأنها «علامة مسجلة»، رغم أن الألوان في العالم كله هي هي لا تتغيّر.

ما يسهل على المرء أن يخلص إليه هو أن الصين المتقدمة الحديثة ما زالت تحتفظ بروحها وتاريخها وتقاليدها، وفوق ذلك بتصالحها مع قيم التقدم الإنساني المعاصر في العمل والاجتهاد والتعليم والإبداع ومنهج التخطيط العلمي، ولعل أهم مظهر لحرص الصين على هويتها يتجلى في مسألة اللغة الصينية. فالصينيون غيورون على لغتهم الأم إلى أبعد الحدود.

ولا يمكنك أن تجد في بكين العاصمة مثلاً أي محل تجارى يضع لوحات أو أسماء إنجليزية أو فرنسية، والجامعات الصينية يدرس فيها الطب والعلوم والفنون والإنسانيات باللغة الصينية وحدها وإن كان الطلاب يستعينون بمراجع علمية إنجليزية بطبيعة الحال. ولا تمثل اللغات المحلية للأقليات القومية في الصين مخاوف بشأن اللغة الصينية..

والفارق يتضاءل مع الوقت بين اللغة الصينية الفصحى وبين اللهجات العامية، والصينية الفصحى وليست العامية هي اللغة المتداولة في وسائل الإعلام والسينما والمسرح والتلفاز، ولهذا فلا حديث للمستعربين الصينيين الذين تعلموا العربية في مصر سوى عن العامية المصرية وكيف كانت وما زالت تمثل لديهم أرقاً وصعوبة وتساؤلاً حائراً حول مصير العربية الفصحى في بلد يتم التدريس في جامعاته أحياناً باللهجة العامية!

خلاصة الدرس الصيني في مسألة اللغة أن حركة التقدم الإنساني ومواكبة العصر لا تتأتى بالضرورة عبر القفز على اللغة الأم، إنه الدرس نفسه في المصالحة الخلاّقة بين روح الأمة وتطلعاتها الوطنية من ناحية وبين الأخذ بأسباب التقدم الإنساني من ناحية أخرى».. إنها مجتمعات تنظر دائماً إلى الأمام!

 

شبكة الصين / 5 يناير 2010 /



     1   2   3  



-أمين عام مؤسسة الفكر العربي: ما وراء الحكايات.. الحلم الصيني
-في مقابلة خاصة:الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي يقول إن الجميع يسعى إلى الانفتاح على ثقافات العالم
-حضارة واحدة -- مشروع للترجمة من الصينية للعربية (صور)

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :