الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
أمين عام مؤسسة الفكر العربي: ما وراء الحكايات.. الحلم الصيني
زار د. سليمان عبد المنعم ، أمين عام مؤسسة الفكر العربي الصين في النصف الثاني من نوفمبر، وكتب عن آرائه عن الصين في سلسلة من المقالات نشرتها جريدة ((المصري اليوم))، المقال الأول هو:
ما وراء الحكايات.. الحلم الصيني
على الرغم من أن زيارتي إلى الصين لم تستغرق سوى ستة أيام من بينها عشرون ساعة طيراناً متواصلاً، فقد كانت المشاهدات والخلاصات التي عدت بها أشبه بحلم عابر.. حلم وددت لو أمكن لأدبائنا العرب أن يستلهموا منه حكايات لأطفال.. وأن يصنع منه خبراؤنا تقارير وأرقاماً توضع على مكاتب المسؤولين.. وأن يصبح موضوعاً للنقاش في برامجنا التليفزيونية الساهرة لما بعد منتصف الليل. ما الذي حدث في الصين بالضبط فأحال الهموم والتحديات إلى أحلام وإنجازات؟
هذا ما حاولت البحث عنه على هامش زيارتي إلى الصين بمناسبة إطلاق مؤسسة الفكر العربي المرحلة الثانية من مشروعها النوعى للترجمة «حضارة واحدة»، وهو المشروع الذي يتجه شرقاً لترجمة أهم الكتب الصينية التي تشرح أسباب وعوامل تجربة النهوض الصيني العظيم، وتحكى من منظور صينى تتم ترجمته مباشرة إلى اللغة العربية دون لغة وسيطة كيف أصبحت الصين التي كانت من عداد الدول النامية إحدى كبريات العالم الأول؟ لقد ترجمنا عن الآخرين الكثير من الأشعار والقصص والآداب وآن الأوان لكى نعرف من خلال الترجمة كيف يفكرون ويعملون وينجزون.
(١)
لعلّ السؤال الذي يجب البدء به هو: هل ما حدث ويحدث في الصين اليوم يرقى بالفعل إلى مصاف الأحلام؟ الحقائق والمقارنات وحدها تقدم الإجابة وتعفي من أى تنظير. أليس حلماً أن الصين التى كانت منذ ثلاثين عاماً فقط دولة نامية مجهدة ومثقلة بكتلة سكانية هائلة هى التى تحتل اليوم المرتبة الثانية ضمن أكبر اقتصادات العالم، وهى الدولة التى تصدّر للولايات المتحدة الأمريكية وحدها ما قيمته نصف مليار دولار أمريكى يومياً، أجل.. يومياً وليس سنوياً أو شهرياً؟ أليس من قبيل الحلم أن الدولة التى لم تشهد أى إنجاز علمى أو تكنولوجى قبل مائة عام وكان عدد الذين يعرفون حساب التفاضل والتكامل فيها لا يتجاوز عشرة أشخاص قد أصبحت اليوم هى الدولة التى نجحت ثلاث مرات في إطلاق سفينة فضاء مأهولة لتكون بذلك ثالث دولة في العالم في تكنولوجيا الخروج من كبسولة مركبة الفضاء؟
لماذا لا يكون الحلم صينياً والدولة التى كانت تعانى منذ عقود قليلة من أمية متفاقمة وتعليم متواضع قد حصدت جامعاتها أحد عشر مركزاً متقدماً في تصنيف أفضل خمسمائة جامعة في العالم لعام ٢٠٠٩، والدولة التى أصبحت تملك-باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية- أسرع جهاز كمبيوتر في العالم، وتخصص في موازنتها للبحث العلمى في العام ٢٠٠٨ نحو ٧٠ مليار دولار أمريكى؟ ألا يرقى الإنجاز الصينى إلى مصاف الحلم حين نعلم أن الدولة التى لا تمتلك سوى ٧% من مساحة الأراضى الزراعية في العالم قد نجحت في إعالة وإطعام نحو ٢٠% من عدد سكان العالم لتوفر للشعب بذلك أربعة مليارات وجبة غذاء يومياً؟!
لنعترف بأن الحلم الإنسانى قد أصبح صينياً بامتياز، حين نعرف أن الدولة التى يعيش فيها ٩٠٠ مليون فلاح قد أصبحت هى نفسها الدولة الصناعية الحديثة التى تحتل المركز الثانى عالمياً في صناعة الطاقة، والمركز الثالث عالمياً في صناعة المعلومات، وها هى بصدد تحقيق إنجاز مبهر آخر من خلال إنشاء أكبر جيل قادم من الإنترنت حجماً في العالم.
ما الذي حدث بالضبط في الصين؟ لا شك أنه سؤال كبير يحتاج إلى إجابة بل إجابات مطوّلة. هل يمكن القول مثلاً لدواعى الإيجاز والتقديم أن كلمة السر في كل ما جرى لا تخرج عن همة المجتمع وإرادة الدولة؟ ربما لا تشبع مثل هذه الإجابة الفضول وقد لا تضيف جديداً، فليس هناك من تقدم في العالم لا تصنعه همة المجتمع وإرادة الدولة، الأرجح أن لكل منا إجابته الخاصة في تفسير الحلم الصينى. وقد يجرنا هذا التفسير إلى الاستغراق في التنظير دون أن ندرى، لكن الواقع- الأكثر بلاغة من كل تنظير- يؤكد أن ما حققته الصين في العقود الأخيرة إنما يرجع إلى عاملين أساسيين هما البراجماتية والانفتاح.
-في مقابلة خاصة:الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي يقول إن الجميع يسعى إلى الانفتاح على ثقافات العالم -حضارة واحدة -- مشروع للترجمة من الصينية للعربية (صور) |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |