الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
أمين عام مؤسسة الفكر العربي: ما وراء الحكايات.. الحلم الصيني
(٣)
الانفتاح هو أكثر الكلمات التى ترددت على مسامعى في كل مرة سألت فيها عن أسباب الطفرة الهائلة في مسيرة النهوض الصينى العظيم. فهذا الانفتاح الصينى على العالم هو السبب الذي مكّنهم من أن تصل قيمة الصادرات الجمركية الصينية سنوياً إلى العالم وفقاً لأرقام العام ٢٠٠٨ إلى نحو تريليون و٢٢٠ مليار دولار أمريكى، بينما بلغت وارداتها ٩٥٥ مليار دولار أى بفائض ميزان تجارى قدره ٢٦٥ مليار دولار،
بينما الولايات المتحدة الأمريكية تعانى من نقص في ميزانها التجارى يبلغ حوالى ٨٠٠ مليار دولار أمريكى، وبفضل هذا الانفتاح أيضاً استطاعت الصين أن تجذب إليها استثمارات أجنبية وصلت قيمتها إلى ٨٨٠ مليار دولار أمريكى وذلك منذ بدء الانفتاح في العام ١٩٧٩ وحتى العام ٢٠٠٦. والصين لم تعد دولة مستقبلة فقط للاستثمارات الأجنبية ، بل غدت دولة مصدرة لاستثمارات صينية في الخارج حيث بلغ مجموع الاستثمارات الصينية خارج الصين في العام ٢٠٠٨ أكثر من أربعين مليار دولار أمريكى،
ومن المؤكد أن هذا التدفق الاستثمارى الهائل على الصين لم يكن من فراغ، بل كان نتاجاً لمنظومة من قواعد وضمانات الاستثمار، ومناخاً مشجعاًَ يجب التعرف عليه والإحاطة بظروفه وتفاصيله، لا سيما أن الصين بقيت دائماً وحتى الآن بلداً لا يأخذ بالليبرالية السياسية، وهذا في ذاته مظهر آخر للأعجوبة الصينية.
وكان طبيعياً أن يزيد الناتج الإجمالى المحلى لهذا البلد الذي يضج بالحركة والنشاط والانتاج، لكن المدهش أن يصل هذا الناتج المحلى في العام ٢٠٠٨ إلى رقم قياسى ناهز السبعة تريليونات دولار أمريكى وهو ما يضعها مباشرة بعد الولايات المتحدة الأمريكية التى يصل إجمالى ناتجها المحلى إلى ١٣ تريليون دولار وقبل اليابان التى حققت أربعة تريليونات دولار أمريكى. ولهذ أصبحت الصين بلداً جاذباً لأدمغته المهاجرة في الخارج لا بلداً طارداً لها، وهى الظاهرة العكسية المحزنة التى يعانى منها المجتمع العربى.
وتحقق الصين أكبر معدلات العودة لباحثيها الدارسين في الخارج إلى أرض الوطن مقارنة بالدول الأخرى. ومن مظاهر انفتاحها على العالم أنها أوفدت خلال السنوات العشر الأخيرة ما يزيد على مليون باحث شاب للدراسة والبحث في الدول المتقدمة، ويبلغ معدل عودة هؤلاء إلى الوطن الأم بعد انتهاء دراستهم أكثر من ٩٠% من عدد الذين سافروا.
ولم يكن الانفتاح الصينى على العالم مجرد حاجة اقتصادية أو تكنولوجية فحسب، إنه رؤية استراتيجية شاملة ومتكاملة الجوانب تضم الثقافي والاجتماعى، جنباً إلى جنب مع الاقتصادى والتكنولوجى. وكانت إحدى أدوات الانفتاح الصينى على العالم العربى هى تعلم اللغة العربية.
يأسرونك حين يقولون لك نحن متشابهون في التاريخ والحضارة والمعاناة. ويفضلون استخدام كل ما يشتق من كلمة الصداقة، فلا يشعرونك أبداً أنك مجرد سائح أو متعاقد في صفقة أو مشارك في مؤتمر، مع بأنك بالفعل أحد هؤلاء!!
ومع أن الدوافع الحقيقية للانفتاح الصينى على العالم العربى هى دوافع اقتصادية وتجارية في المقام الأول، إلا أن استخدامهم الشائع لكلمة الصداقة يعطى للمسألة بعداً إنسانياً دافئاً ربما تحتاج إليه في برد بكين الشديد!
-في مقابلة خاصة:الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي يقول إن الجميع يسعى إلى الانفتاح على ثقافات العالم -حضارة واحدة -- مشروع للترجمة من الصينية للعربية (صور) |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |