الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

أمين عام مؤسسة الفكر العربي: ما وراء الحكايات.. الحلم الصيني


بدأ الفكر البراجماتى الجديد في الصين منذ ربع قرن من الزمان وتحديداً في العام ١٩٨٤، حين أطلق الرئيس الصينى الراحل دنج شياو بنج مقولته الشهيرة «دولة واحدة بنظامين»، وهو يشير إلى قبول الصين بالنظام الرأسمالى المطبق في هونج كونج التى عادت فيما بعد إلى الوطن الأم. كان الصينيون يطمئنون العالم بشأن الحفاظ على النظام الاقتصادى المطبق في هونج كونج، وكأنهم يطمئنون أنفسهم وقد عقدوا العزم على أن يصبح النظام الاقتصادى ذاته للصين كلها. الجملة ذاتها تم التعبير عنها بتشبيه صينى آخر في غاية البلاغة يوم قال الزعيم الصينى «ليس المهم هو لون القطة، الأهم أن تكون قادرة على اصطياد الفئران»!!

كانت هذه هى الإشارات المبكرة للبراجماتية الصينية الجديدة، لكن هذه البراجماتية لم تكن تعنى-لدى الصينيين- أن تتخلى الدولة عن مسؤوليتها الاجتماعية لا سيما في مجالات التعليم والصحة، وهذا وجه آخر لبراجماتية ذكية ومرنة، مخططة ومدروسة.

 

(٢)

حين وطأت قدماى مطار بكين الجديد كنت أدرك أن التفاصيل الصغيرة هى التى تصنع في النهاية المشهد الكبير، وأنه من هذه التفاصيل تتكون دلالات الأشياء، مطار ضخم مبهر ينتقل فيه الركاب عبر قطارات داخلية سريعة وهادئة، ولا تخلو حداثته الواضحة من لمسات جمالية، وأسقف عالية متموجة تثير الخيال، لم ألمح في وجوه موظفي الجوازات في المطار هذه الصرامة الغامضة التى تشى بها وجوه موظفي الأمن في معظم مطارات العالم.

بل وجدت موظفين- رجالاً ونساء- يتعاملون مع الناس في لطف ظاهر. لاحظت أن كل منافذ الجوازات مفتوحة لاستقبال القادمين إلى الصين ومراجعة أوراقهم مما أسهم بالطبع في تقليص أعداد الصفوف المتراصة المزدحمة. في مطارات أخرى قد يتكدس المسافرون في صفوف طويلة مرهقة أمام عدد محدود من منافذ الجوازات المفتوحة بينما أغلبية المنافذ الأخرى مغلقة لأسباب غير مفهومة ، لا أعتقد أن من بينها قلة عدد ضباط الجوازات لا سيما في مجتمعات تنتشر فيها البطالة الحقيقية والبطالة المقنّعة، على حد سواء! حين استعان ضابط الجوازات الذي يفحص أوراقى بزميله ليسأله عن أمر ما فوجئت به يعتذر لى، لا لشىء إلا لأنه اعتقد أنه كان سبباً في تأخيرى!!

وأمام نافذة ضابط الجوازات في المطار توجد لوحة إلكترونية صغيرة يوجد مثلها عند كل منافذ المعاملات الإدارية في الدولة، الهدف منها هو استطلاع رأى المتعامل فتضغط على أحد أزرار أربعة لتعبر عن رأيك في مستوى الخدمة الإدارية المقدمة. فهل انتظرت طويلاً؟ وهل أنت غير راض عن مستوى الخدمة؟ أم أنت راض؟ أم أنك في غاية الرضا؟!

حين أبديت إعجابى بهذا المطار الضخم الحديث عرفت من مرافقى أنه افتتح في العام ٢٠٠٨ بمناسبة دورة الألعاب الأوليمبية التى استضافتها الصين. قلت لمرافقى إنه إذن مطار المستقبل! ضحك في خجل قائلاً نحن الآن بصدد إنشاء مطار آخر أكثر اتساعاً وحداثة ليواجه متطلبات انفتاحنا على العالم!



     1   2   3   4    



-في مقابلة خاصة:الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي يقول إن الجميع يسعى إلى الانفتاح على ثقافات العالم
-حضارة واحدة -- مشروع للترجمة من الصينية للعربية (صور)

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :