الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
يوميات مراسل شينخوا في غزة
وعلمت عبر الهاتف ان هناك قتلى واصابات في المكان فقررنا انا وزملائي بالمكتب الذهاب الى المنطقة رغم المخاطر.. اسرعنا جميعا انا وزميلي وصديقي شهدي الكاشف مراسل ((بي بي سي)) العربية ومصوره وعدد من الصحفيين الاخرين تجمعنا بسرعة اسفل البرج الذي به المكتب وتحركنا بسيارتهم المصفحة.... وصلنا الى المكان ....وهناك كانت المفاجئة.. دمار شامل في المكان..
شعرت بغصة في قلبي عندما شاهدت المسجد الذي احببت الصلاة فيه عبارة عن كومة من الانقاض تتدلى منه الكتل الخرسانية واسياخ الحديد من بينها كأن زلزالا لحق به .. كانت سيارات الاسعاف قد وصلت قبلنا الى المكان واستطعنا مشاهدة بعض القتلى من صغار السن الذين انتشلوا من تحت انقاض منزل بالقرب من المسجد سقط على ساكنيه... الواجهات السكنية المجاورة دمرت واجهاتها الامامية بينما السيارات اسفل تلك البنايات قسمت الى نصفين بسبب الانقاض التى سقطت عليها.
وبينما نحن في وسط هذا كله صرخ اناس من حولنا الطائرات عادت مجددا اسرعوا .... خرجنا من المكان وركبنا السيارة.. وغادرنا المنطقة. وفي الطريق الى المكتب اتصل بنا زملاء ليخبرونا بوجود غارة اخرى في منطقة حي الصحابة الذي يبعد نصف كيلومتر عن المكان الذي كنا به فتوجهنا الى هناك....وصلنا قبل سيارات الاسعاف والدفاع المدني هذه المرة وكان المصورون معنا يلتقطون الصور.
وبينما كنت أدون مشاهد الدمار والخراب الذي لحق باحدى الورش ومن حولها شاهدت بعض الرجال يصرخون بوجود جريح في المكان ينزف الدماء فهرعنا إليه .... وزملائي يلتقطون الصور له لم أتمالك نفسي وكدت ان ابكي عندما صرخ بنا احد الجيران خذوه إلى المستشفى انه سيموت...
فطلبت من زميلي زياد المنتج أن نحاول مساعدته لننقله الى سيارتنا وبمجرد اقترابنا منه وصلت سيارة الاسعاف ونقلته مع جريح آخر الى المستشفى بعدها علمنا ان الاطباء بتروا له ساقه وهو على قيد الحياة.
عدنا الى المكتب وانا متشائم جدا من هذا اليوم ...رغم حبي وتقديسي له. الهجمات مستمرة ودوي الانفجارات يسمع من كل حدب وصوب ... وفي الطريق مررنا بالقرب من مسلحين فلسطينيين خرجوا فجأة واطلقوا صواريخ باتجاه اسرائيل ومن ثم اختفوا.
اتصل والدي عبد الجواد على هاتفي النقال " كيف الحال أين انت؟" لم اشأ ان اقول له الحقيقة انني اعمل بالقرب من القصف لانه سيجن جنونه لخوفه جدا علي فاضطررت ان اقول له اتابع العمل من المكتب ..فقال لى "دير بالك على حالك" لأجيبه "ان شاء الله"، وواصلنا طريقنا .
الشوارع فارغة والمحلات مغلقة انه اشبه بحالة (حظر تجول) الكل خائف والكل يختبئ في بيته. وصلت الى المكتب جرس الهاتف مرة اخرى من زملاء لي في جنوب قطاع غزة ... قصف جديد على الحدود المصرية .. واخر على خان يونس والمنطقة الوسطى ...هل هناك شهداء (قتلى) نعم نعم قالوا لي زملائي .
اجريت اتصالات مع المسعفين وبعض شهود العيان بالقرب من المنطقة ومع المستشفى، ستة قتلى في خان يونس واثنين في رفح وآخرين في النصيرات .... ضربات دامية. الهاتف يرن بنغمات راقصة تتناقض كليا مع ما أمر به من ظروف هذه المرة زوجتي : الو كيف حالك ؟ أجبتها بخير زوجتي : لا تتحرك ولا تتنقل الطائرات تستهدف كل مكان خليك بالمكتب أرجوك؟ أجبتها حاضر لا تخافي أنا بالمكتب. سألتها كيف الأولاد بخير؟ زوجتي بخير ... خلي بالك عليهم وبوسيهم وقليلهم بابا بحبكم... زوجتي : الأفضل أن تتحدث إليهم أنت أنهم مشتاقون لك... قلت لها مازحا: هل الأولاد فقط ...ضحكت ولم تجب ... فبادرت أن شاء الله يتحسن الوضع واحضر لرؤيتكم .
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |