الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

من دبلوماسية البقاء إلى دبلوماسية الانطلاق (صور)


الصين تتطور ومعرفة الغرب للصين تتغير

شهدت الصين تغيرا هائلا منذ انتهاجها سياسة الإصلاح والانفتاح. لم يتوقع أحد، حتى نحن، هذا التغير المذهل وهذا التأثير العميق. وقد تطورت معرفة الغرب للصين بلا انقطاع، من "نظرية الشك" إلى "نظرية انهيار الصين" إلى "نظرية تهديد الصين"، وصولا إلى "نظرية المسؤولية" حاليا، مصدر هذا التغير هو التنمية السريعة التي حققتها الصين في السنوات الثلاثين الماضية.

من سنة1978 إلى سنة 1989، في فترة الحرب الباردة،، كانت الدول الغربية تنظر إلى الصين من زاوية المواجهة دائما لاعتقادها أن الصين لن تنجح أبدا في تحقيق التحديث. لذلك يمكن تلخيص النظرة الأجنبية للصين في هذه الفترة بأنها "نظرية الشك"، بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي الذي دخل الصين في الاثنتي عشرة سنة من 1978 إلى 1989خمسة عشر مليار دولار أمريكي، هذا الرقم متواضع للغاية إذا قورن مع الرقم الحالي وهو نحو 800 مليار دولار أمريكي.

من عام 1989 إلى عام 1996، حلت "نظرية انهيار الصين" التي ترى أن الصين ستنهار محل "نظرية الشك"، بل احتلت نظرية انهيار الصين المكانة الرئيسية في العالم الغربي. شهدت مدينة بكين في الفترة ما بين ربيع وصيف سنة 1989 اضطرابا سياسيا، فرضت بعده الدول الغربية عقوبات جماعية على الصين. في تلك الفترة كانت دول شرق أوروبا تعيش تغيرات كبيرة، ويتجه الاتحاد السوفيتي إلى التفكك. لذلك ساد من الغرب اعتقاد بأن الصين لن تصمد أمام تيار التغير الهائل بالعالم، وستنهار بالتأكيد.

في اليوم الثاني من يوليو 1997، اندلعت الأزمة المالية الآسيوية، الأمر الذي فرض ضغطا كبيرا على الصين لتخفيض سعر صرف عملتها (رنمينبي). أعلنت حكومة الصين للعالم بحزم أنها لن تخفض قيمة رنمينبي. نفذت الصين ما وعدت به فتوقف تيار انخفاض العملات الآسيوية عندما وصل إلى بوابة الصين، فأنقذت الصين الدول الآسيوية من دورة ثانية لانخفاض قيمة عملاتها، ومنحتها وقتا للخروج من المأزق. إلى جانب ذلك اتخذت حكومة الصين إجراءات فعالة لتنشيط الطلب المحلي. لقد استطاعت التنمية الاقتصادية الصينية تحقيق نمو مستقر وبمعدلات عالية ودفعت انتعاش الاقتصاد الأسيوي.

بعد الأزمة المالية الآسيوية، أدرك الغرب أن قوة نهوض الصين لا تقاوم، فاختلق "نظرية تهديد الصين" لتحل محل "نظرية انهيار الصين". كان لتلك النظرية سوق كبير في العالم الغربي. كان منطقهم بسيطا: الاتحاد السوفيتي الذي حكمه الحزب الشيوعي، بعد أن ازدادت قوته، بدأ التوسع والعدوان؛ الصين التي تخضع لقيادة الحزب الشيوعي أيضا، سوف تسلك بالتأكيد طريق الاتحاد السوفيتي بعد أن تتعاظم قوتها.

في 21 سبتمبر 2005، ألقى روبرت بروس زويليك، نائب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كلمة بعنوان "إلى أين تتجه الصين" في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، قال فيها إن الصين ينبغي أن تكون "مساهما مسؤولا". عكست الكلمة إلى حد ما تطور معرفة العالم الغربي للصين. "نظرية المسؤولية" تختلف عن نظرية "الشك" و"نظرية الانهيار" و"نظرية التهديد"، حيث ترى النظريات الثلاث الأخيرة أن الصين ليست جيدة، بينما ترى "نظرية المسؤولية" أن الصين قد تستطيع أن تفعل شيئا مفيدا، لذلك تعتبر هذه النظرية نوعا من التغير. بالطبع، يختلف رأينا عن الغرب في تحديد مجال "المسؤولية". المسؤولية التي نتحدث عنها مسؤولية تنطلق من المصالح الأساسية للشعب الصيني وشعوب العالم، وتتفق مع مكانة الصين في العالم، هذه المسؤولية ليست محددة من قبل الغرب.

لم تظهر "نظرية المسؤولية" مصادفة، فذلك له علاقة وثيقة بقوة نهوض الصين. يعلم الناس أن منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا مكان لجس نبض العالم. في عام 2007، ظهرت في هذا المنتدى مناقشة كبيرة بعنوان "أي عالم تريده الصين". اشتركت في المناقشة، كما اشترك فيها تشنغ سي وي، نائب رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وشخصيات أوروبية وأمريكية كبيرة. لقد مارست العمل الدبلوماسي عشرات السنين، وحضرت كثيرا من المؤتمرات الدولية، لكني لم أشترك في أي اجتماع بعنوان "أي عالم تريده الصين". لم يكن ظهور هذا العنوان مصادفة، فخلال أكثر من مائة سنة بعد حرب الأفيون التي نشبت عام 1840 لم يحدث قط أن سأل العالم: أي عالم تريده الصين؟ تعرضت الصين للظلم والاضطهاد في فترات طويلة في الماضي، ولم يكن العالم في حاجة ليسأل الصين عن رأيها في بناء العالم. لكن العالم بدأ يستمع إلى رأي الصينيين في بنائه.

اليوم يشهد هيكل العالم تغيرا عميقا، كما يشهد ميزان القوى تغيرا سريعا وشديدا، حيث تنهض مجموعة من الدول النامية، تنهض الدول التي يشكل إجمالي تعداد سكانها نصف سكان العالم، وهذا أمر غير مسبوق في التاريخ. على هذه الخلفية حدثت الأزمة المالية، بعد الأزمة، سيظهر تدريجيا هيكل جديد في العالم سيكون هيكلا متعدد الأطراف، وسيصبح للدول النامية قول أكبر، ولن تكون سيطرة الدول الغربية مطلقة. لقد قال رئيس الصين هو جين تاو: "الصين لن تنفصل عن العالم في تنميتها، ولن ينفصل العالم عن الصين في تحقيق ازدهاره واستقراره." وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أيضا إن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج العالم، والعالم يحتاج الولايات المتحدة الأمريكية. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن تيار التاريخ لا يمكن مقاومته.

 

(العدد 10، 2009، مجلةالصين اليوم)

 

شبكة الصين / 12 أكتوبر 2009 /

 



     1   2   3   4  



-"لابد من الاستماع إلى آراء الصين حاليا في أي عالم علينا أن نقيمه" (صورة)

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :