الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

من دبلوماسية البقاء إلى دبلوماسية الانطلاق (صور)


خلال ستين عاما مضت، ارتفع عدد الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين من 18 إلى 171 دولة.

الصين المتحفظة

عملت في الأمم المتحدة وقتا طويلا، ولا أزال أتذكر أول رحلة لي إلى نيويورك، سنة 1971.

في ذلك الوقت، لم يكن هناك خط طيران مباشر بين بكين ونيويورك، فسافرنا من بكين إلى شانغهاي، لنستقل طائرة إير فرانس إلى باريس، ثم إلى نيويورك بطائرة أخرى. عندما هبطت الطائرة في مطار كنيدي بنيويورك، قال لنا أحد أفراد طاقم الطائرة إن أكثر من 500 صحفي ينتظروننا في المطار. كانت الصين منغلقة على نفسها نسبيا. بعد نزولنا من الطائرة، قرأ رئيس الوفد الصيني تشياو قوان هوا تصريحا صحفيا معدا مسبقا، ثم غادر المطار مباشرة، بعد ذلك طرح الصحفيون علينا كثيرا من الأسئلة ولم نجب أي سؤال منها.

عبرت الأمم المتحدة عن ترحيبها بقدومنا. قبل وصولنا كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقدت جلسة خاصة للترحيب بالوفد الصيني، وعبر مندوبو كثير من الدول عن آرائهم بحماسة. كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعارض استعادة الصين لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. مندوب الولايات المتحدة، جورج بوش الأب، لم يستطع أن يستقر في مقعده بعد أن استمع إلى كلمات الوفود الحماسية، وفي نهاية الجلسة ألقى كلمة قال فيها: "نحن نعارض مجيئكم إلى هنا، لكنكم أتيتم، فمرحبا".

كان هناك فضول كبيرة من وفود مختلف البلدان والأمريكيين أنفسهم تجاهنا، فكان كثير من الصحفيين ينتظرون في الفندق الذي نزلنا فيه ويسألون العاملين فيه: ماذا أكل هؤلاء الصينيون اليوم؟ وكأننا أتينا من كوكب آخر، وأصبحت كل حركة وكل كلمة لنا خبرا.

عرفنا أسلوب عمل الأمم المتحدة بسرعة، الأمر الذي أثار إعجاب وفود الدول الأخرى. بعد فترة قصيرة من وصولنا إلى الأمم المتحدة بدأ مجلس الأمن يناقش المشاكل بين الهند وباكستان، كانت المناقشة عنيفة. كان مبدأنا واضحا: أولا، حماية المصالح الصينية؛ ثانيا، الوقوف إلى جانب الدول النامية، ودعم حركات التحرر من الاستعمار؛ ثالثا، معارضة التوجهات التحريفية السوفيتية. لذلك كنا نشيطين في إلقاء الكلمات، وكان تقدير الوفود لنا جيدا.

يمكن تقسيم معرفتنا للأمم المتحدة إلى عدة مراحل، وذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بوضع الصين الداخلي. كانت المرحلة الأولى مرحلة المواجهة، من عام 1971 إلى عام 1976، مع انتهاء فترة الثورة الثقافية التي استمرت عشر سنوات. بسبب تشويش الأفكار "اليسارية"، كانت قوتنا مركزة على تأييد الدول النامية ومعارضة القوتين العظميين، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ولم نهتم بشؤون أخرى.

بعد تبني الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، ازدادت مشاركة الصين في الفترة ما بين عامي 1978 و1992، في الشؤون الدولية. قبل ذلك لم يكن لنا اهتمام كبير بقضية نزع السلاح، بدأنا نشترك فيها تدريجيا. كنا نرى أن قضية حقوق الإنسان ليست إلا تعبيرا عن نظرية القيم للغرب، لكن الصين حاليا عضو في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة.

المرحلة الثالثة من عام 1992 إلى يومنا هذا. في هذه المرحلة شهدت الدبلوماسية الصينية تغيرا كبيرا، حيث اشتركنا بنشاط في عمليات حفظ السلام ونزع السلاح ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وحقوق الإنسان وغيرها من القضايا.

بالطبع كان يقع أحيانا "شجار"، كما في قضية حقوق الإنسان. بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تقديم مشروع لمعارضة الصين حول قضية حقوق الإنسان عام 1989، رغم أنها فشلت كل سنة. تستخدم الدول الغربية حقوق الإنسان وسيلة للضغط على الدول النامية، وهذا أسلوب تبغضه الدول النامية بشدة. في سنة 1996 بدأت عملي كمندوب للصين لدى الأمم المتحدة، فسعيت إلى تكوين رأي موحد في هذه القضية مع الدول التي لها رأي مماثل، وكانت أهمها الدول النامية مثل الهند وباكستان وسريلانكا والجزائر الخ. أثناء المناقشة التي أجريت في اليوم التالي لاجتماع حقوق الإنسان في ذلك العام، ألقى سفراء بضع عشرة دولة نامية كلمات بالتتابع. كانت كل الكلمات تعارض المجابهة وتدعو إلى الحوار، وتعتقد أن أجواء المجابهة تخيم على اجتماعات المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وأن ذلك لا يفيد في دفع تنمية قضية حقوق الإنسان. بذلك أفشلنا المشروع الأمريكي، وأفشلنا المشروع الأمريكي مرة أخرى عام 1997. ثم توقفت الولايات المتحدة الأمريكية عن تقديم مشروع معارضة الصين في قضية حقوق الإنسان عام 1998.



     1   2   3   4    



-"لابد من الاستماع إلى آراء الصين حاليا في أي عالم علينا أن نقيمه" (صورة)

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :