الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

من دبلوماسية البقاء إلى دبلوماسية الانطلاق (صور)


وو جيان مين

وو جيان مين رئيس جامعة الصين للشؤون الخارجية

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، انتهجت الصين سياسة سلمية تغيرت مضامينها وبؤر اهتمامها في المراحل المختلفة، حيث تطورت من سياسة الحفاظ على البقاء إلى العمل على التنمية، ومن المسرح الصغير إلى المسرح الكبير، ومن السعي إلى إبداء آراء متميزة إلى إيجاد أرضية مشتركة، ومن النضال إلى التعاون.

 

التضامن والنضال من أجل البقاء

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية سنة 1949، دخلت البلاد "مرحلة السعي للحفاظ على بقاء الصين الجديدة". وقد نجحت الدبلوماسية الصينية في تلك الفترة في كسر العزلة التي فرضها الغرب على الصين، وذلك من خلال التضامن مع دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ودعم حركة التحرر الوطني في تلك الدول. كانت المهمة الرئيسية للدبلوماسية الصينية مهمة سياسية.

كان عدد الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة في الفترة الأولى بعد تأسيسها جد قليل. في سنة 1955 كان العدد 23 دولة، ارتفع إلى 62 دولة سنة 1971، ثم قفز إلى 116 دولة سنة 1979. وحاليا يبلغ عدد الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين 174. توسع مسرح الدبلوماسية الصينية وصار يشمل العالم كله، وذلك لم يكن يتخيله أحد قبل ستين سنة.

خلال مسيرة حياتي العملية عملت مترجما لمؤسس جمهورية الصين الشعبية الرئيس ماو تسي تونغ مرتين، الأولى في نوفمبر 1965 عندما زارت الصين زوجة رئيس جمهورية الكونغو الشعبية ( برازافيل). والمرة الثانية في أكتوبر 1968 عندما زار الصين رئيس وزراء الكونغو (برازافيل). كان موقف الصين واضحا: الصين تناضل من أجل استقلالها وتحررها، بينما تؤيد حركات الاستقلال والتحرر الوطني في الدول الأفريقية، بهذا التأييد المتبادل تشكلت جبهة عالمية متحدة لمقاومة الإمبريالية والاستعمار.

لا أزال أتذكر بوضوح عندما زار الصين وفد حكومي من الكونغو برازافيل برئاسة رئيس وزرائها، حيث أجرى رئيس مجلس الدولة الصيني شو ان لاي محادثات طويلة مع الوفد. أطلع الوفد شو ان لاي على الوضع السياسي في وسط أفريقيا والصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا هناك والحصار الذي تتعرض له الكونغو من القوى المعارضة لها. وقال رئيس الوفد إن حكومته تستعد لتأميم السكة الحديد والميناء اللذين تسيطر عليهما فرنسا في نهاية عام 1969، وطلب رأي شو ان لاي، فقال له إن أهم عمل لرئيس الكونغو ماوين نجوابي هو الاهتمام بالقوة العسكرية لتمتين السلطة، فإذا تعجل وأمم السكة الجديد والميناء سيدخل في مواجهة مع فرنسا والدول المجاورة. ونصح شو ان لاي الوفد قائلا: لا تطردوا الذئب من الباب الأمامي وتتركوا النمر ليدخل من الباب الخلفي.. عليكم أن تكونوا في حذر شديد. إن أشرس عدو، وهو الإمبريالية الأمريكية، يجثم على الضفة الأخرى لنهر الكونغو.

وجد رئيس الوفد أن رأي شو ان لاي صائبا وقال إنهم سيحترمون رؤية الصين في معالجة الشؤون المعنية بفرنسا. تناولت المحادثات بين الطرفين أيضا القروض المالية والمساعدات العسكرية الصينية للكونغو والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين البلدين. كانت الكونغو تأمل الحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي من الصين، فقال شو ان لاي بوضوح، إن الصين، وفقا لواقعها الحقيقي، لا تستطيع تلبية كل طلبات الوفد، ودعا إلى تحقيق المنفعة المتبادلة من خلال التجارة المتبادلة. وقال إن تحقيق الاستقلال الوطني والتنمية الاقتصادية يعتمدان على القوة الذاتية رئيسيا، واستشهد بالمثل الصيني: الماء البعيد لا يطفئ الظمأ اللاهب.

هكذا كانت الدبلوماسية الصينية تركز في تلك الفترة على التضامن مع كل القوى التي يمكن التضامن معها، وتجنيد كل العناصر التي يمكن تجنيدها. كانت دول كثيرة تناضل في سبيل استقلالها، ولكل منها خصوصيتها، ولذا كان على الدول الآسيوية والأفريقية التي تسعى للاستقلال أو تعمل على حماية استقلالها أن تتضامن معا للحفاظ على خصوصياتها، وكانت الصين تواجه نفس القضية.



1   2   3   4    



-"لابد من الاستماع إلى آراء الصين حاليا في أي عالم علينا أن نقيمه" (صورة)

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :