الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
عباس جواد كديمي: الاقتراب من كونفوشيوس... فيلسوف الصين الأول (صور)
بقلم: عباس جواد كديمي
قد يثير عنوان المقال شعورا بأن كونفوشيوس بعيد، ونسعى للتقرب إليه بشكل أو بآخر، أو أنه قريب ونحاول التقرب منه أكثر. وهذا النوع من الشعور صحيح في كلا الحالتين، وأعني كونفوشيوس القريب البعيد، أو القديم المُتجدّد. هذا الفيلسوف الكبير قريب في الذاكرة وعلى اللسان، لكنه غامض للكثيرين الذين يترددون في الاقتراب أكثر من فلسفته وتعاليمه على أساس أنها معقدة صعبة على الناس العاديين، ويفضلون الاستماع لتعاليمه مَشروحةً مُبَسّطةً جاهزة، لا أن يقتربوا منها بأنفسهم ويتعرفوا على حقيقتها ويلمسوها ويشعروا بدفئها، ذلك الدفء الذي يبعث الانشراح والطمأنينة في النفس مثل ينبوع ماء رقراق، أو نسيم خريفي عليل، ويثير في الوقت نفسه الإعجاب بشخصية إنسانية فذة شغلت الدنيا في حينها، وظلّت خالدة إلى يومنا هذا رغم مرور أكثر من ألفين ومائتي سنة.
الملايين يعرفون كونفوشيوس، اسما وفلسفة وتعاليم وطقوسا، ولكن إلى أي مدى يعرفون حقيقة أقواله وسلوكياته التي جعلته بهذه المنزلة الكبيرة، بحيث قال تشاو بو، أول رئيس وزراء في إمبراطورية سونغ التاريخية الصينية، إنه يستطيع إدارة العالم (المعروف آنذاك) بنصف تعاليم كونفوشيوس. وهذا دليل على الأهمية والتأثير البالغين لتلك التعاليم في ذلك الزمن. أما أهميتها في يومنا هذا، فسنحاول قدر الإمكان إبرازها في هذا المقال عبر حِكَم أو عبارات مُنتقاة من أقواله وأقوال تلامذته في مناسبات عديدة مختلفة.
معبد كونفوشيوس في مدينة تشيويفو بمقاطعة شاندونغ
عرفناه نحن العرب باسمه المشهور الشائع كونفوشيوس، المأخوذ من اسمه الأصلي كونغ تشيو، الذي تحوّل إلى كونغ فو تسه، أي "المعلم كونغ". ومن هذا الاسم الأخير جاءت تسميته الشائعة خارج الصين، في الشرق والغرب، المعلم كونفوشيوس. ولد في أسرة عريقة، وأظهر منذ طفولته نبوغا وتميزا وشغفا واضحا بالعلم والمعرفة، والأخلاق الحسنة. فكان حتى في ألعابه مع أقرانه، يختار ما يتناسب مع التقاليد الاجتماعية السائدة، ويجسد الطقوس والشعائر المُتّبعة في ذلك الحين. شَبّ مُحبا للعلم مواظبا عليه، فذاع صيته بين القاصي والداني، حتى بات له أتباع أو تلاميذ بلغ عددهم نحو ثلاثة آلاف، من بينهم اثنان وسبعون نابغة، عملوا على تسجيل كل أقواله وسلوكياته، وأضافوا إليها ملاحظاتهم وملاحظة أساتذتهم، ثم وثّقوها في كتاب مشهور هو ((كتاب الحوار))، الذي نقله للعربية الشيخ الجليل المرحوم ما جيان، المعروف عربيا باسم محمد مكين. وقد تمّ نشر هذا الكتاب مؤخرا، وهو جدير بالاقتناء.
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |