الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
ثقافة المائدة عند الصينيين والعرب.. من "أكرم الضيف" إلى "أطعم الفم"-1 (صور)
يأكل الأب وابنه كباب
المشوي والمسلوق
وتعبيرا عن أهمية الطعام ودوره الأساسي في الحياة، قال الصينيون قديما: "بالنسبة للشعب، الطعام في المقام الأول"، ويقول العرب" الجوع كافر". ورحلة الطعام في الصين عمرها عمر حضارة الصينيين ذاتها، لدرجة يمكن معها القول بأن حضارة الصينيين بدأت من بطونهم. وكذلك الحال عند العرب الذين كانت قرابينهم للآلهة التي كانوا يعبدونها من الطعام، فقد كانت أصنام الكعبة تصنع من التمر مثلا. وإذا كان أهل مصر يقولون: "الذي بني مصر في الأصل حلواني"، فإن الكتابات التاريخية الصينية تؤكد أن فو شي، واضع أصول الحضارة الصينية، كان طباخا، ومن ثم يجوز أن نقول: "الذي بنى الصين كان في الأصل طباخا".
وعلى الرغم من افتتان العرب بالشواء وولعهم المعروف بالأطعمة المشوية، فالحقيقة هي أن الصينيين كانوا أول من اخترع واستخدم النار في الشواء، وبعد أن كان الإنسان الصيني يأكل الطعام نيئا صار يشويه. ويذكر كتاب صيني قديم يحمل عنوان ((تشو لي)) أي "طقوس تشو"، والمقصود هنا إمبراطورية أسرة تشو (1064 – 256 ق.م)، أن أول من اكتشف النار في الصين واستخدمها في الشواء شخص أسطوري اسمه سوي رن شي. وقد ظل الصينيون مئات السنين يشوون طعامهم في النار المفتوحة، سواء مباشرة على اللهب أو على ألواح حجرية تُحمى بالنار، قبل أن يعرفوا طريقة أخرى لطهي الطعام هي السلق. وكان أسلوب السلق الأول عبارة عن وضع أحجار ساخنة في أوعية من الخشب والحجر والجلد مملوءة بالماء حتى يصل الماء درجة الغليان. وقد أدى اختراع الصينيين للأواني الفخارية إلى جعل عملية غلي الماء وسلق الطعام أكثر سهولة، حيث يمكن وضع الوعاء الفخاري مباشرة على النار.
كان التطور التالي في الطهي عند الصينيين هو الطبخ على البخار، إذ تشير المكتشفات الأثرية في الصين إلى أن أوعية الطعام المطهو على البخار كانت مستخدمة في زمن أسرة ين (القرن 14- القرن 11 ق.م). ومازال أشهر أنواع الخبز الصيني الذي يسمى بالصينية "مانتو" يُنضَج على البخار، ومازال الصينيون يطهون الأرز على البخار حتى يومنا هذا. في بقعة أخرى من أرض الشرق، اكتشف المصريون القدماء النار واستخدموها، ليس فقط في طهي الطعام وإنما أيضا في صناعة الخزف، الذي استخدموه، مثل الصينيين، كأوان للطعام. كان المصريون يطهون بعض الأطعمة باستخدام أفران تُشعَل من أسفلها وعلى سطوحها ثقوب وانخفاضات دائرية مختلفة السمك والحجم؛ مما يسمح للطعام بأن يُطهى عند درجات حرارة مختلفة.
في الصين، بعد الأدوات الحجرية والأواني الفخارية ظهرت أواني الطعام المصنوعة من البرونز، ثم من الحديد، ومن أشهر تلك الأوعية ما يسمى بالصينية دينغ، وهو وعاء له ثلاث أو أربع قوائم تجعله مستقرا عند وضعه على الأرض. وكان دينغ، إلى جانب استخدامه كوعاء للطعام والماء، يستخدم أيضا في الطهي بوضعه فوق النار. وفي زمن أسرتي شانغ وتشو كانت أواني دينغ البرونزية والحديدية أدوات مطبخ ومائدة ذات قيمة عالية في ذلك الزمان. ونظرا لارتفاع تكلفتها كان يقتني أواني دينغ الأثرياء وأصحاب النفوذ في المجتمع، وصارت رمزا للوجاهة والثراء والمكانة العالية والوضع الاجتماعي، وفي النهاية باتت رمزا للسلطة الإمبراطورية. وخلال فترة أسرة هان الإمبراطورية بدأت أدوات المائدة الخزفية في الظهور، واستمر تفوق الصينيين في صناعة الخزف، حتى صارت الأدوات الخزفية تسمى عند العرب "الصيني"، وفي الغرب يسمونها "تشينا"، أي الصين.
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |