حفلات زفاف صينية في عصر العولمة (صور)

• حفلات عرس بملابس رسمية في فنادق فاخرة وأخرى تقليدية في المقاهي العامة
• شركات الزفاف تربح وأهالي العروسين يتحملون التكاليف
• في حفلات الأثرياء لا تحسب أن أهل الصين كلهم من أصحاب الملايين

استطلاع: عـادل صـبري

حفل زفاف جماعي في مدينة نانجينغ في 23 أكتوبر 2010

على مدى أربع حلقات متتالية، قدمت المذيعة آي شو "Eyee Hsu" في برنامجها الأسبوعي على قناة CCTV9 حوارات مع أشهر مصممي الأزياء حول فساتين الزفاف. واستعرض البرنامج حفل زفاف أميرة ويلز الراحلة ديانا سبنسر، وتناول على مدار حلقة كاملة "كتاب دليل الزفاف" (Wedding guide book) بعرض عملي لتصميمات 27 فستانا منه، خلال استضافة مصممتي الأزياء الصينيتين قوه لينغ لي ولونا لي. عرض البرنامج قصصا أسطورية لحفلات الزفاف، مع التركيز على ما ارتدته جاكلين كيندي، زوجة الرئيس الأمريكي الراحل جون كيندي، في حفل زفافها للملياردير اليوناني أوناسيس. ما خرجت به المذيعة مع ضيوفها هو أن العروس في عصر العولمة يجب أن ترتدي في ليلة العمر، فستان زفاف راقيا.

بعد أيام من مشاهدة البرنامج، واعتقادي أن هذه الحلقات موجهة لفئة محددة من المجتمع، حللت ضيفا بالصدفة على العديد من حفلات الزفاف في شانغهاي ومدن أخرى بجنوب شرق الصين. وشاءت الأقدار أن أشهد حفلات أخرى في قلب العاصمة بكين ومدينة تيانجين، لأجد أن ما ذكرته المذيعة ليس موضوعا عارضا إنما يعكس التغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع الصيني بعمق.

تجهيز قاعة في فندق لحفل زفاف

حفلة مليونير

في شانغهاي صحبني الصديق تشانغ بينغ شون، عضو جمعية الصحفيين لعموم الصين، إلى حفل زفاف في فندق جراند سنترال الواقع في وسط المدينة. ظن الصديق أنني أريد ان أشاهد مراسم الزفاف لأنها تقام قبل منتصف النهار، ولكنني أخبرته بعجبي من المشهد الذي رأيته في بلد مازال شيوعيا. فالعروس ترتدي فستانا فاخرا وحولها مجموعة من أفراد العائلة والأصدقاء في حدود المائة مدعو، وبعضهم يلبس حلي من الماس وغيره من المجوهرات، بما يدل على الثراء الفاحش. وعندما اقتربت لتهنئة العروس دعاني والدها إلى الجلوس في المقاعد الوثيرة وسط مأكولات شهية، وضيوف يرتدون أحدث الملابس وأغلاها ثمنا. لون فستان الزفاف الأبيض العاجي الفاقع، دفعني إلى سؤال والد العروس عن الأسباب التي دفعته لتحمل تكاليف هذا الحفل الفخم الذي لم يستغرق أكثر من ساعتين. قال الرجل الذي يملك سلسلة من الشركات العاملة في تجارة المعادن، إن العروس ابنته الوحيدة وأنها أصرت على إقامة حفل الزفاف في هذا الفندق الكبير كي يشاركها أصدقاؤها في الاحتفال بعرسها. وقد حرصت على مرافقة العروس، من قاعة الفندق حتى ركوبها سيارة BMW من الفئة الخامسة مزينة بالورود الطبيعية وملونة بنفس لون فستان الزفاف.

ظننت في بداية جولة طويلة في الصين أن حفل زفاف عروس شانغهاي حالة استثنائية، معتقدا أن أهل شانغهاي هم الأكثر تأثرا بالعادات الغربية والأكثر ثراء في الصين، فإذا بجولة في قلب مناطق شرقي الصين تكشف لنا عن المزيد من أسرار حفلات الزفاف والزواج. عندما وصلت إلى مدينة تايتشو على مسافة 250 كم من شانغهاي، شاهدت في مدخل الفندق الذي أقمت به العديد من حفلات الزفاف. في الحالة الأولى، التي جرت أثناء انهاء إجراءات الإقامة، دخلت العروس والعريس وسط كوكبة من الأهل والأصدقاء ينثرون الزهور على العروسين وهما في طريقهما من السيارة حتى قاعة الاحتفال. وعندما طلبت الإذن بحضور المناسبة، وجدت ترحيبا حارا من أهل العروسين، مما شجعني على السؤال عن تكاليف الزفاف على الطريقة الصينية. أبلغتني أم العروس بأن أهل العروسين يتقاسمان تكاليف الحفل، بينما يحرص العريس على أن يشتري لعروسه الفستان الذي تريده، كما يحدث في حفلات الزواج العربية. وقال مسئول محلي كان برفقتي، إن عادات الشباب الصيني تغيرت، فصاروا يرتدون الأزياء الغربية في حفلات الزفاف، مشيرا إلى أن بعض العائلات تنظم حفلات تقليدية للزفاف في منازلها أما الحفل الرسمي فيقام في الفنادق للقادرين على تحمل أعباء الحفلات. وقال إن العائلات أصبحت أكثر حرصا على الاحتفاء بالعروسين لأن الأسرة ليس لديها غير طفل واحد، وعندما يكبر يصبح مركز اهتمام الجميع ويتحمل الآباء أية أعباء مالية في سبيل أن تجري مراسم العرس بين الأهل وعلى مقربة من جميع المحبين. وفي أغلب الأحيان يشتري الأهل الشقة لسكن العروسين، فإذا لم يجدا فإنهما يعاونان العريسين في توفير الإيجار وبعض نفقات الزواج، خاصة أن أسعار الوحدات السكنية مرتفعة في كل المدن الصينية، بينما تكون الأعباء أقل على الشباب الذين يفضلون الإقامة في المناطق النائية.