الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

سفير سورية السابق: الدول العربية تعتبر الصين دولة صديقة (صور)


توجه استهلاكي متزايد عند الصينيين

الصين اليوم: ننتقل إلى مركز دراسات الصين وآسيا. نود أن تعرفنا بهذا المركز، وماذا يمكن أن يضيف إلى حقل الدراسات الآسيوية في الدول العربية، خاصة مع وجود مراكز مماثلة أخرى؟

السفير خير الوادي: كما أشرت سابقا، مهمة هذا المركز هو اطلاع القارئ العربي المتخصص والمهتم بقضايا الصين وآسيا على الأوضاع في هذه المنطقة المهمة في العالم، نظرا لأهمية الدور الذي تلعبه الصين، وكذلك نظرا لأن آسيا هي القارة الأكبر في العالم، والتي سيكون لها التأثير الحاسم في تحديد مصير البشرية. وجهة نظري أن مركز الثقل الاقتصادي والفكري والحضاري سيعود مرة أخرى إلى الشرق، وآسيا هي قلب هذا الشرق. ولابد من رصد هذا الأمر ومواكبته على صعيد البحوث والدراسات، وهذا ما سنفعله. المركز موجه بالدرجة الأولى إلى صانعي القرار العربي تجاه الصين وآسيا وإلى الباحثين المهتمين بالاستفادة والاطلاع عن كثب على تطورات الأحداث في هذا المنطقة. والمركز يهدف أيضا إلى تجميع الفعاليات الفكرية والبحثية العربية المهتمة بالصين، وقد بدأنا ذلك. ونأمل أن يكون هذا المركز منبرا لهذه الفعاليات المهتمة بالصين وآسيا ، وتجدر الإشارة إلى أن هذا المركز هو أول مركز بحوث عربي مختص بقضايا الصين.

 

الصين اليوم: هل تربط المركز علاقات بمراكز ومؤسسات بحوث في الصين، وهل يتعاون المركز مع المراكز المماثلة في العالم؟

السفير خير الوادي: لم يمض على تأسيس المركز سوى عدة أشهر وخلال هذه الفترة تم الاتصال بعدد كبير من مراكز البحوث العربية المختلفة والاتفاق على التعاون معها. أما فيما يتعلق بمراكز البحوث الصينية فقد أجريت لقاءات مع عدد من مراكز البحوث الصينية وتم الاتفاق معها على القيام بالتعاون والقيام بأنشطة مشتركة في مجال البحوث وتنظيم الندوات والفعاليات الفكرية حول قضايا مختلفة تهم الصين وآسيا. كما أن المركز بصدد القيام باتصالات مع مراكز البحوث في كل من روسيا واليابان والهند وغيرها من الدول الآسيوية، وتم الاتصال أيضا بعدد من مراكز البحوث العالمية المختصة بالصين وناقشنا إمكانية التعاون المشترك. وأنا أعبر عن ارتياحي للنتائج التي تحققت حتى الآن في هذا المجال.

 

الصين اليوم: كسفير سابق لسورية لدى الصين، ما هي النصيحة التي توجهها لصانعي السياسة العرب عندما يتعلق الأمر بالصين؟

السفير خير الوادي: صحيح أن هناك سمات مشتركة كثيرة بين العرب والصينيين، ولكن الصحيح أيضا أنه توجد فروق ثقافية وفكرية كبيرة بين الجانبين. وعلى المسؤولين العرب أن يعوا أن الصيني غير العربي، فالمواطن الصين متشرب حتى النخاع بالأفكار الكونفوشية، وهو قد عاش في ظل نظام شيوعي متشدد تعلم فيه الالتزام وروح الجماعة، وهو قد عانى كثيرا من تدخل الأجانب الغربيين الذين حاولوا إذلاله. ولذلك لابد من أن نتفهم أن الصيني لا يصدق بسهولة الأجانب ومنهم العرب، وهو يترك لنفسه فسحة لاختبار نيات الغرباء، ومتى تأكد من حسن النوايا ونزاهة التصرفات، فهو سيكون على استعداد لإقامة علاقات تنتهي بالصداقة. هذا أولا. وثانيا، هناك سمة عامة في الصين وهي البطء في اتخاذ القرارات. والسبب هو أن الصين دولة مؤسسات، الأمر الذي يعني أن أي قرار يشبع نقاشا في المؤسسات الدنيا قبل أن يصل إلى أصحاب القرار. وهذا يحتاج إلى وقت، إضافة إلى الروح الجماعية للصينيين والتي تفرض عدم استئثار فرد بعينه بالقرار. ثالثا، تعودنا في الدول العربية أن يُتخذ القرار من قبل فرد، وهو رئيس الدولة، أما في الصين فالقرار يُتخذ عبر شبكة معقدة من المؤسسات المختلفة، سواء في قيادة الحزب الشيوعي الصيني أو في مجلس الدولة أو في الوزارات والمؤسسات الأخرى المختصة. ولهذا ينبغي ألا يُفاجأ الزعماء العرب الذين يزورون الصين إذا اعتذر الصينيون عن عدم تلبية طلباتهم في اتخاذ قرارات واتفاقيات فورية لم يتم الإعداد لها مسبقا. وهذا الأمر ينبغي أن لا يثير حفيظتهم لأن أسلوب القرار الصيني يأتي عبر النفس الطويل. كما يجب القول إن العواطف تأتي في المرتبة الأخيرة في عوامل اتخاذ القرار في الصين. بالتأكيد العلاقات الشخصية لها تأثير، ولكنها ليست حاسمة في اتخاذ القرارات. كما تجدر الإشارة إلى أن بعض القرارات التي تهم الدول العربية تُطرح من موظفي من مرتبة متوسطة، لذا يجب علينا أن لا نهمل أهمية الحلقات المتوسطة في اتخاذ القرار الصيني. هذا في مسألة اتخاذ القرار. وهناك موضوع آخر لابد من التطرق إليه، وهو أن الصين تحكم على مدى نجاح علاقاتها مع الدول الأخرى من خلال المؤشرات الاقتصادية لهذه العلاقات. فكلما ارتفعت أرقام التبادل التجاري، زاد الاهتمام الصيني بهذا البلد. بكلمات أخرى، لقد فصلت الصين الاقتصاد عن السياسة والأيدلوجيا معطية الأولوية للعوامل الاقتصادية. فالصداقة تكون أقوى إذا تم رفدها بصفقات تجارية، ونجاح الزيارات إلى الصين يُقاس بمدى الدفع الذي يقدمه الضيف الزائر للعلاقات الاقتصادية. وهذا ينبغي أن يأخذه الزوار العرب بعين الاعتبار. والنقطة الأخيرة التي أود الإشارة إليها هي أن الصينيين ماهرون جدا في إجراء المفاوضات المختلفة. فلديهم الصبر والقدرة على طرح البدائل التي لا تغير من الجوهر والتمسك الشديد بالمواقف وإدخال الطرف الآخر في متاهات تفاوضية لا تنتهي. لقد أتقنوا فن المفاوضات ودفع الآخرين لتقديم التنازلات إلى حد أن أحد كبار المسؤولين الأوربيين أعلن مازحا قبيل زيارته للصين لإجراء مفاوضات، بأن عليه أن يتعلم التنفس الطويل تحت الماء حتى يجاري الصينيين في طول النفس.

 

(العدد 10، 2009، مجلة الصين اليوم)

 

شبكة الصين / 10 أكتوبر 2009 /



     1   2   3  



-السفير السوري يعرب عن ارتياح بلاده لمستوى العلاقات بين البلدين

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :