الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

سفير سابق: العلاقات المصرية الصينية ودلالات التجربة (2)


سفير سابق: العلاقات المصرية الصينية ودلالات التجربة

 

نشرت صحيفة ((الأخبار)) المصرية سلسلة من مقالات كتبها السفير المصري لدى الصين سابقا د. محمد نعمان جلال، الخبير في الشؤون الدولية والصينية، فيما يلي الحلقة الثانية من هذه السلسلة التي نشرت 8  أغسطس.

 

العلاقات العربية المصرية الصينية.. دلالات التجربة (2)

د. محمد نعمان جلال، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية

عملت مع السفراء العرب والأفارقة لتنشيط العلاقات مع الصين وطرحت في أول اجتماع حضرته مع المجموعة اقتراح دعوة وزير خارجية الصين في لقاء أفريقي للتحدث إلينا، فقالوا إنه مشغول ولا يجتمع كثيرا مع السفراء، وسبق أن قدموا إلى الخارجية اقتراحا مشابها ولم تتم الاستجابة له، فقلت اتركوا لي هذه المهمة، فوافقوا وهم شبه متأكدين بأنها لن تتحقق، كما وافقوا أن يكون مثل هذا اللقاء إذا حدث في السفارة المصرية، وهكذا أمكن عن طريق الأصدقاء من الصينيين إقناع الوزير بعمل لقاء مع المجموعة الأفريقية في منزل السفير المصري والتحدث إليهم وبالفعل تم اللقاء، وتحدث الوزير وعميد السلك الأفريقي سفير نيجيريا وأنا. وكان هذا اللقاء هو اللبنة أو البذرة الأولى فيما عرف بعد ذلك بمنتدى التعاون الصيني الأفريقي الذي تم تدشينه عام 2000 قبل عام من انتهاء عملي في الصين، الذي تم وفقا لقرارات وزارة الخارجية بنقلي بعد ثلاث سنوات والنصف من العمل في الصين، رغم أنني كنت أقوم بالإعداد للزيارة الثانية للرئيس مبارك بعد زيارته الناجحة عام 1999 والتي تم فيها تدشين اتفاق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والصين ووقعه الرئيس الصيني جيانغ تسه مين مع الرئيس مبارك الذي ألقى محاضرة هامة في جامعة بكين العريقة والتي قدمت له الدكتوراه الفخرية كما ألقت السيدة الفاضلة سوزان مبارك محاضرة بجامعة شانغهاي للدراسات الأجنبية التي منحتها لقب أستاذ مستشار للجامعة وأنشأت مكتبة باسمها في الجامعة.

وفي اللقاء الأفريقي مع الوزير الصيني طرح الوزير الصيني الفكر الخاص بمنتدى التعاون الصيني الأفريقي لأول مرة في منزل السفير وسجل التاريخ هذا اللقاء وتليفزيون الصين وسفراء أفريقيا، وبعضهم شعر بحساسية كالمعتاد بين الأقران، كيف أن السفير المصري يحقق ذلك في فترة وجيزة. لكن في تقديري أن ذلك كان محصلة عدة عوامل في مقدمتها مكانة مصر الدولية وعلاقاتها قبل غيرها من الدول العربية والأفريقية مع الصين، ونشاط وأسلوب عمل السفير المصري في بناء العلاقات مع المسؤولين الصينيين اعتمادا على خبرته وثقافته. وهذا يظهر لنا أهمية بناء الكوادر الدبلوماسية وحسن اختيارهم في المواقع المناسبة، وكذلك شخصية السفير ومدى قدرته على اتخاذ المبادرة وطرح الأفكار بشجاعة طالما كانت في إطار السياسة العامة لبلاده ومصالحها الوطنية، وهذا ما كنت أحرص عليه في طوال عملي في السلك الدبلوماسي وأحيانا كان هذا الموقف يسبب لي بعض المشاكل مع شخصيات ضعيفة في قدرتها على اتخاذ المبادرات ودائما تنتظر التعليمات في كل صغيرة وكبيرة.

وقد شعر السفراء العرب بأن الأفارقة سبقوهم في بناء إطار مؤسسي لعلاقاتهم مع الصين فتحمسوا لإقامة منتدى مناسب وبالفعل عملت مع السفراء العرب ومدير مكتب الجامعة العربية في بكين السفير الدكتور محمد عبد الوهاب الساكت في اجتماعات متواصلة لتحقيق هذا الهدف وأمكن توقيع اتفاقية المنتدى الصيني العربي في القاهرة أثناء زيارة الرئيس الصيني لمصر ولمقر الجامعة العربية عام 2004 وتواصلت اجتماعات المنتديين الصيني الأفريقي والصيني العربي، واعتبر ذلك إنجازا رئيسا للطرفين، وتم بلورة برامج وخطط عمل لكليهما ولكن بعض العرب وبعض الأفارقة وبعض المصريين أيضا بل على الأخص من المصريين نسوا من قام بالمبادرة، ولم توجه لي دعوة لحضور أي من تلك اللقاءات بعد ذلك ولكن يرجع الفضل لبعض الأفارقة وبعض الصينيين الذين يعرفون الحقائق وأهمية الخبرة ويتذكرونها فقد وجهت لي دعوة بصفتي خبيرا في الشؤون الصينية للمشاركة في ندوة فكرية في جنوب أفريقيا قبل انعقاد القمة الصينية الأفريقية في بكين. كما وجهت لي دعوة لحضور ندوة فكرية عن الحضارتين العربية والصينية في الرياض بصفتي خبيرا أيضا، أما البيروقراطية المصرية فكالعادة ذاكرتها ضعيفة أو هكذا تبدو في بعض الأحيان بل الأكثر إثارة للانتباه أنني كنت الشخص الذي وقع أول مذكرة تفاهم بين الصين ومصر في مجال السياحة وكرست كثيرا من الوقت للعلاقات والمقابلات مع المسؤولين لوضع مصر على قائمة المقاصد السياحية للصينيين في وقت كانت مصر لا تدرك الأهمية السياحية للصين وتقدمها وما تزال تفكر بمنطق الصين الفقيرة البائسة ورفض رئيس مصر للطيران الفريق الريان آنذك الموافقة على إقامة خط طيران بين مصر والصين ومن كثرة الحاحي على ذلك قال إنه إذا كان ذلك قرارا سياسيا فعلى وزارة الخارجية أن تتحمل خسارة الخط وتدفع 300 ألف دولار سنويا وأرسل لي وزير الخارجية المصري عمرو موسى آنذاك، رسالة رئيس مصر للطيران للتعقيب عليها، فرددت عليها بالأرقام والمقارنات مع شركات الطيران الأخرى، ولحسن الحظ قامت مصر للطيران بفتح خط للصين، بعد مغادرتي بعام واحد، وبعد أن تغيرت الإدارة في مصر للطيران، ولكنهم لم يقرأوا الملفات أو ربما قرأوها ولم يهتموا بتذكر من كان له بعض الفضل في الفكرة والطرح والإصرار على تنفيذها ونسوا أو تناسوا أو تناسوا ذلك كله وهذه عادة مصرية قديمة.



1   2    



-سفير سابق: العلاقات المصرية الصينية ودلالات التجربة
-سفير سابق: العلاقات المصرية الصينية ودلالات التجربة (3)

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :