الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
سفير سابق: العلاقات المصرية الصينية ودلالات التجربة
وقال الكاتب إن الذي يساعد الصين في إرساء مثل هذه التقاليد انضباط مواعيد مسئوليها وعدم إضاعتهم الوقت في البيروقراطية وأنهم يفوضون كثيرا من صلاحياتهم الإدارية لمن في دونهم من المسئولين ولا يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة من المهام التي تقع في مجال عمل صغار المسؤولين أي أن توصيف الاختصاصات وتحديد المسئوليات من العوامل التي تساعد المسئولين الصينيين علي إنجاز الكثير فضلا عن أن أيا منهم لا يضيع وقته لحضور احتفالات وتدشينات لأعمال صغيرة مثل افتتاح كوبري أو نحو ذلك فهذه الإنجازات متكررة ومن مهام صغار المسئولين وليس كبارهم الذين مهمتهم التخطيط الاستراتيجي والتفكير الاستراتيجي ولعل هذا مما يفسر لنا كيف حققت الصين معجزتها في هذا الزمن القياسي في حين أن دولا أخري لم تستطع التقدم بل أخفقت في الوفاء بأقل ملامح التطور الاقتصادي لان المسئولين بها لا يفكرون إلا في المظاهر اكثر من تفكيرهم في جوهر الإنجاز كما لا يفكرون في مصالح ذاتية تعود عليهم بأكثر من اهتمامهم بالمصالح الوطنية الحقيقية، ولا تتجسد الدولة والوطن في شخص المسئول بل يتعمق الانتماء السليم بان الوطن يعني الإنجاز والتقدم والابتعاد عن الشعارات الجوفاء التي تخدر الجماهير دون عمل حقيقي أو تقديم بعض المسئولين في بعض البلاد النامية إحصاءات عن إنجازات وهمية والإحصاءات الدولية تشير إلي عكسها فضلا عن أن معاناة المواطنين تثبت العكس، ولهذا اصبح يطلق علي هذه الدول النامية أو بعضها بأنها دول فاشلة، وان عمل كثير من المسئولين فيها، هو إضاعة الوقت في فترة البقاء في المنصب أو تقديم الإنجازات غير الحقيقية أو المبالغ فيها لكبار المسئولين والاهتمام برغباتهم بدلا من الاهتمام بمصلحة شعوبهم.
ومضي الكاتب يقول هكذا بدأت العمل في الصين بسرعة وحرصت علي التحدث باللغة الصينية ومداومة تعلمها وكان أوائل المهام الدبلوماسية مقابلة عميد السلك الدبلوماسي وكان سفير نيجيريا الذي قضي اكثر من أربعة عشر عاما متواصلة في الصين ثم عميد السلك الدبلوماسي العربي وكان سفير لبنان الذي قضي اكثر من عشرة أعوام متواصلة، وهكذا شعرت بأنني طفل صغير بالنسبة لهما لطول مدة عملهم في الصين، ولكنني شعرت بأنني عملاق عندما جلست لتبادل الأفكار والمعلومات معهما عن الصين وحضارتها وتراثها ومفكريها في العصور القديمة والحديثة وطابعها القومي ومنهج تفكيرها. ثم عندما كنت التقي مع المسئولين والوزراء الصينيين كنت اشعر بأنني أتحدث لشخصيات عملاقة تبهرني وابهرهم بما لدي من ثقافة عن حضارتهم وثقافتهم، كان بعضهم لا يعرفها بحكم الانقطاع الفكري في عهد الثورة الثقافية التي سيطرت عليها المراهقة الفكرية، كما حدث في مصر عندما كان بعض الكتاب يوحون للأجيال الجديدة كما لو كان تاريخ مصر بدأ مع ثورة ٣٢ يوليو العظيمة، ولكن تاريخ مصر هو حلقات وكل منها تواصل مسيرتها، ومن هنا ينبع التقدم والتواصل الفكري والحضاري كما ينبع الإحساس بالانتماء رغم النكسات لان الرصيد الحضاري يساعد علي التغلب علي المواقف الصعبة بعكس غرس الانقطاع الحضاري لدى الأجيال فهذا عندما تواجه الدولة أو النظام مشكلة كبيرة تحدث الفجوة بين النظام والشعب وتسود لغة نحن وهم وتبرز حالة الاغتراب الوطني والسياسي بل وأحيانا الاغتراب الثقافي والفكري.
شبكة الصين / 5 أغسطس 2009 /
-سفير سابق: العلاقات المصرية الصينية ودلالات التجربة (2) -سفير سابق: العلاقات المصرية الصينية ودلالات التجربة (3) |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |