بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

15 أكتوبر 2023 /شبكة الصين/ تستعد الصين لاحتضان القمة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي يومي 17 و18 أكتوبر 2023 تحت شعار "التعاون عالي الجودة للحزام والطريق: معا من أجل التنمية والازدهار المشتركين"، وتحظى هذه القمة باهتمام محلي ودولي كبيرين، إذ تمثل مساحة مهمة لإحياء الذكرى العاشرة للمبادرة والتي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013. وقد لعبت هذه المبادرة على مدى السنوات الماضية دورا رائدا في التعاون الدولي على جميع الأصعدة وأصبحت المبادرة أكبر منصة للتعاون الدولي الناجح، حيث انضمت 150 دولة وأكثر من 30 منظمة دولية إلى المبادرة. وستشمل القمة الثالثة للمبادرة ثلاثة منتديات رفيعة المستوى حول الاتصال، التنمية الخضراء، الاقتصاد الرقمي، بالإضافة إلى ستة منتديات أخرى تشمل التجارة دون عوائق، والتواصل البشري، والتبادل بين مراكز الفكر، وطريق الحرير النظيف، والتعاون المحلي، والتعاون البحري بالإضافة إلى مؤتمر رواد الأعمال.

ترجع فكرة مبادرة "الحزام والطريق" الصينية إلى أعماق التاريخ، حيث كانت الصين تتعاون مع مناطق مختلفة من العالم على مر السنين، وذلك منذ حوالي ألفي عام في إطار "طريق الحرير القديم"، فالمبادرة هي إحياء ومواصلة للحكمة الصينية القديمة من أجل بناء مجتمع حديث يحقق الرفاهية المشتركة ويعزز التعاون والفوز المشترك. وقد ضخ هذا التعاون زخما كبيرا لتطوير البنية التحتية والتجارة والاقتصاد وتحسين معيشة الشعوب في إطار تعاون أخضر وشامل ونظيف. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه بحلول عام 2030، من المتوقع أن تنتشل الاستثمارات في إطار مبادرة الحزام والطريق حوالي 7.6 مليون شخص من براثن الفقر المدقع، وهو ما يقدم نموذجا فعليا للتنمية والرخاء المشترك بين الصين وبقية الدول.

تعمل الصين من خلال المبادرة على إقامة نظام مالي واقتصادي عالمي يتميز بالعدالة والتعاون المشترك بعيدا عن الأحادية والصراعات والمجموعات الصغيرة التي لا تخدم مصالح الشعوب. كما قدمت المبادرة إسهامات إيجابية في زيادة فرص العمل وتحسين معيشة الشعوب بشكل ملموس، لتصبح رمزا واضحا للمنافع المشتركة العامة. إذ عززت مبادرة "الحزام والطريق" التعاون التجاري بين الصين ومختلف المناطق في العالم، حيث تضاعفت تجارة الصين في البضائع مع دول "الحزام والطريق" من 1.04 تريليون دولار أمريكي في 2013 إلى 2.07 تريليون دولار أمريكي في 2022، ووصلت قيمة التجارة الشاملة بين الصين والدول المشاركة في المبادرة إلى 19.1 ترليون دولار أمريكي أي بمعدل نمو بنسبة 6.4% سنويا. كما شملت مبادرة "الحزام والطريق" قطاع الاستثمارات، حيث أرسى التعاون الصيني في إطار مبادرة "الحزام والطريق" أسسا قوية لحوالي 3000 مشروعا تعاونيا، باستثمارات تقدر بتريليون دولار أمريكي. كما ساهمت مبادرة "الحزام والطريق" في تعزيز بناء السكك الحديدة والطرق السريعة والشحن والطاقة وغيرها من مرافق الخدمات العامة في إطار خطة "6 ممرات، 6 طرقات، وبلدان وموانئ متعددة"، بالإضافة إلى قيام مدن من أكثر من 60 دولة بحوالي ألف اتفاقية توأمة مع مدن صينية متطورة.

شمل التعاون الصيني مع دول العالم في إطار "الحزام والطريق" أيضا الدول العربية والتي آمنت بأهداف المبادرة، حيث انضمت 20 دولة عربية بالإضافة إلى جامعة الدول العربية إلى مبادرة "الحزام والطريق"، لتحقق الصين والدول العربية تعاونا مثمرا في العديد من المجالات، وأقام الجانبان ما يُقدر بأكثر من 200 مشروع ضخم في إطار المبادرة، كما أصبحت الصين تتصدر المرتبة الأولى الأهم بين الشركاء التجاريين لأغلب الدول العربية، بتعاون تجاري قدره 431.4 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وبلغ حوالي 200 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من العام الجاري. يهدف التعاون الصيني-العربي في إطار مبادرة الحزام والطريق إلى توفير مستقبل أفضل للشعوب، وقد عملت الصين خلال هذه السنوات العشر على تمرير خبراتها وتجاربها إلى العديد من الدول العربية. كما عملت الصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق" إلى تطوير مستويات التعاون في جميع المجالات وخاصة مع 12 دولة عربية أقامت شراكات استراتيجية شاملة مع الصين.

على مدى العقد الماضي، حققت مبادرة "الحزام والطريق نتائج مثمرة في مجالات متعددة مع مختلف الدول، وقد تطورت المبادرة من المستوى النظري إلى المستوى التنفيذي وأصبحت المنصة العالمية الأكثر شعبية للتعاون الدولي المثمر. وتسعى المبادرة إلى تطوير التعاون مع مختلف الدول، وذلك لتخطي تحديات العصر وتحقيق تنمية عالمية شاملة بعيدة عن الصراعات الأحادية وتعزيز التواصل الشعبي والفكري كما تضمن المبادرة جودة وسرعة التعاون الدولي وتقريب المسافات بين مختلف الدول وتحقيق الرخاء العالمي المشترك.