بقلم ون سه*

28 يوليو 2023 / شبكة الصين / شهد الاقتصاد الصيني في النصف الأول من هذا العام نموا كبيرا، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي زيادة بنسبة 5.5% خلال النصف الأول من هذا العام، وقد سجلت هذه النسبة نموا ملحوظا مقارنة بالعام الماضي لنفس الفترة والتي بلغت نسبة 3% خلال النصف الأول من العام الماضي، وقد أصدرت العديد من الإدارات الرسمية بيانات اقتصادية مختلفة في النصف الأول لعام 2023،  تظهر أن الاقتصاد الصيني يواصل التطور بجودة عالية، وأبرزت البيانات الصادرة عن الاقتصادات الكبرى في العالم خلال الربع الأول من هذا العام بأن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية ارتفع بنسبة 2% فقط، وهي نسبة ضعيفة مقارنة بما حققته الصين في نفس الفترة والمقدرة بـ4.5% على أساس سنوي، وهو ما يؤكد مرونة وصمود الاقتصاد الصيني مقارنة ببقية الاقتصادات الكبرى، حيث تركز الصين على تحفيز النمو وتسهيل الاستثمارات الداخلية والخارجية بالإضافة إلى تعزيز المشاريع بمختلف أشكالها.

بالإضافة إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي فإن التطور الذي شهده الاقتصاد الصيني شمل العديد من المجالات أبرزها التكنولوجيا العالية، حيث كشفت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية أنه في السنوات الماضية من تطوير صناعة السيارات في الصين فقد حققت البلاد العديد من المؤشرات الإيجابية، حيث احتل الإنتاج والمبيعات المرتبة الأولى في العالم لمدة 14 عاما متتالية، ومن المتوقع أن تصبح الصين أكبر مصدر للسيارات في العالم بنهاية هذا العام. كما أظهرت الصناعات الجديدة والمنتجات الجديدة زخما كبيرا، حيث نما الاستثمار بأصول ثابتة وطنية بنسبة 4% على أساس سنوي، وتطور تصنيع الآلات الكهربائية والمعدات بنسبة 38.9%، ونمت صناعة النقل بالسكك الحديدية بنسبة 16.4%، وتعكس هذه البيانات نجاح السياسات الاقتصادية والتحسين الصناعي في الصين. يُعتبر الاقتصاد الصيني في فترة مهمة للتطوير والتحسين، وتركز السياسات التنموية في البلاد على تعزيز الجودة العالية في جميع المجالات، الأمر الذي يستلزم تعديل للهيكلة العامة للموظفين والإطارات العاملة، وهو ما تعمل الشركات والمؤسسات على توفيره في مختلف المجالات.

لقد استفاد الاقتصاد الصيني من رفع قيود كورونا، الأمر الذي حقق زيادة في الإنتاج والاستهلاك في نفس الوقت، حيث تجاوز معدل مساهمة الإنفاق الاستهلاكي 77% في النمو الاقتصادي الصيني، وحققت الصين زيادة في الاستثمار في الأصول الثابتة، لتصل إلى 1.4 ترليون يوان صيني بزيادة 18.6% على أساس سنوي، وقد زاد الاستثمار في الصناعات الناشئة الاستراتيجية بنسبة أكثر من 40% على أساس سنوي، هذه الصناعات التي تشمل العديد من المجالات الرئيسية من بينها التكنولوجيا الحيوية والمواد الجديدة والجيل الجديد للاتصالات المتنقلة، كما بلغت إيرادات السياحة المحلية في النصف الأول من العام 2.3 ترليون يوان بزيادة قدرها 95.9%، بالإضافة إلى تحقيق زيادة في إيرادات الرحلات السياحية والثقافية، ويعود ذلك إلى سياسة التشجيع التي تتبعها الصين تجاه الاستهلاك المحلي في البلاد.

لقد حققت الصين العديد من الأرقام القياسية خلال النصف الأول من هذا العام وأهمها صناعة السفن والتي أصبحت "علامة" رائجة للصين في العالم، حيث حققت البلاد أكثر من 21 مليون طن في صناعة بناء السفن في الوزن الثقيل بزيادة سنوية قدرها 14.2% وبلغت الطلبات التي تم تسليمها حديثا أكثر من 37 مليون طن بزيادة قدرها 67.7%، وتجاوزت عائدات صناعة بناء السفن 150 مليار يوان ووصل معدل الربح إلى 4.1% وهو رقم قياسي خلال السنوات العشر الأخيرة، وتُعتبر الصين الدولة الوحيدة في العالم التي حققت نموا إجماليا للمؤشرات الرئيسية الخاصة بصناعة السفن.

لقد أثبتت الصين نجاح سياساتها الاقتصادية خلال هذا العام، وأكد المسؤولون حرص البلاد على تحقيق المزيد من الأهداف الاقتصادية خلال النصف الثاني من عام 2023، حيث شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ في اجتماع عُقد حديثا حول الوضع الاقتصادي الحالي في الصين، على أهمية السعي نحو تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية في عام 2023، قائلا "من أجل تنفيذ العمل الاقتصادي بشكل جيد في النصف الثاني من العام، ينبغي مواصلة المبدأ العام المتمثل في متابعة التقدم مع ضمان الاستقرار" و"الدفع من أجل التحسين المستمر للأداء الاقتصادي والقوة الدافعة الداخلية والتطلعات الاجتماعية والعمل باستمرار من أجل منع حدوث المخاطر ورفع الناتج الاقتصادي للصين بشكل فعال وتوسيعه بشكل مناسب"، حيث ستقوم الصين حسب مخططاتها الوطنية بتعميق الإصلاح والانفتاح رفيع المستوى وضمان رفاهية المواطنين وتحسينها وذلك من أجل تحقيق النمو الاقتصادي المتواصل وأهداف التنمية في عام 2023.

________________________

*خبيرة تونسية في السياسة الدولية