بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

28 مايو 2023 / شبكة الصين/ تهتم الصين في سياستها التنموية الحديثة بمختلف المناطق والمدن وتسعى إلى تحسين مستوى العيش فيها وتوفير حياة رغيدة لجميع السكان، ومن أجل دراسة العديد من الجوانب التنموية وتقييم الإنجازات التي تم تحقيقها في مختلف المناطق الصينية، يقوم المسؤولون بزيارات ودراسات خاصة بهذه المناطق مع إقامة مؤتمرات خاصة ببعض المناطق المهمة على غرار التبت، حيث تم عقد منتدى حول تنمية التبت في 23 مايو ببكين 2023، ويهدف إلى دعم تنمية المنطقة ومواصلة تطورها. وقد حضر المنتدى أكثر من 150 من المسؤولين والخبراء من مختلف المجالات وممثلين عن وسائل إعلامية مختلفة. ويأتي المنتدى تحت عنوان "عصر جديد، تبت جديدة، رحلة جديدة: فصل جديد في التنمية عالية الجودة وحماية حقوق الإنسان في التبت" وقد تم عقد خمسة منتديات فرعية على هامشه لمناقشة التنمية عالية الجودة والحضارة الايكولوجية في التبت، مع التركيز على فصل جديد من التنمية عالية الجودة وحماية حقوق الإنسان في منطقة التبت.

تقع منطقة التبت الذاتية الحكم في جنوب غرب الصين وتتمتع بالعديد من الموارد الطبيعية الهامة، كما أنها منطقة حضارية أيكولوجية هامة على المستوى العالمي، إذ توجد في التبت أعلى هضبة في العالم وجبال الهيمالايا وقمة تشومولانغما والعديد من الأنهار وفيها أكثر من 1500 بحيرة، وتُعد هضبة التبت المصدر المائي الأول في آسيا.

تتميز منطقة التبت بتاريخ طويل وبطابعها العرقي الخاص، وتتميز بحكم ذاتي منذ عام 1965، وقد عملت الحكومة الصينية خلال العقود الأخيرة على تطوير المنطقة وتعزيز تنميتها، إذ تخلصت منطقة التبت من الفقر المدقع في نهاية عام 2019، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي فيها حوالي 213 مليار يوان صيني في عام 2022 وذلك دليل على القفزة الاقتصادية الواضحة للمنطقة، حيث كان الناتج المحلي في التبت 174 مليون يوان فقط في عام 1959.

وقد أكد المسؤولون في المنتدى على أنه "بعد أكثر من سبعين عاما من التنمية، تقدم الصين للعالم منطقة تبت اشتراكية حديثة جديدة تتسم باستقرار سياسي واجتماعي وازدهار اقتصادي ووحدة قومية وتناغم ديني وتوطيد للدفاع الحدودي وسكان يعيشون ويعملون في سلام ووئام". إذ شهدت منطقة التبت تطورا كبيرا خلال العقود الماضية وعملت الحكومة الصينية بكل جهد من أجل القضاء على الفقر في المنطقة والنهوض الريفي والاستفادة من أساليب الزراعة المتطورة.

وتسعى الخطط التنموية في التبت إلى تحقيق بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل وذلك من أجل توفير حياة مزدهرة ومتطورة للسكان مع حماية الثقافة الخاصة بالتبت. وفي إشارة إلى أهمية هذه التنمية، وجه الرئيس الصيني شي جين بينغ رسالة تهنئة إلى "منتدى 2023 بشأن تنمية التبت الصينية" قائلا إن "سعادة الشعب حق إنساني مطلق بينما التنمية هي المفتاح لتوفير حياة أفضل للشعب". حيث تسعى الحكومة الصينية إلى جعل منطقة التبت تتمتع بنفس نسق التطور والتنمية مثل بقية المناطق الصينية الأخرى، ويظهر ذلك من خلال التركيز على تطوير مختلف المجالات الأساسية بجودة عالية من بينها الصحة والتعليم والنقل والبنية التحتية وأيضا شبكات الاتصال بجودة عالية، حيث أنشأت منطقة التبت أكثر من 9500 محطة قاعدية لشبكة الجيل الخامس حتى مارس 2023، ويتمتع أكثر من مليون شخص بهذه الخدمات. وتخدم هذه الشبكة المتطورة التنمية الاقتصادية والاجتماعية عالية الجودة، وضمن الخطط التنموية في المنطقة، سيتم بناء 2300 محطة قاعدية لشبكة الجيل الخامس خلال 2023، وفي غضون عامين، من المتوقع أن يصل عدد المحطات في منطقة التبت إلى 18 ألف محطة، ليتمتع السكان بالتكنولوجيا المتطورة في عدة مجالات أهمها التعليم والطب والخدمات اللوجستية.

إن منطقة التبت من بين النقاط البارزة في مبادرة "الحزام والطريق"، حيث تتميز المنطقة بموقعها الاستراتيجي إذ أنها عبارة عن بوابة مهمة لجنوب آسيا للتبادلات الاقتصادية والثقافية. وقد تم إدخال دور المنطقة في المبادرة في عام 2015، لتتمتع الآن بالعديد من الفرص التنموية في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، إذ تم وضع العديد من التدابير والمشاريع الكبرى في التبت للربط بين الصين ومختلف المناطق الحدودية، كما توجد فيها منطقة تجارة حرة شاملة وتتميز بتسهيلات خاصة بسياسة التجارة الخارجية، لتصبح التبت ممرا تجاريا مهما يربط الصين مع دول جنوب آسيا.

تعتبر التبت نموذجا واضحا لنجاح التنمية الصينية الحديثة بطابق ثقافي خاص، حيث يحافظ سكان المنطقة على عاداتهم وطقوسهم المتميزة حتى الآن، وتجمع التبت بين الحداثة والتراث الثقافي، وهو ما يجعلها من أهم نقاط الجذب السياحي في الصين، كما تلعب المنطقة دورا مميزا في مبادرة "الحزام والطريق" نظرا لكونها بوابة تواصل الصين مع دول جنوب آسيا.