بقلم دكتورة ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

6 أبريل 2023 / شبكة الصين / يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لطرح مبادرة "الحزام والطريق"، حيث طرح الرئيس الصيني في 2013 المبادرة وقد لاقت إقبالا كبيرا من مختلف الدول، ليحقق التعاون في إطار "الحزام والطريق" العديد من الإنجازات التي تعود بالنفع على جميع الأطراف التي آمنت بأهداف المبادرة، حيث تهدف مبادرة "الحزام والطريق" إلى بناء شبكة للتجارة والاستثمار والبنية التحتية تربط مناطق ودول مختلفة وهو ما يعمل على التوثيق القوي للترابط العابر للحدود بين الصين وبقية الدول، كما تتفق أهداف المبادرة مع أهداف أجندة 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة من خلال تطبيق تعزيز وتحرير التجارة الدولية ومواجهة الحمائية وتحقيق التعاون والتنمية الاقتصادية المشتركة بين جميع الأطراف، هذا وتتماشى أهدافها مع مختلف المصالح الوطنية لكل دولة في المبادرة وتحترم السيادة الوطنية للدول وتراعي آليات السوق الحرة.

في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، وقّعت الصين وثائق تعاون مع أكثر من 150 دولة وأكثر من 30 منظمة دولية، ويشمل هذا التعاون البنية التحتية والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد والمجتمع وغيرها من المجالات الأخرى. وقد قدمت مبادرة "الحزام والطريق" إسهامات إيجابية في تنمية الاقتصادات وزيادة فرص العمل وتحسين معيشة الشعوب، لتصبح بذلك عنوانا بارزا للمنافع العامة وللتعاون الدولي.

تسعى الصين من خلال مبادرة "الحزام والطريق" إلى تجسيد روح التعاون المشترك والابتعاد عن الحمائية التجارية كما فتحت الصين أسواقها لبقية الدول الأخرى بالإضافة إلى تسهيل التعاون المربح بين جميع الأطراف، إذ ترى الصين أنه لا بد من التعاون وبذل جهود مشتركة لبناء مجتمع مصير مشترك وتحقيق تعاون مربح للجميع، مع ضرورة الابتعاد عن المنافسة غير النزيهة والتي تضر جميع الأطراف، وهذا ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ بقوله"لن يُرى المرء في ضوء أكثر ملاءمة بعد إطفاء مصابيح الآخرين؛ كما أنه لن يذهب إلى مسافة أبعد من خلال سد مسارات الآخرين"، وذلك خلال حضوره الحوار رفيع المستوى بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية العالمية تحت عنوان "الطريق نحو التحديث: مسؤولية الأحزاب السياسية" والذي عُقد يوم 15 مارس 2023.

تتمثل أهمية مبادرة "الحزام والطريق" في كونها تخدم كل المناطق والدول بشكل مشترك مع الصين، حيث تقيم المبادرة العديد من المشاريع في جميع المجالات التي تساهم بدورها في تحسين وتسهيل حياة الشعوب، إذ تعمل المبادرة على التعاون مع مختلف الدول أهمها الدول الآسيوية والأوروبية وأيضا الإفريقية والأمريكيتين، كما تربط الأقطاب ببعضها البعض من خلال عدة مشاريع مشتركة، وأبرز القطاعات التي تم تجسيدها في التعاون الثنائي في ظل المبادرة هي البنية التحتية، إذ أقامت الصين في إطار المبادرة العديد من المشاريع الكبرى من بينها الموانئ والطرقات والسكك الحديدية، وهو ما يضمن جودة وسرعة التعاون الدولي ويسهل التبادل التجاري مع تقريب المسافات بين الصين وبقية الدول.

لقد عززت مبادرة "الحزام والطريق" التعاون التجاري بين الصين ومختلف المناطق في العالم، حيث تضاعفت تجارة الصين في البضائع مع دول "الحزام والطريق" من 1.04 تريليون دولار أمريكي في 2013 إلى 2.07 تريليون دولار أمريكي في 2022، أي حققت المبادرة متوسط نمو سنوي بلغ 8%. كما شملت مبادرة "الحزام والطريق" قطاع الاستثمارات، حيث زاد الاستثمار الصيني المباشر غير المالي المتجه إلى الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق" خلال أول شهرين من عام 2023 بنسبة 27.8% على أساس سنوي مسجلا إجمالي 4.04 مليار دولار أمريكي، ما يمثل 20.2% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني. وارتفعت الاستثمارات بين الصين ودول الحزام والطريق منذ انطلاق المبادرة لتتجاوز 270 مليار دولار أمريكي خلال العقد الماضي، كما استثمرت كبرى الشركات الصينية 57.13 مليار دولار أمريكي في مناطق التعاون الاقتصادي والتجاري في الدول الواقعة على طول المبادرة.

إن التعاون في إطار "الحزام والطريق" لا يخدم المصالح الصينية فقط، بل هو تعاون ثنائي ومربح، حيث قامت المشاريع الصينية على طول الطريق بتوفير مواطن شغل للمواطنين المحليين في العديد من الدول، وقامت الشركات الصينية الكبرى عبر المبادرة بالتعاون وتقديم الخبرات والتدريبات اللازمة لمختلف الكفاءات والشباب في الدول الأخرى، لتساهم المبادرة في توفير أكثر من 420 ألف فرصة عمل خلال العقد الماضي، كما قامت المبادرة بتحسين معيشة 40 مليون شخص في مختلف الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق".

أقامت المبادرة أيضا تعاونا وثيقا بين الصين وبقية الدول على المستوى الثقافي، إذ لم تقتصر المبادرة على التعاون الاقتصادي والتجاري، بل سعت أيضا إلى تعزيز التبادلات الثقافية من خلال المنتديات والدورات التعليمية المختلفة والمهرجانات الفنية بالإضافة إلى تعزيز التبادلات الشعبية. كما تطور التعاون بين الصين والدول الواقعة على طول الطريق ليشمل أيضا التكنولوجيا عالية الجودة من خلال تبادل الخبرات والتعاون في المجالات العلمية فائقة الجودة.

أصبحت مبادرة "الحزام والطريق" مثالا يُحتذى به في مختلف المنصات والمنتديات الدولية ومن بينها منتدى بوآو الآسيوي والذي انعقد في مارس 2023 في مقاطعة هاينان الصينية، إذ أشار من خلاله مسؤولون من دول عديدة إلى تماشي أهدافه إلى حد كبير مع مبادرة "الحزام والطريق" من خلال الالتزام بالإصلاح والابتكار ودفع السلام العالمي وتعزيز التعاون المشترك لتقاسم ثمار التعاون الدولي ودعم الانفتاح والشمولية لتعزيز التنمية الدولية بشكل أفضل، حيث تُبرز مختلف المبادرات والمنتديات أهمية الصين من خلال التزامها بمسؤولياتها على المستوى الإقليمي والدولي ودعم التعاون المشترك لمواجهة التحديات العالمية.

تُعد مبادرة "الحزام والطريق" ذات أهمية دولية، حيث قال الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال منتدى الحزام والطريق الثاني للتعاون الدولي في بكين في أبريل 2019، إن "التعاون في إطار المبادرة فتح بوابة لفرص الرخاء المشترك" كما دعا إلى "توحيد الجهود لرسم لوحة دقيقة للمبادرة"، إذ أصبحت المبادرة منصة رائدة للتعاون متعدد الأطراف، من خلالها برهنت الصين وفاءها بمسؤولياتها على المستوى العالمي وتحقيق التعاون المربح وتجسيد مفهوم المنفعة المتبادلة والفوز المشترك على المدى الطويل.