بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

11 مارس 2023 /شبكة الصين/ تتبع الصين العديد من المفاهيم الحديثة في سياستها الحالية، من بينها "التحديث الصيني النمط" والذي صار المهمة المحورية للحزب الشيوعي الصيني، هذا المفهوم الذي يؤكد على أهمية الاتحاد بين أبناء الشعب بمختلف القوميات الـ56 بكل عاداتهم وتقاليدهم، وذلك ما سيزيد من قوة الشعب الصيني وتعزيز تطور البلاد. ويتميز التحديث الذي تعتمده الصين بنمطها الخاص على عدة عناصر، من بينها التي تتشابه مع مفهوم التحديث العام في كامل دول العالم والذي يشمل أهم المجالات في البلاد، وأيضا عناصر أخرى تتميز بالحفاظ على طابع خاص بالبلاد وبتنوع إرثها الثقافي، فالتحديث في الصين يحافظ على الاشتراكية والهوية الصينية التي تخدم مصالح الشعب وتضمن رفاهيته، وهذا التحديث لا يقصي ماضي البلاد بل يُجذر أكثر الروح الصينية ويجمع بين أبناء الشعب لبناء دولة اشتراكية حديثة وقوية على نحو شامل، حيث تهدف الصين من خلاله إلى إقامةنموذج تنموي لا يرتكز على التغيير الجذري بينما يقوم على التطوير والدفع نحو الرخاء.

تقوم الصين في تنميتها الحديثة على توفير العديد من العناصر المهمة في حياة المواطنين، من أهمها التنمية الاقتصادية وتسهيل حياة الشعب وأيضا التعليم والصحة وغيرها من المجالات الأخرى، لكن ما يميز هذا التوجه التنموي في العصر الحديث أن البلاد توفر حياة مميزة تجمع بين الإنسان وكل حاجياته في بيئة نظيفة بعيدا عن المخاطر المناخية، ومن أجل تحقيق هذا التناغم، قامت الصين بوضع العديد من اللوائح الصارمة لكل الجهات المعنية بالتوجه إلى الطرق الصديقة للبيئة حتى في مجالات الصناعة والبنية التحتية والمنشآت الحديثة، بالإضافة إلى إقامة العديد من المناطق الأيكولوجية والحفاظ على تنوع بيئي متكامل. كما تسعى الصين في نظامها التنموي الحالي إلى الحفاظ على مستوى معيشة الناس في جميع المناطق، وخاصة الذين انتشلتهم من الفقر المدقع، حيث قامت الصين بإنجاز إنساني مهم يتمثل في إخراج مئات الملايين من الناس من الفقر، وهي تعمل الآن على الحفاظ على مستواهم ودعم مختلف المشاريع والخطط التي تضمن استقرارهم المادي وعدم عودتهم إلى الخلف.

يسعى الحزب الشيوعي الصيني في المسيرة الجديدة والعصر الجديد إلى دفع النهضة العظيمة للأمة الصينية من خلال التحديث الصيني النمط، وذلك ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ من خلال إبراز مهام الحزب خلال الدورتين السنويتين، حيث قال "من الآن فصاعدا، ستكون المهمة المحورية للحزب الشيوعي الصيني هي قيادة الشعب الصيني من جميع المجموعات الإثنية في جهد متضافر لتحقيق الهدف المئوي الثاني المتمثل في بناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة على نحو شامل ودفع نهضة الأمة الصينية في شتى النواحي من خلال مسار صيني نحو التحديث". إذ تعتمد الصين على نهج سياسي حديث قائم على تجديد الخصائص التي ترتبط بالواقع الصيني، فمبدأ "التحديث الصيني النمط" تقوم من خلاله البلاد برسم مسار حديث خاص بمتطلبات المجتمع الصيني في السنوات القادمة، ويشمل ذلك مختلف المجالات في البلاد مع التركيز على أهمية التكاتف بين أبناء الشعب الصيني وتعميق الثقافة الصينية بينهم والتعاون السلس بين مختلف القوميات لتحقيق المزيد من النجاحات، فالتعدد في الصين والاختلافات الثقافية شكلت تميزا ثقافيا واقتصاديا على المستوى المحلي والعالمي.

إن تطور ونمو الصين يضمن أيضا تطور بقية دول العالم لما لها من ارتباط وثيق بالصين، وبذلك فإن اتباع الصين لمسار حديث يتماشى مع خصائصها الداخلية، سيعود بالنفع على الشعب الصيني وبقية الشعوب الأخرى، وهو ما يؤكد أن التحديث الصيني الخاص والتنمية الصينية الحديثة هي بناء لمجتمع شامل ومشترك يتقاسم الرخاء والتطور.