بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

9 مارس 2023 /شبكة الصين/ حققت الصين نموا اقتصاديا بلغ 3% خلال عام 2022، كما أنه هناك تفاؤل كبير بشأن النمو الاقتصادي الصيني لعام 2023، وخاصة بعد ما جاء في تقرير عمل الحكومة الذي تم تقديمه إلى الهيئة التشريعية الوطنية للمداولة، والذي حدد أن الصين تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي بنحو 5% في عام 2023، حيث تبقى الصين واحدة من الدول الكبرى اقتصاديا والتي تجلب أنظار العالم بحثا عن أسباب النجاحات الباهرة وعن السياسات الاقتصادية المعتمدة في الصين على المستوى المحلي والعالمي.

يقوم نجاح الاقتصاد الصيني على عدة عوامل أساسية منها الخارجية مثل إقامة المزيد من التعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق" وتوسيع التعاون الاقتصادي بين الصين ومختلف الدول والتنفيذ المنهجي للتبادلات التجارية المنفتحة والسلسة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وعلى عوامل داخلية تتمثل في التشجيع على الاستهلاك الداخلي ودعم الشركات بمختلف أنواعها من الكبرى إلى الصغرى، وأيضا تواجد القطاع العام والخاص لتوفير ما تحتاجه السوق الصينية وغيرها من المقومات الأخرى. وقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال اجتماعات على هامش الدورتين السنوتين لعام 2023، على أهمية تعزيز "القطاع العام بثبات" وأيضا تشجيع القطاع غير العام من أجل تطوير التنمية الاقتصادية التي تسعى البلاد إلى تحقيقها في سنة 2023، كما شدد الرئيس الصيني على أهمية القطاع غير العام في الصين ودوره في تحقيق تنمية عالية الجودة، وأكد على أنه لن يتم تغيير مبدأ وسياسات تشجيع ودعم وتوجيه تنمية القطاع غير العام في الصين، مع وضع "بيئة سليمة وتوفير المزيد من الفرص للقطاع"، وأن الصين ستواصل العمل من أجل تحقيق "المزيد من الإنجازات وبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل"، وهذا يندرج ضمن المخطط الصيني الخاص بالتنمية الاقتصادية للبلاد منذ سنوات، ما ساهم في تسجيل متوسط معدل نمو اقتصادي سنوي بلغ 5.2% خلال الخمس سنوات الماضية.

يحظى القطاع الخاص بأهمية كبيرة في الصين، حيث يساهم بأكثر من 60% من الناتج الإجمالي المحلي كما يشكّل نسبة 50% من إجمالي الإيرادات الضريبية ويساهم هذا القطاع لوحده بتشغيل 80% من العمالة في المناطق الحضرية الصينية. كما توجه هذا القطاع إلى الاعتماد على التكنولوجيا عالية الجودة ولم يعد يعتمد على كثرة الإنتاج بقدر ما يسعى إلى توفير منتوجات مبتكرة، إذ يشارك بحوالي 70% من الابتكارات التكنولوجية في الصين ويغطي 90% من المؤسسات السوقية في البلاد. كل هذه النسب تؤكد على أن القطاع الخاص في الصين له أهمية كبيرة وهو في المراتب الأولى ضمن الخطط الرسمية للحكومة، وذلك ما تبلور في كلمة الرئيس الصيني شي جين بينغ في السادس من مارس 2023، خلال زيارة مستشارين سياسيين وطنيين من الجمعية الديمقراطية الصينية لبناء الوطن ومن اتحاد عموم الصين للصناعة والتجارة، إثر حضورهم الدورة الأولى للمجلس الوطني الـ14 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، إذ أشار شي خلال الاجتماع إلى أهمية "التوجه المناسب للتنمية الصحية وعالية الجودة للقطاع الخاص"، وأكد على أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني "تشجع وتدعم وتوجه بثبات تنمية القطاع غير العام".

تهتم الصين بشكل كبير بالقطاع الخاص من خلال تقديم تسهيلات كبيرة ووضع لوائح خاصة بهذا القطاع لتطويره وحمايته وتعزيز مساهمته في النمو الاقتصادي، كما تشجع الحكومة الصينية على "إقامة المزيد من رأس المال الخاص وجذبه في مشاريع الدولة الكبرى وسلاسل الصناعة والإمداد" وذلك لتعزيز الدور الاقتصادي لهذا القطاع الذي أصبح يعتمد على التقنيات عالية الجودة. يُساهم نجاح القطاع غير العام في الصين بجودة عالية في تطوير الاقتصاد من جهة وفي تسهيل حياة الشعب من جهة أخرى، وبذلك يكون لهذا القطاع أهداف اقتصادية وأخرى اجتماعية تساهم في بناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل.