بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

13 ديسمبر 2022 /شبكة الصين/ تشهد العلاقات العربية الصينية تطورا متسارعا عن طريق التعاون المشترك في السنوات الأخيرة، وقد تبلور التعان الثنائي بين الجانبين في شتى المجالات وسيتعزز أكثر مع القرارات التي جاءت في القمة العربية الصينية في العاصمة السعودية، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ. تُرسخ هذه الزيارة بشكل واضح النظام العالمي متعدد الأقطاب، وتعزز التعاون بين الجانبين على أمد طويل، خاصة أن الصين تحتل الصدارة للعديد من الدول العربية كأهم شريك تجاري، وتعتمد العلاقات التجارية بين الدول العربية والصين على الربح المشترك.

إن توجه الدول العربية إلى الصين ليس بالتوجه الجديد حيث تجمع الطرفين علاقات متميزة منذ قديم الزمان، وقد تطورت أكثر في العصر الحديث مع ظهور المزيد من التعاون خاصة منذ انضمام حوالي 20 دولة عربية إلى مبادرة "الحزام والطريق"، بالإضافة إلى التعاون الذي يجمع الطرفين في العديد من المجالات المتقدمة والطاقة وأيضا وجود توافق في بعض الرؤى العربية مع الرؤية الصينية، وتوأمة بعض المدن بين الجانبين. إن التعاون بين الجانبين قائم على الشراكة الثنائية ذات الربح المشترك لجميع الأطراف، فالصين ثاني أهم اقتصاد في العالم وأكبر سوق استهلاكية، أما بعض الدول العربية فهي تمثل أهم مصدر لإنتاج الطاقة في العالم فهي دول قوية بإنتاجها النفطي، وتوفر هذه الدول أهم كميات من الطاقة للصين، كما توجد العديد من المشاريع الهامة في السنوات الأخيرة بين الدول العربية والصين تشمل البنية التحتية والطاقة والتنمية، وهو ما يفتح المزيد من الآفاق أيضا في مجالات أخرى مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مما يؤدي إلى شراكة استراتيجية شاملة في جميع جوانب التعاون.

خلال حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ في القمة الصينية العربية، أعلن شي في التاسع من ديسمبر 2022 عن "الأعمال الثمانية المشتركة" للتعاون بين الصين والدول العربية، والتي تشمل بالأساس التنمية ومجال الأمن الغذائي والصحة والتنمية الخضراء والابتكار وأمن الطاقة والحوار بين الحضارات والعمل المشترك لتأهيل الشباب والأمن والاستقرار. وفيما يخص هذه المجالات وعدت الصين بأنها ستعمل على تعميق التعاون المشترك مع الدول العربية في السنوات القادمة. وهو ما يجعل هذه القمة ذات أهمية كبرى، حيث ستقود العلاقات العربية الصينية إلى مستوى أوسع وستتعزز دعم العلاقات الثنائية، إذ تُعتبر القمة العربية الصينية فرصة مهمة لمواصلة بناء مستقبل مشترك للجانبين قائم على المساواة والربح المشترك والاحترام المتبادل.

تأتي أهمية هذه القمة الصينية العربية أيضا كونها أهم حدث يجمع الجانبين في العصر الحديث في وقت تسود فيه الإضرابات السياسية والاقتصادية مختلف مناطق العالم، وتسعى هذه القمة إلى تعميق مفهوم التعاون المربح لجميع الأطراف بعيدا عن الحمائية والصراعات وتعميق التعاون الثنائي بين الجانبين وهو ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته في الجلسة الافتتاحية لهذه القمة حيث قال "تثق الصين والدول العربية بعضها بالبعض وتربطهما مشاعر أخوية حيث نتبادل الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للآخر"، كما أن التعاون بين الجانبين أصبح نموذجا للتعاون الثنائي على المستوى العالمي إذ تمت إقامة 17 آلية تعاون في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، وقد ازداد التبادل التجاري بين الصين والدول العربية ليبلغ أكثر من 330 مليار دولار أمريكي في عام 2021 وبلغ الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية 23 مليار دولار، لتكون الصين الشريك التجاري الأول للعديد من الدول العربية، كما أن الصين أكدت على مواصلة التعاون مع الدول العربية لتحقيق المزيد من التعاون الثنائي، وهو ما يخدم هدف بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية جمعاء.