arabic.china.org.cn | 12. 12. 2022

مصيرنا مشترك، فلنمض قدما معا في سبيل بناء رابطة المصير المشترك الصينية- العربية في العصر الجديد

arabic.china.org.cn / 11:53:44 2022-12-12

12 ديسمبر 2022 / شبكة الصين / تمتد أواصر العلاقات والتبادلات بين الصين والدول العربية لأكثر من ألف سنة، وقد ظل الجانبان صديقين وشريكين حميمين، على الرغم من البعد الجغرافي بينها الذي يصل آلاف الكيلومترات.

في الخامس من يونيو 2014، ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة مهمة في الجلسة الافتتاحية للدورة السادسة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي بعنوان "تجسيد روح طريق الحرير لتعميق التعاون الصيني- العربي"، طرح فيها مبادرة التشارك في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية لأول مرة. وعلى مدى السنوات الثماني الماضية منذ اقتراح المبادرة، وفي مواجهة العصر الجديد، عملت الصين والدول العربية باستمرار على تعميق بناء رابطة المصير المشترك بإجراءات عملية.

تطلعات مشتركة

التبادلات التجارية والثقافية بين الصين والدول العربية لها تاريخ طويل. وفي مواجهة التغيرات العالمية في العصر الحديث، تساعد وتؤيد الصين والدول العربية بعضها بعضا.

تعهدت الصين بدعم نضال الشعب الفلسطيني في مؤتمر باندونغ في عام 1955، قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الدول العربية؛ بينما ساعدت ثلاث عشرة دولة عربية وأفريقية جمهورية الصين الشعبية في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة قبل أكثر من خمسين سنة؛ وأقامت مصر العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية في عام 1956، وهي أول دولة عربية تقيم العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة. وقد أقامت جمهورية الصين الجديدة علاقات دبلوماسية مع جميع الدول العربية الاثنين والعشرين.

ذهب حوالي عشرة آلاف طبيب صيني إلى الدول العربية للمساعدة في علاج المحليين خلال عشرات السنوات الماضية؛ بينما ساعد الشعب العربي بسخاء الشعب الصيني عندما حدث زلزال ونتشوان بمقاطعة سيتشوان الصينية. إن الصداقة بين الصين والدول العربية راسخة تتجاوز الزمان والمكان.

تأسس منتدى التعاون الصيني- العربي في عام 2004، وأصبح منصة جديدة للتشاور والتعاون بين الصين والدول العربية.

ومنذ طرح مبادرة بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية قبل ثماني سنوات، ومن الدورة السادسة إلى الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني- العربي، ارتفعت العلاقات الصينية- العربية إلى مستوى أعلى كل عامين حتى تم الارتقاء بها إلى شراكة إستراتيجية في عام 2018.

قام الرئيس شي جين بينغ بزيارة السعودية ومصر في بداية عام 2016، حيث ألقى كلمة مهمة في مقر جامعة الدول العربية، طرح فيها خطة صينية تعالج الأعراض والأسباب الجذرية على حد سواء، وتتخذ نهجا شاملا فيما يتعلق بشأن السلام والتنمية، ردا على موضوع "إلى أين يتجه الشرق الأوسط"، الأمر الذي أثار ردود فعل حماسية من العالم العربي.

كما ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة في مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني- العربي في يوليو عام 2018، دعا فيها إلى بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في أربعة مجالات: تعزيز الثقة المتبادلة الإستراتيجية، تحقيق حلم النهوض، تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، دفع التسامح والتعلم المتبادل، مؤكدا أن مستقبل تطوير العلاقات الصينية- العربية له آفاق واعدة. وبعد أسبوع، زار الإمارات، في جولته الثانية إلى الدول العربية.

منذ سنتين وأكثر، هاتف الرئيس شي جين بينغ زعماء الدول العربية بضع عشر مرة وتبادل الرسائل مع العديد من زعماء الدول العربية، ورسم مخططا للتنمية المستمرة للعلاقات الصينية- العربية.

الصين والدول العربية شريكان إستراتيجيان يسعيان وراء التعاون الشامل والتنمية المشتركة والتوجه نحو المستقبل، ظل الجانبان يدعم كل منهما الآخر في القضايا التي تنطوي على المصالح الأساسية والشواغل الرئيسية لبعضها البعض.

تتمسك الدول العربية  بمبدأ "الصين الواحدة"، وتؤيد الصين بثبات على مدى طويل بشأن القضايا المتعلقة بشينجيانغ وتايوان وهونغ كونغ وحقوق الإنسان، وغيرها من القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية للصين. وقد اتخذت الدورة الثامنة والخمسون بعد المائة لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية، التي عقدت يومي 6 و7 سبتمبر 2022، قرارا بشأن العلاقات الصينية- العربية، يؤكد من جديد الدعم العربي لمبدأ الصين الواحدة. واعتمد مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية قرارات بشأن تعزيز العلاقات مع الصين لسنوات عديدة متتالية، مما يعكس تماما التصميم الراسخ للدول العربية على تطوير العلاقات مع الصين، ويعكس أيضا الصداقة التقليدية العميقة والشراكة الإستراتيجية المتينة بين الصين والدول العربية.

تلعب الصين دائما دورا بناء في العالم العربي، ولا تسعى أبدا إلى تحقيق المصلحة الجيوسياسية الخاصة، ناهيك عن ملء ما يسمى بفراغ القوة، وتؤيد دول الشرق الأوسط، بما فيها الدول العربية، في حل قضية الأمن الإقليمي عن طريق التضامن والتعاون، وتدعم شعوب الدول العربية في استكشاف طرق التنمية المتفقة مع ظروفها الحقيقية بشكل مستقل وبالاعتماد على نفسها.

الوئام والانسجام

تبادلت الصين والدول العربية المساعدة والتعاون في مكافحة جائحة كوفيد- 19 المفاجئة التي اندلعت في عام 2020، وسجل الجانبان صفحات جديدة للتشارك في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية.

وفي بداية تفشي جائحة كوفيد- 19، كان ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز هو أول زعيم دولة أجنبية هاتف الرئيس شي جين بينغ للتعبير عن دعمه للصين في مكافحة الجائحة، والإمارات هي أول دولة تقبل إجراء التجارب الخارجية للمرحلة الثالثة للقاح الصيني، كما زارت المبعوثة الخاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي وزيرة الصحة المصرية هالة زايد الصين حاملة رسالة تضامن من الرئيس السيسي ومواد مكافحة الجائحة، وكانت أول وزير صحة أجنبي يزور الصين بعد تفشي الجائحة.

ظهر شعار "هيا يا ووهان" في أطول بناية في العالم، برج خليفة في دبي بالإمارات، وأضيئت ثلاثة من مواقع التراث العالمي في مصر بصورة علم الصين الوطني في وقت واحد لأول مرة.

وبعد تفشي الجائحة في الدول العربية، قامت الصين بمساعدتها في مكافحة الجائحة على نحو شامل؛ سرعان ما قدمت المواد المضادة للوباء مثل أجهزة التنفس الصناعي والملابس الواقية إلى الدول العربية، وأرسلت أكثر من مائة فريق خبراء طبيين إلى العديد من البلدان العربية، وعقدت أكثر من 60 مؤتمرا عبر الفيديو لخبراء الصحة مع العديد من الدول، وعقدت أكثر من ستين مؤتمر للخبراء في مجال الصحة عبر الفيديو مع العديد من البلدان العربية.

أنشأت الصين أول خط إنتاج مشترك للقاحات كوفيد- 19 في أفريقيا مع مصر، وأطلقت الصين والإمارات مشروع تعاون لخطوط تعليب اللقاحات الصينية، وتوفر الصين ومصر اللقاحات لقطاع غزة الفلسطيني. وقد وفرت الصين 330 مليون لقاح لسبع عشرة دولة عربية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية حتى يونيو عام 2022.

أثبت التعاون المشترك بين الصين والدول العربية في مكافحة الجائحة مرات أن المسافة البعيدة لا تؤثر على صداقتهم ذات مفهوم القيم المشترك.

قال الرئيس شي جين بينغ إن التبادلات الجيدة بين الدول تكمن في الإخلاص والصدق، والتبادلات الجيدة بين الشعوب تكمن في ترابط القلوب. فقد شهد التفاهم بين الشعبين الصيني والعربي تقدما باستمرار خلال الثماني سنوات المنصرمة، ومن أمثلة ذلك إقامة "مهرجان الفنون العربية"، تنفيذ مشروع "المائة والألف والعشرة آلاف" لتعزيز الصداقة (الذي يشمل تبادل ترجمة 100 كتاب وعمل أدبي صيني وعربي، لتطبيق فكرة "عبق الكتب في طريق الحرير"؛ وتوجيه الدعوة لتبادل الزيارات بين مائة خبير وباحث، لتعزيز الالتقاء بين المؤسسات الفكرية؛ وتقديم ألف فرصة تدريب للقادة الشباب العرب، وتوجيه الدعوة للألف وخمسمائة قيادة حزبية عربية لزيارة الصين، لإعداد سفراء شباب ورواد سياسيين للصداقة الصينية- العربية؛ بالإضافة إلى تقديم عشرة آلاف منحة دراسية وعشرة آلاف منحة تدريبية، وتنفيذ الزيارات المتبادلة بين عشرة آلاف فنان صيني وعربي)، حصول عشرة من العرب على جائزة "المساهمات البارزة للصداقة الصينية العربية".

اجتمع الرياضيون الصينيون والعرب في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ببكين لعام 2022، بفضل دعوة الصين والدول العربية إلى التضامن، وأرسلت الصين قوات حفظ السلام إلى دول عربية عديدة انطلاقا من تطلعاتها إلى السلام، وبذل باحثون صينيون وعرب جهودا مشتركة لمواجهة تغيرات المناخ وحوكمة البيئة.

قال الرئيس شي جين بينغ إن التفاهم بين الشعوب يجب تعزيزه بقوة ناعمة وجهود دؤوبة. في اليوم التاسع عشر من أكتوبر عام 2022، وصل زوجا الباندا "سيهاي" و"جينغجينغ" إلى مطار حمد الدولي في الدوحة عاصمة قطر ويقيمان الآن في حديقة الباندا لمنتزه الخور ولهما اسمان جديدان "سهيل" و"ثريا"، أي البركة والنبل والقيمة اللانهائية.

توصل الرئيس شي جين بينغ وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى توافق مهم بشأن أول مشروع تعاون لحماية وبحوث الباندا في الشرق الأوسط. تحمل الباندا العملاقة تمنيات الشعب الصيني الطيبة للشعب القطري ولكأس العالم لكرة القدم في قطر.

التنمية والازدهار

طريق الحرير القديم كان رابطة ترابط بين الصين والدول العربية في نهر التاريخ الطويل. باعتبار الدول العربية شريكا طبيعيا في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"، تبرز مزايا التعاون الفريدة بين الصين والدول العربية بشكل أوضح في العصر الجديد.

في اليوم السابع من نوفمبر عام 2013، ألقى الرئيس شي جين بينغ خطابا في جامعة نزارباييف في كازاخستان، شرح فيه تفاصيل مبادرة "الحزام والطريق"، قائلا: "على مدى آلاف السنين، كتبت الشعوب من مختلف البلدان على طول طريق الحرير القديم فصلا من الصداقة التي تم توارثها حتى يومنا هذا. ويظهر تاريخ التبادلات الذي يمتد لأكثر من ألفي عام أنه يمكن تماما للبلدان من مختلف الأعراق والمعتقدات والخلفيات الثقافية أن تتقاسم السلام والتنمية المشتركة، طالما تتمسك بالتضامن والثقة المتبادلة والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعلم المتبادل والتعاون المربح للجانبين، هذا هو الإلهام القيّم الذي استمددناه من طريق الحرير القديم."

طرح الرئيس شي جين بينغ مبادرة التشارك في بناء "الحزام والطريق" في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني- العربي في يونيو عام 2014، وحظيت المبادرة باستجابة حارة من الدول العربية. فقد وقعت الصين وثائق تعاون للتشارك في بناء "الحزام والطريق" مع عشرين دولة عربية وجامعة الدول العربية حتى يناير عام 2022. وفي السنوات الثماني المنصرمة، أظهر بناء "الحزام والطريق" تنوعا وحيوية، وحقق منجزات مثمرة. تقوم مصفاة ينبع التي استثمرت الصين والسعودية في بنائها بتكرير النفط الخام في السعودية؛ دخل مشروع محطة حصيان لتوليد الكهرباء التي تعمل بالفحم النظيف مرحلة التشغيل التجاري في دبي؛ ويستقبل الاستاد الرئيسي لكأس العالم لكرة القدم لعام 2022، استاد لوسيل، كأس العالم في قطر؛ في المنطقة التجارية المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، تتعاون مصر والصين "لخلق معجزة معمارية" في الصحراء؛ تتوسع منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري (تيدا) بين الصين ومصر باستمرار.

وصل حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية إلى حوالي 330 مليار دولار أمريكي في عام 2021، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية. يفضل بشكل متزايد المستهلكون الصينيون البرتقال المصري الطازج ومنتجات الورد السورية وزيت الزيتون التونسي والتمور السعودية وغيرها من المنتجات العربية. يتعزز التعاون الصيني- العربي في مجال التكنولوجيا الفائقة مثل تقنية الجيل الخامس 5G والبيانات الكبرى والذكاء الاصطناعي والفضاء، ويتزايد باستمرار الاعتراف بالمنتجات الصينية والتكنولوجيا الصينية والمعايير الصينية.

كما قال الرئيس شي جين بينغ، إن الصين والدول العربية تتعاون في بناء "الحزام والطريق"، وتسعى معا وراء حلم تحقيق ازدهار الوطن ونهضة الأمة.

في الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي في يوليو عام 2020، أعلنت الصين والدول العربية التشارك في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية والتوجه معا نحو العصر الجديد، ووافق الجانبان على إقامة القمة الصينية- العربية الأولى.

عقدت الدورة العادية الحادية والثلاثون للقمة العربية بالجزائر في الأول من نوفمبر 2022. قال الرئيس شي جين بينغ في رسالة التهنئة إلى القمة: "الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية لتعزيز الدعم المتبادل، وتوسيع التعاون وبذل الجهود المشتركة للتشارك في بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد، من أجل خلق مستقبل مشرق للعلاقات الصينية- العربية، وتقديم مساهمات للسلام والتنمية العالميين."

إن القمة الصينية- العربية هي القمة الأولى بين الصين والدول العربية، وهي أول مرة يتبادل فيها زعماء الصين والدول العربية الآراء وجها لوجه منذ تفشي جائحة كوفيد- 19، وهذه القمة هي أول حدث دبلوماسي كبير متعدد الأطراف تكون الصين من مستضيفيه منذ انعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، ولها أهمية كبيرة في توطيد الثقة السياسية المتبادلة وتعميق التعاون في مختلف المجالات بين الصين والدول العربية ودفع تقدم العلاقات الثنائية الودية إلى الأمام، وسوف تصبح معلما مهما في تاريخ العلاقات الصينية- العربية.

--

كانغ كاي، معلق خاص  لمجلة ((الصين اليوم)).


(المصدر: مجلة الصين اليوم)


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号