arabic.china.org.cn | 12. 12. 2022 |
12 ديسمبر 2022 / شبكة الصين / تضرب جذور الصداقة بين الصين والدول العربية في أعماق التاريخ. ارتبطت الأمتان الصينية والعربية بطريق الحرير القديم، وتتبادلان الدعم في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"، وتشتركان في بذل الجهود لتحقيق حلم الازدهار الوطني ونهضة الأمة. في السنوات الأخيرة، لطالما تتشارك الصين والدول العربية السراء والضراء، ويدعم كل منهما الآخر بثبات في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الهامة، ويعملان معا للدفاع عن تعددية الأطراف والعدالة والإنصاف الدوليين، والتعامل مع مختلف عوامل عدم اليقين بثبات واضح، فأصبحت العلاقات بين الجانبين نموذجا للعلاقات بين الدول ومثلا لتعاون الجنوب- الجنوب.
التعاون الاقتصادي والتجاري هو "حجر الصابورة" و"المحرك الدافع" للتعاون الثنائي. إن اقتصاد الصين والدول العربية متكامل بشكل قوي وآفاق التعاون بينهما واسعة. في مواجهة التحديات العالمية الناجمة عن التغيرات غير المسبوقة منذ مائة سنة وجائحة القرن، لم يتوقف التعاون بين الصين والدول العربية، بل أظهر مرونة قوية وحيوية نشيطة، وحافظت الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري للدول العربية. في عام 2021، وصل حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية إلى 26ر330 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 7ر37%، من بينها 79ر182 مليار دولار أمريكي لواردات الصين، بزيادة قدرها 6ر56%؛ و47ر147 مليار دولار أمريكي لصادرات الصين، بزيادة قدرها 8ر19%. وفي الفترة بين يناير ويونيو 2022، وصل حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية إلى 05ر207 مليارات دولار أمريكي، بزيادة بلغت نسبتها 3ر39% مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، من بينها 33ر80 مليار دولار أمريكي لواردات الصين، بزيادة قدرها 9ر16%؛ و72ر126 مليار دولار أمريكي لصادرات الصين، بزيادة قدرها 5ر58%.
السعودية دولة عربية تتمتع بنفوذ سياسي وديني كبير وقوة اقتصادية، وهي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين. منذ إقامة الصين العلاقات الدبلوماسية معها في عام 1990، وبرعاية وتوجيه من قادة البلدين، شهدت العلاقات الثنائية تطورا سريعا، حيث تعززت الثقة السياسية المتبادلة باستمرار، وتكررت التبادلات الرفيعة المستوى، وتبادل الجانبان الدعم القوي في القضايا التي تتناول المصالح الجوهرية والشواغل الهامة، وحققا نتائج مثمرة في التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة. في نوفمبر 1992، أنشأت الصين والسعودية اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة؛ وفي عام 2016، أقام الجانبان شراكة إستراتيجية شاملة؛ وفي يناير 2016، وقّع الجانبان على ((مذكرة التفاهم بشأن الدفع المشترك لبناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين وتعزيز التعاون في مجال الطاقة الإنتاجية)) و((مذكرة التفاهم بشأن تعزيز التعاون في مجال بناء "طريق الحرير عبر الإنترنت" لدفع تبادل المعلومات))؛ وفي أغسطس 2016، وقّع الجانبان على خطة عمل للتعاون في بناء "طريق الحرير عبر الإنترنت".
في بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية الثنائية، كان حجم التبادل التجاري الثنائية بين الصين والسعودية خمسمائة مليون دولار أمريكي فقط، أما اليوم فقد أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للسعودية لسنوات عديدة، بينما السعودية هي مورد طاقة مهم للصين وأكبر شريك تجاري لها في منطقة الشرق الأوسط. تصدّر الصين المنتجات الميكانيكية والكهربائية ومنتجات التكنولوجيا العالية والملابس إلى السعودية بشكل رئيسي، وتستورد النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية من السعودية بشكل رئيسي. في عام 2021، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والسعودية 3ر87 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 30% عن العام السابق. في الفترة بين يناير ويونيو 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والسعودية 63ر55 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 6ر38% عن نفس الفترة من العام السابق، من بينها 28ر17 مليار دولار أمريكي لصادرات الصين، بزيادة قدرها 5ر18%؛ و35ر38 مليار دولار أمريكي لواردات الصين، بزيادة قدرها 1ر50%. السعودية من الأسواق الرئيسية للمقاولات الهندسية للصين في المنطقة العربية، في الفترة بين يناير ويونيو 2022، وقعت الشركات الصينية لدى السعودية على عقود جديدة لمشروعات مقاولة بمبلغ 98ر4 مليارات دولار أمريكي، بزيادة قدرها 53% عن نفس الفترة من العام السابق؛ وبلغ حجم الأعمال 89ر2 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 1ر10% عن نفس الفترة من العام السابق.
التعاون في مجالي النفط والغاز بارز دائما. في الوقت الحاضر، هناك ثلاث شركات للاستثمار المشترك بين البلدين، تابعة لشركة الصين للبتروكيماويات (سينوبك) وشركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)، وهي شركة فوجيان المتحدة للبتروكيماويات وشركة سينوبك سنمي (فوجيان) الصين، وشركة مصفاة ينبع أرامكو سينوبك لدى السعودية. في بداية عام 2022، وقّع الجانبان على مذكرة تفاهم لتعزيز علاقات التعاون الطويل المدى، وتوسيع نطاق التعاون ليشمل مشروعات تكرير المواد الكيميائية وتوسيعها في المستقبل لسينوبك، كما سيعمل الجانبان على تحسين تشغيل الشركة المشتركة، شركة فوجيان المتحدة للبتروكيماويات (سينوبك فوجيان).
التعاون في مجال التكنولوجيا العالية يتطور باستمرار. تم الانتهاء من بناء وتشغيل محطة رابغ لتحلية مياه البحر في السعودية (المرحلة الثالثة)، والتي تُعد أكبر مشروع لتحلية مياه البحر بنظام التناضح العكسي أحادي المرحلة في العالم، هذا العام. تولى بناء هذه المحطة شركة شاندونغ لإنشاءات الطاقة الكهربائية الثالثة، التابعة لمجموعة الصين لبناء الطاقة الكهربائية (باور تشينا). يستخدم هذا المشروع تكنولوجيا التناضح العكسي المتقدمة عالميا، ويبلغ حجم إنتاج المياه اليومي 600 ألف متر مكعب، ويمكن توفير المياه لأكثر من مليوني أسرة في المدن السعودية الكبرى مثل جدة ومكة المكرمة. خلال فترة بناء المشروع، تم توفير أكثر من 3500 فرصة عمل للمحليين، وشراء المواد المحلية التي شكلت 40% من إجمالي المواد، ومن ثم المساهمة المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 200 مليون دولار أمريكي، مما دفع النمو الاقتصادي للسعودية. ولقد سُجّل هذا المشروع، باعتباره أكبر محطة لتحلية مياه البحر بالتناضح العكسي في العالم، في موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية، ورُشّح لجائزة التميز في الاقتصاد وجائزة الابتكار في البناء لمكة المكرمة بالسعودية في عام 2021.
التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي يتنامي. منصة علي إكسبرس(AliExpress)التابعة لشركة علي بابا، هي أول منصة صينية للتجارة الإلكترونية تصل إلى الشرق الأوسط؛ والعديد من شركات التجارة الإلكترونية عبر الحدود الصينية الجديدة، بما في ذلك جولي تشيك (jollychic) وفورديل (Fordeal) وشي إن (Shein)، أظهرت إمكانياتها في الشرق الأوسط؛ وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين جولي تشيك (jollychic) ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية في عام 2019. وفي عام 2022، أعلنت الشركة السعودية للحوسبة السحابية التي تأسست بالشراكة بين شركات صينية وسعودية، عن إقامة مركزين للبيانات في الرياض لتوفير الخدمات السحابية العامة.
ومع دخول الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والدول العربية إلى عصر جديد، يتعين على الجانبين الصيني والسعودي تعزيز التعاون في المجالات التالية من أجل مواصلة دفع السلام والاستقرار والتنمية في الدول العربية، والعمل معا على بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية للانطاق معا نحو عصر جديد.
أولا، العمل معا للمحافظة على تعددية الأطراف
في الوقت الحاضر، تشهد الأوضاع الدولية والإقليمية تغيرات معقدة وعميقة، فيجب على الصين والسعودية تعزيز التضامن والتعاون في القضايا الدولية والإقليمية، وممارسة تعددية الأطراف الحقيقية، والمحافظة بحزم على النظام الدولي الذي يتمحور حول الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على القانون الدولي والمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والمحافظة على الإنصاف والعدالة الدوليين والمصالح المشتركة للدول النامية. في عام 2020، وتحت قيادة قوية من السعودية كدولة الرئاسة المناوبة لمجموعة العشرين، توصل قادة مجموعة العشرين إلى توافق هام بشأن "التضافر لمكافحة الوباء والبناء المشترك لمستقبل أفضل"، والذي أشار إلى الاتجاه لإعادة تشكيل العالم في عصر ما بعد الوباء؛ وأطلق إشارة قوية إلى المجتمع الدولي في الدعم الثابت للنظام المتعدد الأطراف والتجارة الحرة واستئناف الاقتصاد العالمي والتنمية المستدامة، في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد العالمي صعوبات خطيرة، الأمر الذي يعكس روح التضامن والتعاون للتغلب على الصعوبات المؤقتة بين الأوساط الصناعية والتجارية، ويتمتع بأهمية إيجابية. ينبغي للتعاون بين الصين والسعودية أن يصبح نموذجا للتعاون الدولي في العمل معا على التغلب على تحديات الوباء والكساد الاقتصادي.
ثانيا، تفعيل الدور الداعم للابتكار العلمي والتكنولوجي
جائحة كوفيد- 19 لن تكون آخر جائحة، فنحتاج إلى تقنيات جديدة لرفع مرونة الاقتصاد وسرعة استجابته، ولا غنى عن البيانات الكبرى والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات في تتبع وضع الجائحة، والاختبار والتحليل، والبحث عن مصدر الفيروس، والوقاية والعلاج، وتنسيق الموارد. سوف تلعب التقنيات الجديدة دورا مهما في تحليل الفيروس وتحليل وضع الجائحة والعزل الفيزيائي والتنبؤ والوقاية والسيطرة وغيرها من المجالات، وفي الوقت نفسه سيكون لها دور فعال في تغيير نموذج تشغيل الأعمال التجارية. إنّ ممارسة الأعمال التجارية في ظل انتشار هذا الوباء ستوفر مراجع في المستقبل، ومن المؤكد أنها ستصبح روتينا جديدا في المستقبل، وينبغي تعزيز تقاسم التقنيات وتبادل المعلومات لإظهار القدرات الإبداعية والابتكارية بشكل أفضل.
ثالثا، مواصلة تنمية محركات جديدة للنمو الاقتصادي
خلال فترة الوباء، شكلت الأوساط الصناعية والتجارية في الصين والسعودية طريقة جديدة للتعاون العملي، من خلال عقد المنتديات على الإنترنت والمؤتمرات عبر تقنية الفيديو والمعارض الرقمية والاستقصاءات على الإنترنت والاستشارات القانونية وغيرها من أشكال التعاون المختلفة. وتشهد مختلف منصات التعاون الرقمي والمؤتمرات الترويجية على الإنترنت وبيع السلع من خلال البث المباشر وغيرها من نماذج الأعمال تطورا مزدهرا، مما يقدّم خدمات فعالة للمواءمة بين شركات الصين والسعودية، وبالتالي دفع تصدير المنتجات السعودية المميزة إلى الصين. ينبغي للجانبين مواصلة توسيع نطاق التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية والقطاع الصحي وغيرها، وتعزيز التعاون والاستفادة المتبادلة في مجال تطوير شبكة الإنترنت والاقتصاد الرقمي، وتعزيز التبادل والتعاون بين شركات الاتصالات المعلوماتية من كلا الجانبين، ومواصلة رفع مستوى الاتصالات المعلوماتية وخدمات التجارة الإلكترونية، وتعزيز التبادل في السياسات والتدابير والقوانين واللوائح والحلول المتصلة بالتنمية الصناعية الخضراء بين الحكومتين والشركات والتعاون الثنائي في مجالات الطاقة النووية والطاقة الشمسية والتصنيع والتطبيقات الكهروضوئية، وتوسيع مجالات التعاون ونطاقه وتطوير نقاط نمو جديدة ودفع التحول الاقتصادي.
تتمتع السعودية بمزايا جغرافية بارزة وموارد غنية ومجتمع اقتصادي مستقر وإستراتيجية التنمية المتنوعة، بينما تمتاز الصين بقدرات إنتاجية قوية وخبرات غنية وسوق واسعة، لذلك هناك تكامل اقتصادي قوي وآفاق تعاون واسعة بين الجانبين. إنّ "رؤية السعودية 2030" تتفق بدرجة كبيرة مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ويقف الجانبان أمام لحظة فارقة في التحول والارتقاء بالاقتصاد، وفي ظل التحول الاقتصادي والاجتماعي للجانبين وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية الودية، ستواصل الصين والسعودية العمل معا على خلق نقاط نمو جديدة، وتعميق التعاون في مجالات الطاقة وبناء البنية التحتية والاقتصاد الرقمي والطاقة النووية والفضاء والجيل الخامس وغيرها.
--
د. لوه لين، أستاذ وعميد كلية الشرق الأوسط ومدير مركز الدراسات العربية بجامعة بكين للغات والثقافة.
(المصدر: الصين اليوم)
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |