arabic.china.org.cn | 09. 12. 2022 |
9 ديسمبر 2022 / شبكة الصين / تضرب جذور التبادلات الودية والتواصلات الحضارية بين الصين والدول العربية في أعماق التاريخ. منذ فترة طويلة، ظل التعاون والتبادل بين الصين والدول العربية يتسم بروح طريق الحرير، المتمثلة في التعاون السلمي والانفتاح والتسامح والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك. منذ دخول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد بعد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، تولي اللجنة المركزية للحزب وفي القلب منها الرفيق شي جين بينغ، اهتماما عاليا بالتعاون الخارجي والتبادلات الإنسانية بين الصين والدول الأخرى، ودخل التعاون والتواصل الحضاري بين الصين والدول العربية إلى مرحلة جديدة من التنمية السريعة والرفيعة المستوى والشاملة. جاء في التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني: "يسعى الحزب الشيوعي الصيني لتحقيق سعادة الشعب الصيني ونهضة الأمة الصينية، وكذلك لدفع تقدم البشرية وتحقيق التناغم في كل العالم. وينبغي لنا توسيع رؤيتنا للعالم على نحو متزايد، واستكشاف تيار تقدم وتطور البشرية بصورة متعمقة، والاستجابة بنشاط للشواغل العامة لشعوب مختلف البلدان، وتقديم إسهامات لحل المسائل المشتركة التي تواجهها البشرية، والاستفادة من كافة المكاسب الحضارية الممتازة للبشرية واستيعابها بصدر رحب مثل المحيط الذي يستقبل كل الأنهار، من أجل دفع بناء عالم أفضل."
في العصر الجديد في ظل الأوضاع الجديدة، تتمسك الصين والدول العربية، باعتبارهما شريكين طبيعيين في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"ورابطة المصير المشتركة للبشرية، بالتقاليد التاريخية في التبادلات الودية، وتواكبان تيار العصر في التنمية السلمية، وتعملان معا على دفع وتطوير العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة وتوسيع مجالات التعاون وتحسين آليات التعاون وإثراء مفهوم التعاون. في عام2018، أعلن الجانبان عن إقامة"الشراكة الإستراتيجية الصينية- العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة والموجهة نحو المستقبل"، وحققا تقدما كبيرا وإنجازات ملحوظة في التعاون في مختلف المجالات.وشهدت التبادلات الحضارية بين الصين والدول العربية تطورا سريعا، حيث تحسنت آليات التبادل، وتوسعت مجالات التبادل، وتنوعت محتويات التبادل، وتحققت إنجازات بارزة. تعد القمة الصينية- العربية الأولى، التي ستعقد في السعودية خلال أيام، حدثا كبيرا سيكون مَعلَما في تاريخ العلاقات الصينية- العربية، والذي سيدفع بدوره التعاون الشامل والتبادل الحضاري بين الصين والدول العربية إلى مرحلة جديدة من التطور.
منصة مهمة لتبادل الحضارتين الصينية والعربية في العصر الجديد
تتطور التواصلات الحضارية والتبادلات الإنسانية في العصر الجديد بين الصين والدول العربية بسرعة. إن منتدى التعاون الصيني- العربي لا يلعب دور الريادة في دفع العلاقات الإستراتيجية بين الصين والدول العربية في التنمية المشتركة والتعاون الشامل فحسب، وإنما أيضا أقام منصة رحبة وفتح مجالات واسعة للتواصل الحضاري والتبادلات الإنسانية بين الصين والدول العربية. دفعت آليات التبادلات الإنسانية للمنتدى التطور السريع للتبادلات الحضارية الصينية- العربية بشكل فعال. وقد حققت أنشطة التبادل الرائعة نتائج ملحوظة ومثمرة. فقد أقيمت أربع دورات للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي حول الثقافتين الصينية والعربية، وتسع ندوات بشأن العلاقات الصينية- العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية في إطار المنتدى. كما أقيمت أنشطة مختلفة للتبادل الإنساني، بما فيها مهرجان الفن الصيني-العربي والمنتدى الصيني- العربي للتعاون الإعلامي والمنتدى الصيني- العربي لتعاون الإذاعة والتلفزيون وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، تم إبرام أكثر من أربعين اتفاقية للتآخي والتوأمة لمدن صينية وعربية؛ وتم تشغيل المركز الصيني- العربي لتبادل الأخبار وموقع المكتبة الإلكترونية الصينية- العربية؛ وقد تم ترجمة ونشر ما يقرب من مائة مؤلَف كلاسيكي صيني وعربي وعمل أدبي حديث ومعاصر، في إطار مشروع الترجمة الصينية- العربية للأعمال الكلاسيكية؛ و مركز الدراسات الصيني- العربي للإصلاح والتنمية الذي اقترح الرئيس شي جين بينغ تأسيسه، باعتباره مركزا مهما للفكر في إطار المنتدى، عقد بنجاح عشر دورات تدريبية للمسؤولين العرب، كما عقد العديد من الندوات المشتركة مع مراكز الفكر والمؤسسات البحثية للجانب العربي، لتبادل ومناقشة سبل التعاون والإصلاح والتنمية بين الصين والدول العربية، وقد تشرفت بالمشاركة في أنشطة التبادل والحوار هذه عدة مرات.
شهدت التبادلات الإنسانية الصينية- العربية ازدهارا وتطورا كبيرا في التبادلات المتعددة الأطراف والثنائية والتبادلات على المستوى الرسمي والشعبي، بالإضافة إلى التبادلات الثقافية المتعددة الأطراف في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي، فقد وقعت الصين على خطط التنفيذ السنوية الجديدة بشأن اتفاقيات التعاون الثقافي الثنائي مع أكثر من عشر دول عربية، وشجعت على الزيارات المتبادلة بين الوفود الثقافية على المستوى الوزاري من الصين والدول العربية، ونظمت زيارات متبادلة لمئات من فرق العروض الفنية، وشجعت أكثر من مائة مؤسسة ثقافية عربية على التعاون مع نظيراتها الصينية. الجدير بالاهتمام والثناء على وجه الخصوص هو أن التبادلات الحضارية بين الصين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية شهدت تطورا سريعا في العصر الجديد تحت قيادة قادة الصين والدول العربية، وصارت في طليعة التبادلات الحضارية بين الصين والدول العربية تدريجيا، والتطور السريع في التبادلات الثقافية بين الصين والسعودية مثال بارز لهذه التبادلات الحضارية. في عام2013، كانت الصين ضيفة الشرف في"المهرجان الوطني للتراث والثقافة- الجنادرية"بالسعودية؛ وفي الفترة من ديسمبر2016 إلى مارس2017، أقيم معرض"طريق العرب.. روائع أثار المملكة العربية السعودية عبر العصور"في الصين، وقد زار الرئيس شي جين بينغ المعرض مع الملك سلمان بن عبد العزيز؛ وفي مارس2017، افتتح فرع مكتبة الملك عبد العزيز في جامعة بكين، وحضر الملك سلمان بن عبد العزيز حفل الافتتاح ومنحته جامعة بكين الدكتوراه الفخرية. وفي الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر2018، أقامت الصين"معرض كنوز الصين"في السعودية، والذي لقي إقبالا من الجمهور السعودي. في السنوات الأخيرة، مع التطور السريع للتبادل والتعاون في مجال التعليم بين الصين والسعودية، والزيادة المستمرة لعدد الطلاب الوافدين من الجانبين، وبالدفع المباشر من ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، قررت السعودية إدراج تدريس اللغة الصينية ضمن المناهج الدراسية للمدارس الثانوية والجامعات في أنحاء البلاد، وترك هذا الإجراء الكبير انطباعا عميقا في العالم.
البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"قوة محركة دافعة للتبادلات الحضارية الصينية- العربية في العصر الجديد
في يونيو عام2014، ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة في افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني- العربي، شرح فيها الرئيس شي بعمق روح طريق الحرير المتمثلة في"التعاون السلمي والانفتاح والتسامح والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك"، وطرح البناء المشترك لمبادرة"الحزام والطريق"بين الصين والدول العربية. في يناير2016، أشار الرئيس شي جين بينغ مرة أخرى بوضوح في خطابه بمقر جامعة الدول العربية إلى أن الصين والدول العربية تنفذ البناء المشترك لمبادرة"الحزام والطريق"، وتتمسك بمفهوم العمل المتمثل في"السلام والابتكار والقيادة والحوكمة والتكامل"، وتدعم تشكيل المزيد من الملتقيات في عملية نهضة الأمتين الصينية والعربية. لقي البناء المشترك لمبادرة"الحزام والطريق"بين الصين والدول العربية ترحيبا واسعا واستجابة إيجابية. تخطط العديد من الدول العربية بنشاط لمواءمة إستراتيجيات تنميتها مع"الحزام والطريق"، كما أصبحت مبادرة"الحزام والطريق"موضوعا ساخنا في الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام ومراكز الفكر العربية. يهتم العرب في الأوساط السياسية والتجارية والأكاديمية بشكل متزايد بالثقافة الصينية واللغة الصينية وخبرات الإدارة والحكم ذات الخصائص الصينية، ويعبرون عن إعجابهم العميق وثنائهم على ما حققته الصين من إنجازات عظيمة والتحديث الصيني النمط تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني.
جلب البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"بين الصين والدول العربية فرصا تاريخية وزخما واقعيا، لتعزيز التبادلات الحضارية الصينية- العربية في العصر الجديد.أصبحت التبادلات الحضارية الصينية- العربية ركيزة مهمة في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق". منذ طرح مبادرة"الحزام والطريق"، أجرت الصين والدول العربية أنشطة التبادلات الإنسانية بأشكال مختلفة لدفع الاستفادة المتبادلة بين الحضارات والمساهمة في تفاهم الشعبين الصيني والعربي، ويتنوع ويتوسع التبادل والتعاون في مختلف المجالات. أقيمت، في إطار مبادرة"الحزام والطريق"، سلسلة متنوعة من أنشطة التبادلات الإنسانية الصينية- العربية، بما فيها"عيد الربيع الصيني السعيد"و"جولة ثقافية على طريق الحرير الصيني- العربي"و"فهم الصين"، مما دفع ودعم أكثر من مائة مؤسسة ثقافية عربية في التعاون مع نظيراتها الصينية؛ وموّل"مشروع طريق الحرير لنشر الكتب"المئات من مشروعات ترجمة الكتب الصينية إلى العربية؛ كما يتطور التعاون السياحي الصيني- العربي بشكل سريع، حيث قدم منتدى التعاون السياحي الصيني- العربي ومؤتمر تجار السفر الصينيين والعرب وغيرهما من الأنشطة المؤسسية منصة لترويج الموارد السياحية الصينية والعربية ومنصة للتعاون والتفاوض، مما ساهم في بناء علامة تجارية للتبادلات الثقافية والسياحية. في عام2018، بلغ عدد السياح من الدول العربية إلى الصين8ر338 ألف فرد/ مرة، بينما تجاوز إجمالي عدد السياح من الصين إلى الإمارات ومصر والمغرب5ر1 مليون فرد/ مرة. منذ عام2020، فتحت مختلف أنشطة التبادل الإنساني قنوات على الإنترنت بسبب تأثير الوباء، حيث أظهرت الأنشطة مثل المعارض السحابية والعروض السحابية الصينية- العربية أشكالا وألوانا للتبادلات الإنسانية في العصر الجديد.كما تطور التبادل والتعاون الصيني- العربي في مجالات الإذاعة والسينما والتلفزيون والصحافة والنشر بشكل سريع، وحقق إنجازات بارزة. في ديسمبر عام2021، عُقدت الدورة الخامسة لمنتدى التعاون الصيني- العربي للإذاعة والتلفزيون عبر تقنية الفيديو؛ وقد غطت القنوات العربية والإنجليزية والفرنسية التابعة لمجموعة الإعلام الصينية المنطقة العربية على نطاق واسع، كما تحظى البرامج التلفزيونية الصينية بترحيب متزايد من المشاهدين في العالم العربي.
التبادلات الحضارية الصينية- العربية في العصر الجديد تتجاوز"صراع الحضارات"
تشترك الأمتان الصينية والعربية في تجارب تاريخية متشابهة، وتتمتع كل من الحضارتين الصينية والعربية بنظامها وخصائصها المميزة، وفي الوقت نفسه، يجمع بينهما العديد من القيم المشتركة. مثلا، كلتاهما تشتمل على المفاهيم والأحلام المشتركة التي تشكلت خلال مسيرة تقدم وتطور البشرية، وكلتاهما تهتم بالوسطية والسلام والولاء والتسامح والانضباط الذاتي وغيرها من مفاهيم القيم، وكلتاهما قدمت مساهمات مهمة في تقدم الحضارة البشرية. على مدى التاريخ الطويل، ظل السلام والتعاون والانفتاح والشمول والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك محورا تاريخيا للتبادلات الحضارية بين الصين والدول العربية. "الوئام أثمن"و"التناغم مع التباين"، هذه الروح الثقافية جعلت الحضارتين تبقيان على التواصل دائما من دون تباغض، والتواصل من أجل التفاهم والتناغم. ترفع التبادلات الحضارية الصينية-العربية في العصر الجديد راية الحوار بين الحضارات عاليا، وتدعو إلى التعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، وإجراء التبادلات الإنسانية بنشاط لتعزيز تفاهم الشعبين، والعمل معا على استكشاف نقاط التلاقي بين الطرق الإيجابية للتعامل مع العالم في التقاليد الثقافية الوطنية والعصر الحالي، ومواصلة تعزيز التحول الإبداعي والتطوير المبتكر للثقافة التقليدية، وممارسة مفهوم التبادل بين الحضارات القائم على"التبادلات الحضارية تتجاوز التباعد الحضاري، والتعلم المتبادل بين الحضارات يتجاوز صراع الحضارات، والتعايش الحضاري يتجاوز التفوق الحضاري"، وبذل الجهود المشتركة لتشكيل طريق التعايش للتبادلات بين الحضارات العالمية، الأمر الذي لا يوفر قوة روحية ثرية وغذاء إنسانيا لتعزيز تفاهم الشعبين والمساعدة في تطوير الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والدول العربية فحسب، وإنما أيضا يظهر الحكمة العظيمة الكامنة في"التواصل فالتفاهم"و"التواصل فالتناغم"بين الحضارات المختلفة للمجتمع الدولي، ويضع نموذجا ومثالا للتبادلات والتعلم المتبادل والتناغم والتعايش بين حضارات العالم.
في عالم اليوم، لا تزال"نظرية صراع الحضارات"و"نظرية تفوق الحضارات"سائدتين، وتواصل القوى المتطرفة المختلفة خلق صدوع بين الحضارات المختلفة، وتستمر الدول المسيطرة على الخطاب الدولي نشر"نظرية التهديد الصيني"و"نظرية التوسع الصيني"و"نظرية التهديد الإسلامي"و"الإسلاموفوبيا"وغيرها من المغالطات، في محاولة التدخل وإعاقة وتدمير التبادل والتواصل والتعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة بين الحضارتين الصينية والعربية. مع ذلك، أثبت تاريخ وواقع التبادلات الودية بين الصين والدول العربية بشكل كامل أن العلاقات بين الصين والدول العربية والتعاون بينهما صمدت أمام اختبار مختلف التحديات، وأن الصين والدول العربية شريكان طبيعيان، يمكن أن يثق كل منهما بالآخر في تبادل المساعدة. وطالما تتمسك الصين والدول العربية بالتقاليد الودية، وتطوران روح طريق الحرير، وتتعاونان بإخلاص نحو المستقبل، فإن آفاق التعاون والتبادلات الحضارية بينهما ستكون واسعة للغاية. من المؤكد أن الممارسة العظيمة للتبادلات الحضارية الصينية- العربية في العصر الجديد ستسجل فصلا جديدا من التعايش المتناغم في تاريخ التبادلات بين حضارات العالم، وستساهم بمزيد من الحكمة في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"ورابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية ورابطة المصير المشترك للبشرية.
__
دينغ جيون، أستاذ ومدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي.
المصدر: الصين اليوم
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |