arabic.china.org.cn | 09. 12. 2022

التعاون الصيني- العربي في مجال الذكاء الاصطناعي

arabic.china.org.cn / 12:19:02 2022-12-09

9 ديسمبر 2022 / شبكة الصين / أظهر استخدام الصين للذكاء الاصطناعي بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا الجديد، وإقامة أولمبياد بكين الشتوية، التطور المذهل الذي وصلت إليه الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح يشكل جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، وبات يُستخدم في جميع مناحي الحياة تقريبا لتسهيل أمورنا وتحسين حياتنا.

يعرّف الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) الذي يشار إليه بالاختصار"AI"، بأنه امتلاك الآلات قدرة على التفكير تشابه البشر. وتتسابق الدول المتقدمة منذ سنوات إلى أن تكون رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي لما له من دور كبير وبارز في تحقيق التنمية وتطور الاقتصاد العالمي. وتُعقد كل سنة مؤتمرات دولية خاصة بالذكاء الاصطناعي من أجل العمل على تعزيز وتطوير هذا المجال عالميا.

وقد أولت الحكومة الصينية في السنوات الأخيرة أهمية كبيرة لتطوير الذكاء الاصطناعي، حيث خصصت مبالغ ضخمة لتطويره، وشجعت الطلاب على التخصص فيه، وحثت على زيادة الأبحاث والدراسات المتعلقة به. ويُستخدم الذكاء الاصطناعي في مجالات عديدة في الصين، منها الصحة والتعليم والأمن والبنية التحتية. ومنذ عام2016، أخذت العديد من شركات التكنولوجيا الصينية الكبيرة مثل بايدو، Sensetime، Megvii، في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها. وفي مارس2017، تم إدراج الذكاء الاصطناعي للمرة الأولى في تقرير عمل الحكومة الصينية، الذي قدّمه رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، إلى الدورة الخامسة للمجلس الوطني الـ13لنوّاب الشعب الصيني. وقال التقرير إنّ الحكومة"سوف تقوم بتسريع أعمال البحث والتطوير وتسويق المُنتجات الجديدة المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي، وتطوير المجمّعات الصناعية المخصَّصة لها". وفي شهر يوليو2017، أصدرت الصين خطّتها لتطوير الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، بوضعها جدول أعمال طموحا للغاية ومكونا من ثلاث مراحل زمنية مختلفة، تستهدف نموّ قيمة صناعات الذكاء الصناعي في البلاد إلى ما يتجاوز150 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي2ر7 يوانات حاليا) بحلول عام2020، وإلى ما يتجاوز400 مليار يوان بحلول عام2025، وإلى ما يتجاوز تريليون يوان بحلول عام2030. وفي عام2019، أطلقت وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية العديد من مشروعات البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا المشتركة في إطار"ابتكار العلوم والتكنولوجيا2030-الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي". وفي17 يونيو من العام نفسه، أصدرت اللجنة المهنية الوطنية لحوكمة الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد، بقيادة وزارة العلوم والتكنولوجيا،"مبادئ حوكمة الذكاء الاصطناعي للجيل الجديد- تطوير الذكاء الاصطناعي المسؤول".وضُمِنَ الذكاء الاصطناعي في الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية (2021- 2025).

تقود الصين الآن مجالات البحث والتطوير عالميا، وتحتل المرتبة الأولى في تسجيل براءات الاختراع، وهي عازمة على تثبيت مكانتها العالمية في مجال الابتكار، وتسعى الشركات الصينية لترسيخ مكانتها كلاعبة رئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي. والصين التي تعمل على بناء رابطة المصير المشترك للبشرية، تولي اهتماما لتطوير علاقاتها مع مختلف دول العالم، ومن بينها الدول العربية، في مجالات عديدة من ضمنها الذكاء الاصطناعي.

ذكرت الصين في الوثيقة الرسمية التي صدرت عنها، والتي تحدد فيها سياستها تجاه الدول العربية، العمل مع الجانب العربي على التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، كما أن الصين تعلن دائما عن رغبتها في تطوير العلاقات مع الدول العربية في هذا المجال. فمثلا، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي، إن على الجانبين (الصيني والعربي) العمل على تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي. كما أكد وزير خارجية الصين وانغ يي، خلال زيارته إلى منطقة الشرق الأوسط في مارس2021، على أهمية التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والبنية التحتية والتكنولوجيا، مثل تقنية الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي.

ولأن الصين متربعة على عرش الريادة التكنولوجية عالميا، فمن الضروري للدول العربية أن تعزز علاقاتها معها في مجال الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، خاصة أن العديد من دول المنطقة عملت خلال السنوات الأخيرة على تطوير التكنولوجيا فيها، محاولة اللحاق بركب الدول المتطورة في هذا المجال. فالسعودية مثلا تحتل المرتبة الأولى عربيا والمرتبة22 عالميا في مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي، وتعمل على وضع خطط كي تضعها في مقدمة الدول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، فقد أنشأت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، وتبنت المدن الذكية معتمدة على الذكاء الاصطناعي الذي يلعب دورا مهما في تحقيق رؤية السعودية2030. ويُذكر أن المملكة العربية السعودية، أول دولة في العالم تمنح جنسيتها لروبوت، وكان ذلك في عام2017، حيث منحت الرياض الجنسية السعودية للروبوت صوفيا. وفي مصر، أنشأت الحكومة المصرية المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي في عام2019. والإمارات العربية أيضا أصبحت واحدة من أسرع الدول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ففي عام2017، أطلقت الحكومة الإماراتية إستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وعينت وزير دولة للذكاء الاصطناعي. ومن جهة أخرى، أخذت العديد من الجامعات العربية على إدخال تخصص الذكاء الاصطناعي في مناهجها كجامعة الأمير مقرن بن عبد العزيز في السعودية، وجامعة البلقاء التطبيقية في الأردن، وجامعة قطر التي افتُتح فيها نادي الذكاء الاصطناعي، وجامعة القاهرة وجامعة بنها في مصر، وكلية أوروميد للهندسة الرقمية والذكاء الاصطناعي في المغرب، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في الإمارات العربية المتحدة، وغيرها من الجامعات المنتشرة في البلاد العربية والتي تشهد إقبالا كثيفا من قِبَل الشباب العربي للتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي إطار التعاون بين الجانبين العربي والصيني، تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، فمثلا أبرمت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) مع شركة هواوي مذكرة تفاهم لتنمية قدرات الذكاء الاصطناعي، وافتتحت الشركة في السعودية أكبر متجر لها خارج الصين، والذي يعرض أحدث منتجات وتقنيات شركة هواوي في مجالات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية المتنقلة. ولمكافحة فيروس كورونا الجديد، تعاونت هواوي مع هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة لتمكين الهيئة من استخدام الحلول والمنتجات المعزًّزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس. كما وقّعت السعودية مع شركة علي بابا للحوسبة السحابية اتفاقية تهدف إلى تأسيس شراكة إستراتيجية لقيادة الابتكار في المدن الذكية في السعودية، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وفي شهر مارس2022، وقّعت اتفاقية بين شركة STAR.VISION الصينية وشركات سعودية تتعلق بالذكاء الاصطناعي. وترتبط مبادرة"الحزام والطريق"بـ"رؤية السعودية2030"، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وشبكات الجيل الخامس. ويعمل الجانبان السعودي والصيني على تعزيز علاقاتهما في مجال الذكاء الاصطناعي، ففي أثناء اجتماع وزير خارجية الصين وانغ يي مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في25 مارس2022، ذكر وانغ أنه"يجب على الصين والسعودية التعاون في المجالات الناشئة مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والبيانات الكبرى لمساعدة السعودية على تعزيز التنويع الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة". وفي الأردن، وقّعت شركة طلال أبو غزالة للذكاء الاصطناعي اتفاقية إستراتيجية مع شركة الروبوتكس الرائدة في الصين (UBTECH)، لاستقطاب تكنولوجيا بناء الروبوت إلى المنطقة والاستفادة من التعليم المرتبط بالذكاء الاصطناعي. وفي إطار آخر، وقّعت جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية مع شركة هواوي اتفاقية لإنشاء أكاديمية متخصصة في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس.وفي لبنان أيضا وقّعت شركة هواوي اتفاقية مع الجامعة الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا لإنشاء أول أكاديمية للذكاء الاصطناعي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لبنان. وفي البحرين وقع مجلس التنمية الاقتصادية البحرينية وشركة تقنيات الذكاء الاصطناعي الصينية مذكرة تفاهم لتعزيز البنية الحيوية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. أما قطر فقد أطلقت في عام2019، تجربة نظام النقل السريع الأوتوماتيكي، الذي طورته شركة"CRRC"الصينية.

وأيضا تتعاون الإمارات العربية مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي حيث وقّعت العديد من الاتفاقيات بين الجانبين، ففي أثناء زيارة الأمير محمد بن زايد إلى الصين في عام2019، أُبرِمت مذكرة تفاهم حول التعاون في العلوم والتكنولوجيا للذكاء الاصطناعي بين وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية ومكتب الذكاء الاصطناعي في الإمارات. وخلال تفشي وباء كوفيد- 19، استخدمت شرطة الإمارات خوذات ذكية صينية الصنع يمكنها قياس درجة الحرارة. كما عيّنت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي أستاذ الذكاء الاصطناعي الصيني، خريج جامعة تشينغهوا، إريك شينغ رئيسا لها. وافتتحت شركةSense time  الصينية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مقرا لها في أبو ظبي. وعلى صعيد آخر، عملت شركة Sogou، المعروفة بمحرك البحث الخاص بها، وطريقة إدخال البيانات باستخدام الحروف اللاتينية (بينين)، مع شركة أبو ظبي للإعلام في تطوير أول مذيع أخبار يعمل بالذكاء الاصطناعي ناطق باللغة العربية. وفي مصر تم الاتفاق بين مركز الابتكار التطبيقي التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشركة"iFLYTEK"الصينية للتعاون في تنفيذ مشروع تنموي في مجال معالجة اللغات الطبيعية والترجمة الممكننة باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

إن التعاون الصيني- العربي في مجال الذكاء الاصطناعي، يشكل جزءا من مبادرة"الحزام والطريق"التي انضمت إليها معظم الدول العربية، ويساعد في إقامة رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية، الذي أشار إليه الرئيس شي جين بينغ في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي في عام2018. ولكن يعترض هذا التعاون جملة من الصعوبات، لعلّ أبرزها أن الولايات المتحدة الأمريكية ستضع العراقيل وتضغط على الدول العربية، لا سيما دول الخليج، للابتعاد عن الصين وستعمل على تشجيع شركاتها، كبديل عن الشركات الصينية، للتعاون مع شركات التكنولوجيا العربية.

وعلى الرغم من كل ذلك، فإن لدى الجانبان الصيني والعربي رغبة حقيقة لتطوير علاقاتهما في المجالات غير التقليدية، كالفضاء والذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس. لذلك، يجب تكثيف العمل من قِبَل الطرفين لتوقيع المزيد من الاتفاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي، ومن بينها إرسال طلاب عرب إلى الصين لدراسة الذكاء الاصطناعي، وقدوم خبراء صينيين إلى المنطقة العربية لتدريب الشباب العربي، فضلا عن تأسيس منتدى صيني- عربي خاص بالذكاء الاصطناعي يُعقد سنويا ويستضيف خبراء من العرب والصينيين في مجال التكنولوجيا، وأيضا إجراء مباريات بين الشباب العربي والصيني حول الذكاء الاصطناعي.

--

د. تمارا برّو، باحثة في الشأن الصيني من لبنان.


المصدر: الصين اليوم


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号