بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

29 نوفمبر 2022 / شبكة الصين / جعلت السياسة الصينية في العصر الحديث مفهوم "الحلم الصيني" هدفا أساسيا لها، ويرتبط هذا المفهوم بشكل مباشر بالشعب الصيني وهو ما أشار إليه الرئيس الصيني شي جين بينغ من خلال قوله "إن الحلم الصيني هو حلم الشعب، نستطيع أن نحقق الحلم الصيني فقط عندما نربطه بتوق شعبنا لحياة أفضل". كما يرتبط مفهوم الحلم الصيني في العصر الحديث بشكل وثيق بأفكار شي، وذلك يعود إلى زيارته للمتحف الوطني الصيني في نوفمبر 2012، خلالها أكد على أن الحلم الصيني هو "التجديد العظيم للأمة الصينية"، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا المصطلح هدفا أساسيا في الخطط الصينية، فهو يجسد الإيديولوجية السياسية الصينية في العصر الحديث.

يعود مفهوم "الحلم الصيني" إلى فترة طويلة من تاريخ البلاد، حيث أشارت الأعمال الأدبية الكلاسيكية في الصين إلى "الحلم الصيني"، ويرتبط الحلم الصيني أيضا إلى فترات مقاومة الشعب على مر التاريخ لتحقيق الأفضل للبلاد، ومنذ إقامة سياسة الإصلاح والانفتاح لجمهورية الصين الشعبية أصبح تحقيق الأفضل في سبعينيات القرن الماضي حلما صينيا بدأ يتجسد بشكل واضح على أرض الواقع، لتتخذ البلاد بعد ذلك هدف تطوير الصين للوصول إلى المراتب العالمية الأولى وتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، ويبلور هذا الحلم في العصر الحديث تطلعات أبناء الشعب الصيني إلى حياة أفضل تتماشى مع الحداثة والعولمة بطريقة سلسة.

 تسعى الصين من خلال حلمها إلى تحقيق النجاح في عصر العولمة وذلك من خلال الحفاظ على القيم الصينية القديمة التي تقوم على الشعب في أساسها وتحترم الثقافة الصينية العريقة، كما يتم تحقيق هذا الحلم عبر التمازج السلس بين هذه الثقافة مع التكنولوجيا الحديثة، وهذا ما يخدم الشعب الصيني ويساهم في تمتعه بحياة رغيدة على نحو شامل مع الحفاظ على طابعه الخاص.

إن طرح الصين لمفهوم "حلم الأمة العظيمة" يعتمد على تطبيق خطط وسياسات متعددة في البلاد للنهوض بالأمة الصينية بشكل كامل في شتى القطاعات، وقد برهنت الصين أنها قادرة على تحقيق الأفضل لشعبها وخاصة بعد نجاحها في القضاء على الفقر المدقع في البلاد وإخراج 800 مليون صيني من تحت خط الفقر، كما تعمل الصين الآن على الحفاظ على هذا الإنجاز الإنساني الهام من خلال توفير مختلف التسهيلات والسبل لشعبها وعدم العودة إلى العجز والفقر المدقع من جديد.

يهتم الحلم الصيني بعدة جوانب لكن يمكن أن نقول إن السلام هو أهم ما يقوم عليه هذا الحلم، وذلك ما جاء بشكل متكرر في خطاب شي جين بينغ في مارس 2014 من خلال قوله " إن الحلم الصيني حلم يسعى للسلام، يحتاج الحلم الصيني إلى السلام، ولا يمكن تحقيق الحلم إلا في ظل السلام، ويعتبر السلام والانسجام طموحا للأمة الصينية ممتدا لآلاف السنين، ويحرص الشعب الصيني على السلام، ويرغب في أن يشارك دول العالم في تحقيق وحماية والتمتع بالسلام"، وفي ذلك تأكيد على أن التعاون الصيني داخل وخارج البلاد قائم على السلام وعلى التعاون بين مختلف أبناء الشعب وأيضا تطبيق مبدأ الديبلوماسية الصينية مع بقية الدول من خلال عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام القوانين الدولية، والبحث عن سبل الانفتاح والتشارك المربح لجميع الأطراف، وكل ذلك يظهر بشكل كبير في عدة مبادرات صينية وعلى رأسها مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني بهدف خلق أرضية مريحة للربح المشترك بكل سلام لجميع الأطراف.

لم يقتصر الحلم الصيني على الحفاظ على ما حققته الصين حتى الآن، بل تسعى البلاد في السنوات القادمة أيضا إلى تحقيق أهدافها المئوية في العصر الحديث بأن يتمتع المجتمع بحياة رغيدة وأيضا تطبيق التحديث عالي الجودة بهدف أن تصبح الصين دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل بحلول 2049 أي خلال الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وكل ذلك يساهم في تحقيق حلم الأمة الصينية.