الصفحة الأولى | حجم الخط  

تحقيق إخباري: الأعراس الشعبية التراثية تعود للواجهة في جنوب سوريا بعد ارتفاع تكاليف العرس

arabic.china.org.cn / 08:36:40 2022-06-30

السويداء، سوريا 29 يونيو 2022 (شينخوا) على وقع آلة المجوز الموسيقية التراثية اصطف مجموعة من الشبان يتمايلون بحركات متناسقة وبلباس شعبي تراثي لأهالي محافظة السويداء جنوب سوريا، يغنون أجمل الاهازيج في عودة للأصالة والتراث الشعبي الذي تناسته الأجيال بسبب الحضارة والعادات الوافدة على المجتمعات المحلية.

وعلى منصة خشبية في فسحة من الأرض بقرية رساس بريف السويداء الجنوبي، جلس العروسان مطيع أبو طافش وأميرة الحسن بلباس تقليدي تراثي يعود بنا لعقود من الزمان، حيث كان العروسان يزفان بهذه الطقوس التراثية الاصيلة ليذكرنا بالماضي العتيق.

ويرى المهتمون بالتراث الشعبي في محافظة السويداء أن عودة الأعراس الشعبية إلى الواجهة من جديد، يعود لسببين الأول التكاليف الباهظة التي تدفع من أجل إقامة حفلة الزفاف في صالة كبيرة، وفيها زينة وطقوس لا تشبه العادات التي كانت سائدة في تلك المحافظة. والأمر الثاني، هو انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة الذي يعيق إقامة مثل تلك الحفلات في الصالات المأجورة، والأمر الأهم حسب رأيهم هو العودة للتراث والتجذر بالموروث الشعبي الذي تتناقله الأجيال.

وعبرت العروس أميرة (23 عاما) عن سرورها بارتداء بدلة العروس المزركشة ذات الألوان الزاهية، التي ارتدتها جدتها قبل عقود من الزمان، لافتة إلى أن هذا البدلة لها رمزية ودلالة في أذهان الكثير من الفتيات.

وقالت العروس أميرة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "عندما قررنا أن نقيم حلفة الزفاف على الطريقة التقليدية شعرت بفرح كبير، لأنني سوف أكون مميزة عن باقي الفتيات، وأن أزف بطقس شعبي تراثي، يعيدنا إلى الماضي الجميل"، مبينة أن كل رفيقاتها أعجبوا بقرارها، وأيدوا الفكرة، وتشجعوا على إقامة حفلات زفافهن بنفس الطريقة.

ووقفت أميرة في منتصف حلقة من الفتيات اللواتي ارتدين نفس اللباس التقليدي، وهي تضع على رأسها الطربوش المذهب، والفوطة الرقيقة فوقه، ويغطي جسدها بدلة وردية اللون مزركشة وطويلة، وراحت ترقص مع إحدى رفيقاتها على أنغام أغنية تراثية، والكل يصفق لها تعبيرا على فرحهم بزفاف الشابة أميرة على شريك عمرها مطيع.

وفي مكان آخر اجتمع الشبان ورجال القرية، ومعهم العريس الذي يلبس البدلة الرسمية، وفوق اكتافه عباءة شقراء، يغنون الأغاني التراثية، ومنها الجوفية،(وهي لون تراثي كان يغنى أيام الحروب لرفع الروح المعنوية لدى المقاتلين إبان الاستعمار التركي والفرنسي)، مع تصفيق حار يستمر لبضع دقائق.

وقال العريس مطيع لـ((شينخوا)) "قبل أسبوعين دعيت لحفل زفاف صديق لي كان مغترب في دول الخليج وأراد أن يقيم حفلة زفاف له على الطريقة التراثية، وعندما شاهدت الطقوس قررت أن يكون عرسي بنفس الطقوس، لأنها جميلة والكل يشارك في الفرح".

وأضاف مطيع، الذي خرج من حلقة الدبكة "هذا هو تراث اجدادنا وآبائنا، والعودة إلى التراث شيء جميل، واشجع من يريد أن يقيم حفلة زفاف أن تكون تراثية وفي المنازل حيث المشاركة الوجدانية من قبل الناس".

من جانبه، اعتبر معين العماطوري رئيس جمعية التراث الشعبي السابق في محافظة السويداء أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها غالبية السوريين بسبب ظروف الحرب التي عصفت بالبلاد، والعقوبات الاقتصادية الغربية الجائرة، دفعت الناس للابتعاد عن الصالات والفنادق، والعودة إلى التراث الشعبي وإقامة حفلات الزفاف في المضافات الموجودة في كل منزل بمحافظة السويداء، والاستمتاع بالموروث الشعبي الذي نقل إلى الأجيال بالتوارث ليشكل هوية خاصة فيما بعد.

وقال العماطوري لـ((شينخوا)) إن "الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريين منذ أكثر من عقد من الزمان، دفعت الناس في محافظة السويداء إلى العودة للتراث الشعبي، والاستمتاع بالوان التراث الشعبي والاهازيج الشعبية من الهولية والجوفية وقصيدة الفن، وكلها ألوان غنائية تراثية شعبية معروفة في محافظة السويداء"، مؤكدا أن هذا التراث يجب أن يبقى حيا وحاضرا في ذاكرة الناس وخاصة الشبان.

وتابع رئيس جمعية التراث الشعبي يقول إن "العادات الوافدة على التراث الشعبي أبعدت الناس عن بعضها، وباتت المشاركة الاجتماعية ضئيلة ولا تكاد تتعدى الواجب الاجتماعي"، لافتا إلى أن عودة الأعراس الشعبية كطقس اجتماعي، يزيد من التكافل الاجتماعي بين الناس ويشد أواصر الترابط فيما بينهم.

وأبدى أبو إسماعيل، 65 عاما، إعجابه بالعرس الشعبي الذي أقامه الشاب مطيع، مؤكدا أن هذا العرس أعاده لزمن الأباء والأجداد، حيث كان العرس يقام لعدة أيام، وتقام فيه طقوس الطعام والغناء والضيوف تأتي من القرى المجاورة للمشاركة في العرس ضمن احتفالية رائعة تحمل الكثير من الدلالات الاجتماعية، لافتا إلى أن الأعراس الحديثة التي تقام في الصالات باتت مكلفة ومرهقة لأهل العريس.

وشرح أبو إسماعيل تفاصيل العرس الشعبي بداية من جهاز العروس إلى الزفة وانتهاء بطقوس العرس ومجيء أهل العروس إلى منزل العريس لاحقا.

وانتشرت في الآونة الأخيرة الأعراس الشعبية في ريف محافظة السويداء، في خطوة للعودة للتراث الشعبي، وتخفيف تكاليف العرس على الشاب الذي يريد أن يتزوج، والابتعاد عن البهرجة غير الضرورية، كما أن الفتيات يفضلن إقامة حفلات الزفاف في المنازل، كما كان في السابق قبل أن تدخل العادات الدخيلة على الطقوس الإجتماعية في تلك المحافظة. /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين
 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号