الصفحة الأولى | حجم الخط  

مقالة خاصة : تداعيات شحة المياه على حياة العراقيين

arabic.china.org.cn / 09:00:03 2022-06-16

بغداد 15 يونيو 2022 (شينخوا) " نحن في خطر لعدم وجود المياه وسوف نرحل للبحث عن مصدر لعيش أطفالنا" بهذه الكلمات لخص المزارع العراقي وليد علي محمد الوضع المأساوي الذي يعيشه عشرات الآلاف من الفلاحين العراقيين بسبب الشح الكبير في المياه.

كما دق مسؤولون عراقيون ناقوس الخطر الذي يواجه بلادهم بسبب الجفاف وشح المياة الذي أصبح مشكلة حقيقة تهدد الشعب العراقي، ما دفع حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس البرلمان إلى التهديد علانية بتجريم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول الجوار التي قطعت المياه عن العراق.

وقال الزاملي يوم (الخميس) الماضي"إن مناسيب المياه انخفضت بصورة مخيفة وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين ومستقبل الأجيال" ،مبينا أن تركيا قطعت 80 بالمائة من حصة العراق، فيما قامت إيران بقطع جميع الأنهار التي تصب في العراق.

وأضاف "في حال الوصول لطريق مسدود مع هذه الدول واستمرارها بعدم الجلوس لطاولة التفاوض فإن مجلس النواب سيضطر لسن قانون تجريم التعاون الاقتصادي والتجاري معهما".

وباتت مناطق عديدة من العراق تعاني من الجفاف الذي أدى إلى تراجع الزراعة وصيد الأسماك ما هدد سبل العيش للكثير من العراقيين.

-- من حديقة غناء لأرض جرداء--

في قرية كيبية جنوبي محافظة صلاح الدين شمال بغداد كان وليد علي محمد يملك مزرعة غناء فيها من صنوف الفواكه ما لذ وطاب تدر عليه سنويا ملايين الدنانير لكن شح المياه حولها إلى أرض جرداء لا حياة فيها.

فقد انقلبت حياة محمد رأسا على عقب وأصبح يبحث عن مصدر رزق لتوفير لقمة عيش لأطفاله بعد أن كان من الميسورين.

وقال محمد وهو يتجول وسط بقايا الأشجار اليابسة لوكالة أنباء ((شينخوا)) مزرعتي هذه يبست هي ومحصولاتها، كنا نبيع منها سنويا بملايين الدنانير، وحاليا قطع المياه سيجعلنا نضطر للرحيل والبحث عن مصدر لمعيشة أطفالنا.

وأضاف محمد البالغ من العمر (36 سنة) والحسرة والآلم واضحة على وجهه بعد أن سحب مجموعة أغصان يابسة ورماها على الأرض، الحياة كلها في المياه والأن لا يوجد مياه فكيف يمكن العيش من غير مياه .

ووصف مزرعته بأنها كانت عبارة عن حديقة جميلة تفتح النفس وتشعر بالراحة النفسية أثناء التجوال فيها، أما الأن فقد تحولت إلى أرض قاحلة وجرداء خالية من الحياة والأشجار نتيجة شح المياه.

وتابع "حتى الحيوانات نفقت من العطش، وبسبب قلة المياه دمرت حياتنا، الأن نحن نقوم بنقل المياه للحيوانات لكي نسقيها، نحن دمرنا بسبب قلة المياه".

-- تداعيات الجفاف--

يؤكد المسؤولون العراقيون أن شح المياه سيكون له تداعيات كبيرة على الشعب العراقي من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وحتى السياسية.

وقال جاسم الفلاحي وزير البيئة العراقي لـ ((شينخوا)) "إن العراق مصنف على أنه من أكثر خمس دول في العالم تأثرا بالتغييرات المناخية، نتيجة قلة تساقط الأمطار والجفاف والزيادة المطردة بدرجات الحرارة".

وأضاف نعاني من شح مائي كبير سببه الحقيقي أن اكثر من 90 % من الإيرادات المائية تأتي عبر الحدود.

وعزا السبب لوجود مشاريع بدول المنبع بالجانب التركي والإيراني أدت إلى تراجع كبير في إيراداتنا المائية ما أدى لزيادة معدلات الجفاف وتدهور الأراضي والتصحر وتقلص الرقعة الزراعية وزيادة العواصف الغبارية والترابية.

وأكد وجود تداعيات مهمة للجفاف تتعلق بفقدان أعداد كبيرة من الناس لمصدر رزقهم واقتصادياتهم المعتمدة على الزراعة وصيد وتربية الحيوانات، قائلا "يمكن أن ينشأ عن الجفاف ما يسمى ب (اللاجيء البيئي) أي نزوح مجاميع نتيجة للجفاف وعدم توفر إيرادات مائية كافية، وهذا يتسبب بمزيد من الضغط على مدن تعاني أصلا من نقص كبير في الخدمات".

وتابع الجفاف بالتأكيد له تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية، ويمكن أن يستنزف البنية التحتية التي تعاني أصلا من مشاكل جدية.

ودعا الفلاحي لاستخدام التكنولوجيات الحديثة بالزراعة والري بالتنقيط واستخدام المرشات، مضيفا "أن ترشيد استخدام المياه مهم جدا ونحن الأن نقوم بحملة كبيرة جدا بهدف رفع مستوى الوعي حول أهمية مواجهة تأثير التغييرات المناخية في أهم قطاع وهو قطاع المياه".

وفي السياق أكد علي راضي المتحدث باسم وزارة الموارد المائية لـ ((شينخوا)) وجود ارتباط أساسي للأمن الغذائي والمياه، قائلا " إن موضوع المياه مهم جدا وأساسي في الأمن الغذائي ".

وأضاف "الأمن الغذائي محور مهم يتعلق بحياة الناس وبكل المتطلبات التي لها علاقة بالغذاء، فالأمن الغذائي والأمن العام مرتبطان ارتباطا كبيرا جدا".

وعن الخطة التي أعدتها وزارته لمواجهة شح المياه، أجاب راضي، أمنا حفر الكثير من الأبار في المناطق التي لا تصلها المياه وتم نصب العديد من محطات الضخ لتأمين المياه للمناطق التي تعاني من انخفاض في مناسيبها .

وتضمنت الخطة "تطبيق نظام المناوبة بتوزيع المياه والمحافظة على نوعيتها ومنع التجاوزات وتطبيق الخطط المدروسة في إطلاقات المياه من السدود والخزانات وكذلك بتوزيعات المياه، وأيضا التنسيق مع وزارة الزرعة بموضوع تحسين كفاءة الأرواء واستخدام التقنيات الحديثة".

بدوره أقر حميد النايف المتحدث باسم وزارة الزراعة بوجود خطر وتهديد للأمن الغذائي في العراق نتيجة شح المياه.

وقال النايف لـ ((شينخوا)) "هناك خطر وتهديد حقيقي للأمن الغذائي في العراق بسبب الجفاف وشح المياه الذي تسبب بتقليص الخطة الزراعية لعام 2022 إلى 50 بالمائة عن ما كانت عليه في العام السابق، وهذا له تداعيات على حياة الفلاحين".

وأكد أن وزارة الزراعة أعدت خطة للاعتماد على المياه الجوفية وحفر الأبار كبديل لتوفير مياه للزراعة تتضمن توفير مياه لزراعة نحو مليون دونم (الدونم يساوي 2500 م2) بالحنطة في الصحراء بين محافظتي النجف والمثنى.

وأضاف "أن الفلاح العراقي متمسك بأرضه حتى وإن لم يستطع زراعتها، وحتى لو اضطر أن يغير طريقة معيشته ويلجأ إلى أماكن أخرى لكنه لن يهجر أرضه".

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين
 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号