الصفحة الأولى | حجم الخط  

تحقيق إخباري : الغوطة الشرقية بريف دمشق تنفض عنها غبار سنوات الحرب وبساتينها تستعيد ألقها

arabic.china.org.cn / 08:48:56 2022-05-19

ريف دمشق 18 مايو 2022 (شينخوا) يمشي أبو خالد الرجل الستيني بالعمر متأملا بين أشجار مزرعته في الغوطة الشرقية بريف دمشق، التي أعاد غرسها منذ عام 2019، بعد أن عاثت سنوات الحرب فيها خرابا ودمارا، ولينفض عنها أثار الحرب ويعيد الألق لهذا المكان القريب إلى روحه، في إشارة لعودة الحياة إلى تلك البقعة من الأرض التي شهدت أعتى المعارك.

في قرية بزينة بريف دمشق الجنوبي الشرقي، التي تبعد عن العاصمة دمشق أكثر من 15 كليو مترا والتي كانت واحدة من بين القرى والبلدات التي شهدت أعتى المعارك خلال سيطرة فصائل المعارضة المسلحة عليها منذ عام 2011، اليوم وبعد أن استعاد الجيش السوري السيطرة عليها في عام 2018 ، تتحول إلى مكان مختلف، حيث تزرع فيها مختلف أصناف المزروعات من قمح وشعير والأشجار المختلفة من مشمش وزيتون وغيرها، لتشكل مع باقي القرى والبلدات مشهدا جميلا يشعر النفس بالطمأنينة.

وقبل سنوات الحرب كانت غوطة الشرقية الرئة التي يتنفس بها سكان العاصمة دمشق خصوصا والسوريين عموما، بالإضافة لكونها السلة الغذائية الهامة لما تنتجه من خضروات وفواكه ومشتقات الحليب، وخلال سنوات الحرب تحولت إلى صحراء قاحلة، وتم حرق الأشجار التي كانت تغطي مساحات كبيرة من أراضيها، وأهملت الأرض كثيرا ولم يتمكن الأهالي من ممارسة أعمال الزراعة بسبب الحرب.

وأشار أبو خالد، وهو يرتدي حذاء أسود بقدمه، ويضع على رأسه قطعة قماش حمراء تسمى (شماخ)، إلى أن مزرعته قبل نشوب الحرب، كانت تحتوي على مختلف أصناف الأشجار المثمرة، والخضار الموسمية التي تزرع بين الأشجار.

وقال أبو خالد، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لم أكن أتوقع أن أرى مزرعتي مرة أخرى وأن أعود للعمل بها" ، واصفا لحظة دخوله إلى الأرض بعد خروج المسلحين منها بأنها "كارثية"، فكانت قاحلة وكل الأشجار مقطعة، وقسم منها محروق والبناء شبه مدمر.

وتابع يقول "لكن بالإصرار والعزيمة قررت أن أعيدها كما كانت عليه، وقمت بزراعة الأشجار من جديد، واليوم كما تشاهدها خضراء وعادت إليها الحياة من جديد"، مبينا أن هذا الأمر أخذ منه وقتا وجهدا كبيرين.

وروى أبو خالد أن معظم أبناء القرية عادوا إلى أرضهم، وقاموا بحرثها وغرسها بالأشجار المثمرة، مشيرا إلى أن هذا الأمر شكل حافزا للغالبية لكي يعملوا بجد ونشاط لإخفاء آثار الحرب واستعادة الألق لغوطة دمشق.

وبعد ساعات من العمل جلس أبو خالد تحت ظل أحد الأشجار ليشرب الشاي الذي أعده على الحطب، وقال "الأرض هي عشقي وتلك الأشجار هي بمثابة أبنائي ، فأنا أهتم بها وأرعاها كي تبقى خضراء"، مبينا أن غالبية أهالي قرى الغوطة الشرقية قاموا بنفس الفعل وغرسوا الأشجار، وقسم منهم يزرع الأراضي بالقمح والشعير، ويعملون كخلية نحل لإعادتها كما كانت في السابق.

وعلى بعد بضعة كيلو مترات من مزرعة أبو خالد، كان أبو نديم الخمسيني بالعمر، يمسك بيده معولا ويقوم بتحريك التربة تحت الأشجار، وأحد أولاده يمسك مجرفة ويقوم بفتح الطريق أمام المياه المتدفقة لري أشجار المشمش التي غرسها قبل ثلاث سنوات.

وقال أبو نديم لـ (( شينخوا)) إن "الغوطة تعني الأشجار الكثيفة والماء الوفير، لهذا لن نيأس، وسنعيد الغوطة كما كانت قبل نشوب الحرب وسنزرع الأشجار"، مؤكدا أن الغوطة بدأت تستعيد ألقها رويدا رويدا، والزراعة هي "كار" أي مهنة أهالينا، وسنورثها للأبناء.

وأضاف "موسم المشمش هذا العام جيد، وسيتم بيعه لأحد المعامل التي تصنع حلوى قمر الدين"، مؤكدا أن هذا أول موسم يبيع فيه المحصول بعد أن قام بغرس الأشجار منذ عام 2019، حيث اشترى الأشجار بعمر 3 سنوات لكي تعطي ثمارا في وقت قريب.

وخلال جولة مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) في عدة قرى بريف دمشق الشرقي، كانت بساتين المشمش والزيتون المزروعة حديثا تمتد على مساحات كبيرة، بالإضافة إلى زراعة القمح والشعير وبعض أصناف الخضروات الموسمية، والأهالي ينتشرون في أراضيهم بكثافة لريها وحراثتها والاعتناء بها.

وفي مكان آخر، وفي بلدة دير العصافير، والمجاورة لبلدة بزينة، كان أبو محمد (57 عاما ) يجلس أمام مشتله الزراعي، يبيع بعض الناس الورود والشتول الزراعية المختلفة.

وقال أبو محمد "مهما حاول الإرهاب أن يقتل ويدمر الحجر والشجر، إلا أن إرادة الإنسان وإصراره على الحياة، ستبقى أقوى منه، هم يقطعون ويحرقون، ونحن نزرع وسنبقى نزرع".

وتابع يقول "هناك حركة نشطة من قبل الأهالي لشراء الشتول الزراعية من أشجار مثمرة وأشجار الزينة "، مشيرا إلى أن هذا دليل على إصرار الناس لإعادة الحياة لهذه الغوطة التي كانت تعني الكثير للناس، معبرا عن سروره لإقبال الناس على شراء الشتول الزراعية، مؤكدا أن هذا يزيد من المساحات الخضراء في الغوطة.

ويشار إلى أنه في فبراير من العام الحالي قامت فعاليات أهلية وطلابية بحملة تشجير في بلدة المليحة بريف دمشق الشرقي، دعما لإعادة إحياء الأشجار المثمرة في الغوطة الشرقية.

وتم زراعة 400 شجرة مشمش و75 لوزيات و75 زيتون في مناطق متفرقة بالبلدة، بحسب الإعلام الرسمي السوري.

وبالرغم من أن معالم الحرب لا تزال حاضرة في ريف دمشق الشرقي، المعروف بالغوطة، وحجم الدمار الذي لحق بالأبنية، إلا أن إصرار الناس على متابعة العمل، وزراعة الأراضي بعدد كبير من الأشجار المثمرة، يسهم في تغطية بعض الدمار والخراب الذي لحق بهذه البقعة من الأرض./نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين
 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号