بقلم ون سه

خبيرة في السياسة الدولية

9 مارس 2022 / شبكة الصين / تستقطب الصين في كل مناسباتها المحلية أنظار العالم الخارجي، ومن أهم هذه المناسبات "الدورتين السنويتين"، حيث تعيش بكين منذ الخامس من مارس انطلاق الاجتماعات السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني. وخلال افتتاحية الدورة الخامسة للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، والتي حضرها الرئيس الصيني شي جين بينغ وكبار القادة، تم تقديم تقرير عمل الحكومة من قبل رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ. وينقسم هذا التقرير إلى عدة أجزاء، تبدأ باستعراض شامل لعمل الحكومة في العام الماضي وأهم ما حققته الصين في القطاع الاقتصادي والاجتماعي وغيرها من القطاعات الأخرى. حيث نجحت الصين خلال عام 2021 في تحقيق معدل الناتج المحلي بنسبة 8.1٪، وهي نفس نسبة ارتفاع نصيب الفرد من الدخل المتاح للسكان في البلاد، وارتفاع نسبة تطعيم السكان والتي بلغت أكثر من 85٪ في الوقت الذي يعاني منه العالم من مشاكل كبيرة في مكافحة فيروس كوفيد-19، وكل هذه المؤشرات تدل على نجاح كبير في الاقتصاد الصيني المرن في العام الماضي وقطاعها الصحي رغم كل الصعوبات التي فرضها الوباء.

لا تقتصر أهمية التقرير السنوي في استعراض ما حققته الصين في العام الماضي فقط، بل يتم أيضا عرض البرامج التي تأمل الحكومة تحقيقها في العام الجاري في القطاع الاقتصادي والاجتماعي ومختلف القطاعات الأخرى. حيث أكد التقرير على أن الصين تسعى إلى خلق أكثر من 11 مليون وظيفة جديدة في المناطق الحضرية، والنقطة الأهم تتمثل في السعي إلى تحقيق نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني بحوالي 5.5٪، وقد ضخت هذه النسبة "ملامح إيجابية" وبشائر جيدة للاقتصاد العالمي، فالصين منذ الجائحة أصبحت المحرك الأهم لدفع عجلة الاقتصاد العالمي، فبالرغم من تحديات الوباء، إلا أن الصين ساهمت وحدها بنسبة 18٪ من الاقتصاد العالمي في 2021. كما تعهدت الحكومة الصينية من خلال تقريرها السنوي بأن البلاد ستراهن على تحقيق المزيد من الإنجازات على مستوى البيئة وحماية المحيط الأيكولوجي، وذلك من خلال مخططات وسياسات تحمي البيئة وتوسع "المساحات الخضراء" في البلاد ومعالجة التلوث في مختلف مستوياته.

خلال اجتماعات "الدورتين"، يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ مناقشات هامة مع عدد من المشرعين، وقد أكد على عدة نقاط تهم مسيرة الدولة والشعب في المستقبل، القائمة على التوافق والتماسك والوحدة بين جميع القوميات والمناطق الصينية، وهو ما يوفر أرضية مهمة لمواصلة الحزب الشيوعي الصيني والدولة تحقيق المزيد من النجاحات الاجتماعية. حيث أكد شي على أن الصين تسعى إلى تحقيق المزيد من النجاحات من خلال "تعزيز الانتماء إلى الأمة الصينية" بالإضافة إلى العناية بكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وتعزيز التعاون بين مختلف القوميات الـ56 الصينية، هذا التناسق بين أبناء القوميات وصفه شي بكونه "شريان الحياة" للأمة الصينية. كما شدد شي على مواصلة نجاح الحزب الشيوعي الصيني إنجازاته من خلال "تدعيم القيادة العامة للحزب، التي تشكل العمود الفقري الأكثر ثقة للشعب عند مواجهة الرياح والعواصف". لقد تميز حضور شي جين بينغ خلال المناقشات مع المسؤولين والمستشارين بعرض "روح صينية" خاصة من خلال تقديم أمثال وأقوال مأثورة من عمق الثقافة والتاريخ الصيني خلال هذه المناقشات، وهو ما يعطي طابع البساطة والوضوح والقرب من روح الشعب الصيني.

تتميز الدورتان باهتمامها بكل المجالات التي تخص عمل الدولة عامة والمواطن خاصة، وتُعتبر الجوانب الأهم للمواطن الصيني خلال الدورتين هي تلك القرارات والمجالات التي تلمسه مباشرة وعلى رأسها التوظيف والصحة والتعليم، حيث تسعى الصين خلال 2022 إلى تحقيق المزيد من الرخاء للمواطنين الصينيين من خلال تعزيز التعليم في الصين بمستويات متوازنة وغير متفاوتة مع تحسين جودته، وهذا المجال يمس أغلب العائلات الصينية التي تسعى إلى ضمان مستقبل أطفالهم في عصر التقدم والتطور ومنافسة العلوم والتكنولوجيا.

تقدم الصين من خلال الدورتين السنويتين تقارير وخطط مدروسة وفعلية بهدف تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة وسليمة شاملة داخل المجتمع الصيني وأيضا من أجل التعاون الصيني الخارجي في مختلف القطاعات.