arabic.china.org.cn | 22. 05. 2021 |
من اللوحات إلى الواقع.. رسام صيني يحمي الحياة البرية
لي لي (يمين) ومتطوع يجران عمليات مراقبة وتفتيش
21 مايو 2021 / شبكة الصين / اكتشف متطوعو مركز "الفهد الأسود لحماية الحياة البرية" مؤخرا فرخي لقلق أسود داخل عشهما في حوض نهر داشي بمنطقة فانشان بالعاصمة بكين، الأمر الذي أثبت بشكل مباشر أن طيور اللقلق الأسود الملقبة بـ"باندا الطيور" خرجت من منطقة نهر جيوما لتتكاثر في مناطق أخرى ببكين.
ويعتبر اللقلق الأسود طائرا محميا من الدرجة الأولى في الصين، ومدرج أيضا ضمن الأنواع المهددة بالانقراض حسب "اتفاقية التجارة الدولية للأنواع المهددة بالانقراض للحيوانات والنباتات البرية". ولا يوجد سوى قرابة 3000 طائر من هذا النوع في العالم، منها نحو 1000 في الصين.
ويعد حوض نهر جيوما في منطقة فانغشان ببكين أحد الموائل الهامة لطيور اللقلق الأسود، وزاد عددها من 3 أو 5 بعد أول رصد لها في عام 2000 إلى أكثر من 70 حاليا. كما يشهد عدد طيور اللقلق السوداء نموا بفضل توفير ممرات بيئية ووضع سياسات وأنظمة لحماية الحياة البرية، وكذلك مساهمات المتطوعين.
إنقاذ الحيوانات النادرة المرسومة
لي لي، مؤسس ومدير مركز الفهد الأسود لحماية الحياة البرية، عشق فن الرسم منذ الصغر. وخلال دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة، كان يستغرب عدم وجود وحيد القرن الآسيوي في الصين. وبعد الاطلاع على المعلومات، وجد أنه كان هناك العديد من الأنواع في الصين، لكنها انقرضت لأسباب مختلفة، وقال لي "لا أريد أن تبقى هذه الحيوانات على اللوحات الفنية فقط".
وبهذه الفكرة، ترك لي الدراسة في أكاديمية الفنون الجميلة في عام 2000 وأسس مركز الفهد الأسود لحماية الحياة البرية. وفي نفس العام، رصد طيور اللقلق الأسود بالقرب من نهر جيوما لأول مرة، وقال "في تلك الفترة رصدنا ما بين 3 أو 5 طيور فقط، ومع معرفة أن هذا النوع نادر جدا، قررنا رسميا إنشاء مشروع حماية لها". وهكذا أصبح مشروع حماية اللقلق الأسود أول مشروع حماية يتم تحديده بعد تأسيس المركز.
وفي بداية تأسيس المركز، وعلى الرغم من الافتقار إلى الخبرة والتمويل، ثابر لي لي وزملاؤه على فعل ما بوسعهم بحماسة. فطبعوا على نفقاتهم الخاصة بعض الكتيبات حول حماية الحيوانات ووزعوها على القرويين. لكن في ذلك الوقت، لم يكن القرويون يدركون مفهوم حماية البيئية، وتركوا الكتيبات أمام منازلهم حتى دون النظر فيها.
ومن أجل تجاوز الصعوبات المالية، عاد لي لي إلى عمل الرسم وأفتتح معرضا، حيث نالت لوحاته إقبالا كبيرا، وقال "تم حل مشكلة التمويل حينها، وبدأت شراء معدات مختلفة مثل الكاميرات ومسجلات الفيديو وأجهزة تحديد المواقع وأخرى للمراقبة بالأشعة تحت الحمراء، لقد حصلت على كل شيء يجب توفيره".
وفي عام 2007، تعرف لي لي على الدكتور شيه يان، الباحثة المشاركة في معهد علم الحيوان بالأكاديمية الصينية للعلوم وهي عالمة معروفة في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي. وبعدها انضم مركز الفهد الأسود إلى مشروع الجمعية الدولية للحفاظ على الحياة البرية في الصين. حيث زار أعضاء الفريق أجزاء مختلفة من العالم لتحصيل المعرفة ذات الصلة في مختلف مجالات حماية الحيوانات. ليصبح مركز الفهد الأسود مؤسسة محترفة لحماية الحيوانات البرية.
وبعد سنوات من جهود الحكومة ومركز الحماية والجهات المعنية المختلفة، زاد عدد طيور اللقلق الأسود في محمية نهر جيوما الطبيعية إلى أكثر من 70 طائرا. كما تم تسمية منطقة شيدو "مسقط رأس اللقلق الأسود" من قبل جمعية الحفاظ على الحياة البرية الصينية.
ويعتبر اللقلق الأسود مؤشرا بيئيا هاما، فعادة ما يعيش هذا الطائر بالقرب من الأنهار والأماكن الأقل تعرضا لتأثير الإنسان، كما لا يمكن أن يجد طعامه إلا في المياه الصافية. وأوضح لي لي أن الزيادة في تعداد اللقلق الأسود دليل على التحسن التدريجي في البيئة الطبيعية ببلدية بكين.
تقارب الإنسان والحياة البرية علميا
مع تحسن البيئة في بكين، ظهر المزيد من الحيوانات البرية، وقال لي "حاليا، هناك أكثر من 10,000 طائر مهاجر في بكين، بما في ذلك البجع والكركي الرمادي كما عادت الخنازير البرية وحتى ربما فهود شمال الصين".
ويشعر المتطوعون في مركز الفهد الأسود بسعادة وحماس كبير بعد زيادة أعداد الحيوانات البرية، خصوصا بعد أن توصلوا لحل مشكلة جديدة، وهي كيفية معالجة الصراع بين الإنسان والحياة البرية. فعلى سبيل المثال، كانت طيور اللقلق الأسود حول نهر جيوما تتغذى على أسماك المزارع، ولا يمكن طردها بواسطة إطلاق الألعاب النارية أو تعليق الأعلام الملونة.
وبعد أن علم المتطوعون أن طيور اللقلق الأسود تبحث عن الطعام في الأراضي الرطبة الضحلة، ساعدوا أصحاب مزارع الأسماك على تعميق أحواض التربية. وهو ما جعل الطيور تبتعد عن مزارع الأسماك.
وتنص "سياسة بكين لتعويض خسائر الحيوانات البرية المحمية" الصادرة في 1 أبريل 2009 على أنه يمكن للمزارعين الحصول على تعويضات عن الخسائر الأخرى التي تسببها الحيوانات البرية المحمية من الحكومة المحلية. وأدى إصدار هذه السياسة إلى تسهيل عمل المتطوعين في مركز الحماية.
ومع الوقت، نجح المتطوعون في خلق علاقات حميمة مع القرويين المحليين، وفي حال عثر القرويون على حيوانات برية مصابة، يتواصلون مباشرة مع مركز الحماية. وحتى الآن، أنقذ المركز أكثر من 2700 حيوان بري محمي من المستوى الأول والثاني.
حماية الطبيعة باللوحات الفنية
يعتبر نشر المعرفة المتعلقة بحماية الحياة البرية والقوانين واللوائح ذات الصلة جزءا من العمل الحالي لمركز الفهد الأسود لحماية الحياة البرية. ويجري المتطوعون دوريات وأعمال إنقاذ للحيوانات البرية في الجبال، وكذلك مساعدة شرطة الغابات في مكافحة الصيد الجائر، والمراقبة العلمية والإبلاغ عن ظروف الحياة البرية والموئل.
وفي عطلات نهاية الأسبوع، غالبا ما ينظم المتطوعون أنشطة توعية، ومساعدة المواطنين على تجربة حياة الحراس في مركز الحماية، ونشر المعرفة حول التتبع الميداني وتحديد الحيوانات البرية والنباتات، لزيادة فهمهم للحيوانات البرية. ومع زيادة وعي المواطنين بالحماية البيئية، أخذ الكثير من الناس زمام المبادرة للمشاركة في عمل الدوريات التطوعية.
وبعد أن سار عمل المركز بشكل جيد، طرح لي لي فكرة "حماية الطبيعة باللوحات الفنية"، وقال "أعطتني الطبيعة الإلهام للرسم، واستخدمت المال من بيع اللوحات لحماية الحيوانات البرية، الأمر الذي يشكل دائرة فاضلة، وأصبح الفن القديم للرسم الصيني وسيلة جديدة لحماية الطبيعة".
وقد رسم لي لي مئات اللوحات للعديد من الحيوانات البرية.
وقال لي إنه وضع خطة مستقبلية مدتها خمس سنوات، وقد رسم الكثير من المناظر الطبيعية والزهور والحيوانات منها لوحة بطول 100 متر تظهر مملكة الطيور في الصين.
وأعرب لي عن أمله في الاستعانة باللوحات الصينية التقليدية لعرض التنوع البيولوجي في الصين، وأن يتم عرض هذه اللوحات على منصات أجنبية حتى يتمكن الأجانب من فهم الوضع الحالي لحماية الحياة البرية في الصين وفهم جهود الصين في حماية الحياة البرية.