قمة البريكس تستهل تحولها إلى منبر جديد للتعاون بين بلدان الجنوب arabic.china.org.cn / 09:02:54 2017-09-04
بقلم: يحيى مصطفى 4 سبتمبر 2017 / شبكة الصين/ تختتم القمة التاسعة لمجموعة البريكس التي بدأت أعمالها يوم الأحد3 سبتمبر الجاري يوم غد الثلاثاء بمدينة شيامن بمقاطعة فوجيان جنوب شرقي البلاد، وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد حضر حفل افتتاحها وألقي كلمة فيه. وتنظم الصين أيضاً الحوار الاستراتيجي حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية الذي يقام على المستوى الرئاسي على هامش قمة المجموعة التي تضم الدول الخمس ذات الاقتصاديات الأسرع نمواً في العالم وهي الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وتتطلع الصين من خلال ذلك إلى فتح حوار أكبر مع الدول النامية فى إطار آلية "البركس بلس" أي 5 دول من البريكس مع 9 دول نامية. وأشارت الترتيبات لهذه القمة إلى أنها أصبحت وسيلة هامة للدول النامية لاستكشاف نهج تعاوني لتحقيق النمو والرخاء المستدامين وتبديد أي مخاوف بشأن أن تباطؤ النمو في صفوف بعض الدول الأعضاء بالمجموعة سيقوض قدرة المجموعة على الاستمرار. وأبدت الصين رغبتها في توسيع دائرةأصدقاء البريكس ورحبت بالدول النامية الأخرى في المجموعة حتى تتمكن هذه الدول من التصدي بشكل مشترك للتحديات التي تشمل تصاعد النزعة الحمائية واتجاهات مكافحة العولمة. وقد أثار هذا التباطؤ في النمو، ولا سيما في روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، التي تعتمد بشكل كبير علي الموارد الطبيعية، أثار تساؤلات حول الكيفية التي يمكن بها للدول الأعضاء تجاوز المشاكل المحلية والتركيز على مزيد من تعزيز إمكاناتها السوقية من خلال التعاون المتعدد الأطراف. وارتفعت حصة المجموعة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 12% إلى 23% خلال السنوات العشر الماضية. واستأثرت الاستثمارات الخارجية التي ضختها الدول الأعضاء بالبريكس والاستثمار الأجنبي المباشر في هذه البلدان علي التوالي بنسبة 12% و16% من الاستثمارات العالمية في 2016. وستساعد الإمكانات الهائلة للتجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء في تعزيز دور المجموعة في الاقتصاد العالمي. وتتمتع الصين بميزات في البنية التحتية والقدرات الصناعية وترغب في العمل مع الدول الأخرى في البريكس لبناء سلسلة إمدادات عالمية وستخلق بدورها المزيد من فرص النمو للدول النامية. وقد توصل وزراء التجارة بدول البريكس إلى اتفاقات في اجتماع عقد في شانغهاي الشهر الماضي لتعزيز التجارة والاستثمار والتجارة الإلكترونية والتعاون في مجال حقوق الملكية الفكرية. واستهلت قمة شيامن العقد الذهبي الثاني للمجموعة مُمثلِةً مصلحة الدول النامية والاقتصاديات الناشئة. وبالإضافة إلى التجارة والاستثمار، فتستكشف الدول الأعضاء مجالات جديدة مثل القطاعات المالية والثقافية والتعليمية لتعزيز التعاون. واكتسبت هذه القمة أهمية بالغة لأنها من المقرر أن تضع الأساس لحل أي خلافات بين الدول الأعضاء بالبريكس، وتعمل على توسيع التعاون من مجرد القضايا الاقتصادية إلى غير ذلك من المجالات. وعملت الدول الأعضاء خلال القمة على الحفاظ على القوة الدافعة الخاصة ببنك التنمية الجديد التابع لمجموعة البريكس وكذا التدابير الاقتصادية الأخرى مثل الاستثمار في مجال البنية الأساسية. وقد أُسس بنك التنمية الجديد برأس مال أولي معتمد يبلغ 100 مليار دولار أمريكي، وذلك خلال القمة السادسة لمجموعة البريكس في فورتاليزا بالبرازيل عام 2014. وافتتح رسمياً في شانغهاي عام 2015. ولهذا البنك أهمية بالغة بالنسبة لدول البريكس على المستويين الجيوسياسي والمالي، نظراً لأن دول مجموعة البريكس مثل الصين والهند رغم أنها أطراف فاعلة وهامة في المؤسسات المالية الدولية، لكنها لا تستطيع في الوقت نفسه الحصول على نصيبها العادل من الأهمية التى تستحقها. ويرى خبراء غربيون أن البطء الشديد في إجراء الاصلاحات بالكيانات المالية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هي ما أدت إلى نشوء كيانات أخرى، منها بنك التنمية الجديد لبريكس. ويؤدي هذا البنك دوراً هاماً في خلق مصادر أخرى لتمويل مشروعات البنية الأساسية والتنمية المستدامة، ليس فقط في دول البريكس، بل في بلدان أخرى أيضاً. وأرسلت هذه القمة إشارة قوية للعالم بالأهمية المتزايدة للدول النامية وانتقال قوى العولمة من الدول الغربية إلى الاقتصاديات الناشئة. وقد تطورت قمة البريكس خلال أقل من عقد من الزمان إلى منتدى مؤثر يتناسب مع الثقل الاقتصادي والسياسي المتزايد لأعضائها. وأشارت قمة هذا العام إلى أنه على الرغم من النداءات التي وجهت لإنتاج صيغ جديدة من الانفرادية والحمائية، فإن تعميق التكافل بين الأمم أصبح أمراً واقعاً. إذا كان الغرب قد بات يخشى العولمة التي شجعها من قبل، وأن الولايات المتحدة الأمريكية قد تغريها الحمائية فإن هذا لا يمكنه أن يؤدي إلى إلغاء العولمة، لأن قوى العولمة تحولت ببساطة من مصدر إلى آخر، وتتشكل الأنماط الجديدة من التعددية والتعاون حول مناطق غير غربية. وتقوم البلدان النامية بتصميم القوى المحركة للبريكس لما فيه مصلحتها الخاصة، ولكنها تسهم أيضاً في الاستقرار العالمي. وقد وضعت المجموعة ترتيبات لاحتياطي الطوارئ، وهي آلية لتوفير شبكة أمان مالية للبلدان المعرضة لتقلبات الأسواق. ويثري بنك التنمية الجديد بذلك المشهد المالي العالمي. وربما كانت أوضاع عدم اليقين التي حدثت مؤخرا والتباطؤ النسبي في النمو في بعض دول المجموعة موضع شك في قدرة الأخيرة علي تحويل هيكل الحوكمة العالمية ولكن مع ذلك نعنقد أن المجموعة لا تزال أقوي قاطرة لتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب. وقد اُعترف على نطاق واسع بما تقوم به دول المجموعة اليوم من إصلاحات اقتصادية وإعادة هيكلة، مما أسفر عن ابتكارات سياساتية توجه مبادراتها الشاملة في التنمية والقضاء علي الفقر، وتقدم أمثله ملهمة للبلدان النامية والأقل نمواً. وقد نشأ نموذج التعاون بين بلدان الجنوب في أواخر الستينات. ومع اعترافهم بالطابع التبعي لعلاقات البلدان الأقل نمواً مع الاقتصادات المتقدمة، أشار العديد من الباحثين إلى فصل هذه البلدان من الشمال كوسيلة لإقامة روابط اقتصادية أقوي بين البلدان النامية. وتمثل مجموعة البريكس اليوم قصة نجاح لهذا النموذج الأصلي. ومن حيثمعادل القوة الشرائية، تستأثر مجموعة البريكس بأكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتشكل أكثر من نصف النمو العالمي، وأعطى ذلك بدوره المجموعة القدرة علي التاثير في الاتجاهات والمسارات العالمية. وبالاستناد إلى نموذج التعاون بين بلدان الجنوب، تضاعفت التجارة داخل مجموعة البريكس، كنسبة مئوية من إجمالي تجارتها الخارجية، من 6% إلى 12% بين عامي 2001 و2015. واتخذت دول المجموعة موقفاً مشتركاً في مختلف المحافل الدولية المعنية بالتجارة والخدمات والاستثمار والتجارة الإلكترونية، وكذلك في الهيئات العالمية لوضع القواعد. ولا تزال التوقعات المتعلقة بزيادة تكامل دول مجموعة البريكس تبشر بالخير بالنظر إلى إنشاء مصرف التنمية الجديد وترتيبات احتياطي الطوارئ الذي بدأ بالفعل تمويل المشاريع في مختلف البلدان النامية. وقد عززت هاتان الخطوتان اللتان ترمزان إلى تنسيق السياسات الكلية للبريكس، الدور الريادي للمجموعة في مجال التعاون بين بلدان الجنوب. وبالإضافة إلى ذلك فإن بنك التنمية الجديد والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية قد دفعا مؤسسات بريتون وودز المالية إلى تنفيذ الإصلاحات من أجل إعطاء البلدان النامية مزيداً من القول. وإن فكرة دعوة عدد من البلدان النامية إلى قمة شيامن وإقامة شراكات جديدة في إطار ترتيب "بريكس بلس" تبشر بجعل هذه المبادرات منبراً أقوي للتعاون بين بلدان الجنوب. ----------------------------------------------- الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، و ليس الشبكة
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |