الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

أولا، انسحاب النظام القديم من مسرح تاريخ التبت أمر حتمي

arabic.china.org.cn / 11:29:05 2015-04-18

- الانغلاق والتخلف، الابتعاد عن الحضارة الحديثة، لم تكن التبت القديمة "شانغريلا" الخيالية على الإطلاق

في ثلاثينات القرن العشرين، كان الكاتب البريطاني جيمس هيلتون قد صوّر أرضا سعيدة ساحرة ورائعة في الدنيا - "شانغريلا" في كتابه «الأفق المفقود». منذ ذلك الحين فصاعدا، أضحى البحث عن "شانغريلا" حلما لأعداد كبيرة من الناس، حتى اتخذ بعضهم التبت كمنشأ "شانغريلا". على الرغم من ذلك، أنها مجرد أمنية طيبة يتمناها الناس، وليست في التبت القديمة أي "شانغريلا" على الإطلاق. يمكننا أخذ فكرة بسيطة عن تخلف التبت القديمة من خلال الاطلاع على الأحوال التالية: حتى التحرير السلمي عام 1951، ليست في التبت مدرسة بالمعنى الحديث، وبلغت نسبة الأمية بين الشباب والكهول 95%؛ ليس فيها العلاج الطبي الحديث، كان التوسل إلى الآلهة والتعبد للبوذا الطريقة الرئيسية التي لجأ إليها معظم الناس لعلاج المرض، ولم يبلغ متوسط العمر إلا 5ر35 سنة؛ ليس فيها طريق عام نظامي، اعتمد نقل البضائع وإرسال البريد اعتمادا تاما على حمل الناس والحيوانات؛ لم يكن فيها إلا محطة كهربائية صغيرة سعتها 125 كيلووات، وكانت مخصصة للدالاي لاما الرابع عشر وعدد قليل من ذوي الامتيازات. كان جميع الزائرين إلى التبت القديمة، سواء أ كانوا صينيين أم أجانب، متأثرين بملامحها الاجتماعية المتخلفة، ووصفوها بأوصاف كثيرة تجعل القراء يشعرون بأنهم يعاينون التبت القديمة. في عام 1945، قال لي يو يي بعد شهور من استطلاع التبت عن كثب: "خلال أكثر من 1700 ميل من رحلتي على طول المجرين المتوسط والأسفل لنهر يالوتسانغبو، ما رأيته هو مشهد منحط. كنت أرى عدة أطلال فارغة كل يوم خلال رحلتي، حيث تراءت آثار الحقول الزراعية بشكل غامض، واختفى الإنسان دون أن يترك أي أثر. كنت أمرّ بأكثر من مائة بلدة فارغة من هذا النوع.. انطلقت للاستطلاع في موسم الحصاد الخريفي. وفي هذا الموسم، يمكنك أن ترى السرور الذي يعلو على وجوه الفلاحين حتى في الأرياف المتخلفة بالمناطق الداخلية. لكن في أرياف التبت عام 1945، لم أر أي وجه مسرور. ما رأيته مجرد التعنيفات والضربات التي وجهها النبلاء و'تسالينغبا' (جباة ضريبة الأرض) إلى الأقنان، وما سمعته مجرد بكاء وتنهد الأقنان." قال أدموند كاندلر، الذي كان يعمل صحفيا بالهند لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، في «ملامح لاسا الحقيقية» التي نشرت عام 1905: إن لاسا "مدينة وسخة إلى درجة لا يمكن وصفها، لا توجد أنابيب التصريف فيها، ولم تبلط الطرق بالأحجار. لا بناية تبدو نظيفة أو تُنظف بين حين وآخر. وبعد المطر، تصبح الشوارع مناقع مياه آسنة تأكل الخنازير والكلاب المخلفات فيها." استعرض دو تاي (قومية التبت)، الذي كان يتولى منصب رئيس مديرية الإذاعة والتلفزيون بمنطقة التبت الذاتية الحكم، قائلا: "عندما جئت إلى لاسا عام 1951، كان فقر هذه المدينة وخرابها أشد مما توقعت أنا فعلا. في ذلك الوقت، لم يكن في لاسا شارع لائق باستثناء شارع باركور بجوار معبد جوكهانغ، وليس فيها أي مرفق للخدمات العامة، ولا مصابيح الشوارع ولا أجهزة الإمداد بالمياه وتصريفها. رأيت جثث الوفيات بردا وجوعا في الشوارع بين حين وآخر، إضافة إلى المتسولين والمجرمين وقطعان الكلاب. في غرب معبد جوكهانغ قرية متسولين اسمها 'لوبوبانغتسانغ'، وتجمع المتسولون قرب معبد راموتشي أيضا. كان عدد المتسولين يتراوح بين 3000 و4000 فرد، محتلا أكثر من عُشر عدد سكان المدينة." في عام 1950، بعث نجابوي نجاوانج جيجم، الذي كان يعمل كالون (كبير المسؤولين) لحكومة التبت المحلية السابقة ثم تولى منصب نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، بعث برقية إلى كاشاق (حكومة التبت في الماضي) لإبلاغها عن وضع منطقة تشامدو، قال فيها: "بسبب اضطراب الوضع، يعيش السكان المحليون حياة مؤلمة للغاية، حتى في بعض دتسونغ (بمثابة المحافظة)، لا يوجد تسانبا (الدقيق التبتي المحمص) إلا في 7 أو 8 عائلات، بينما يعيل الآخرون أنفسهم بجذور النباتات (اللفت)، المتسولون أفواجا أفواجا، لا ترى العين إلا قفرا موحشا." تدل حقائق هائلة على أن النظام القديم في التبت قد وصل إلى نهايته في أواسط القرن العشرين. استعرض نجابوي نجاوانج جيجم قائلا: "أتذكر أنه في الأربعينات، كنت أتحدث مع بعض أصدقائي الأحماء حول أزمة المجتمع (النظام) القديم في التبت مرات عديدة، وفي اعتقادنا جميعا أنه إذا استمر هذا الشكل القديم، فلن تمضي فترة طويلة حتى يموت جميع الأقنان، ثم يموت النبلاء أيضا، وسينهار المجتمع كله." في خمسينات القرن العشرين، حقق معظم الدول والمناطق بالعالم فصل الدين عن السياسة، لكن التبت في ذلك الوقت مازالت تنتهج هذا النظام المتخلف، مما عرقل تطور مجتمع التبت وتقدمه بشكل خطير، وجعل التبت أكثر ابتعادا عن الحضارة الحديثة. بعد القرن التاسع عشر، اندلعت حملات إلغاء نظام العبودية في كثير من الدول والمناطق بالعالم، حيث ألغت بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها ذلك النظام على التوالي. إذ في عام 1807، أجاز البرلمان البريطاني قرارا بشأن حظر مشاركة السفن البريطانية في نقل وتجارة العبيد. وفي عام 1861، اعتمد قيصر روسيا ألكسندر الثاني بشكل رسمي "القرار" و"الإعلان" حول إلغاء نظام العبودية. وفي عام 1862، أصدر الرئيس الأمريكي أبراهام لينكون «إعلان تحرير العبيد»، وفي عام 1865، أجاز الكونغرس الأمريكي «التعديل الثالث عشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية»، بحيث تم إلغاء نظام العبودية رسميا. وفي عام 1948، أقر مؤتمر الأمم المتحدة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» الذي ينص على أنه لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص؛ يحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما. في أواسط القرن العشرين، كاد نظام العبودية يتلاشى نهائيا، لكن أكبر حصن لنظام العبودية في العالم مازال يحتل التبت الصينية، وذلك لم يعرقل تطور المجتمع الصيني وتقدمه فحسب، بل كان يعد إهانة للحضارة والأخلاق والكرامة البشرية أيضا. مع تأسيس الصين الجديدة وتطور المجتمع الصيني وتقدمه، تم إلغاء النظام القديم في التبت نهائيا في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن العشرين. لكن عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تسير بعكس تيار التاريخ، لا تتأمل بعمق فيما اتسم به نظام الدمج بين السياسة والدين في التبت القديمة من الظلام والطغيان، بل يعز عليها أن تفارقه، حالمة بإعادة هذا النظام إلى التبت يوما ما. كل ذلك تسجله الوثائق المعنية لعصابة الدالاي لاما الرابع عشر تسجيلا واضحا. إذ يشير "الدستور الديمقراطي لمستقبل التبت" (المشروع) الذي تم وضعه عام 1963 إلى: "تسعى التبت لتأسيس دولة موحدة ديمقراطية على أساس روح العقيدة البوذية التي يهذب البوذا بها." وينص "دستور أبناء التبت المنفيين" الذي تم وضعه عام 1991 على: "إن سياسة التبت في المستقبل هي تأسيس جمهورية اتحادية ديمقراطية تدمج بين السياسة والدين وتسودها الحرية والاستقرار، وذلك على أساس التمسك بمبدأ عدم العنف." وتحدد "الأفكار الرئيسية حول نظام الحكومة والدستور في المستقبل" التي تم وضعها عام 1992 أن "التكامل بين السياسة والدين" هو الطبيعة السياسية للتبت في المستقبل. وينص "دستور أبناء التبت المنفيين" الذي تم تعديله عام 2011 على: أن سياسة التبت في المستقبل هي "الدمج بين السياسة والدين".



     1   2  



 
انقلها الى... :

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :