الصين.. قيادة جديدة ومنهج جديد

*سون يه لي

أكتوبر 2014 / شبكة الصين / ما هي أفكار القيادة الصينية الجديدة حول الحكم؟ في أي اتجاه تسير الصين؟ هل ستواصل الصين التزامها بسياسة الإصلاح والانفتاح؟ وما هي أسس سياستها الخارجية؟، مجموعة كبيرة من التساؤلات يرغب كثيرون في الحصول على إجابات وافية عليها. ووفر كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" ـ يضم 18 فصلا تجمع 79 من كلمات وأحاديث وخطب أدلى بها الرئيس شي خلال الفترة ما بين 15 نوفمبر 2012 و13 يونيو 2014 إضافة إلى 45 صورة حول حياته وعمله ـ مادة قيمة لمساعدة القراء من مختلف الدول على فهم منهج الجماعة القيادية الجديدة في حكم البلاد.

إجماع على الحلم الصيني

طرح الرئيس شي جين بينغ مفهوم "حلم الصين للنهضة العظيمة للأمة الصينية" خلال زيارته لمعرض "طريق النهضة" الذي استضافه المتحف الوطني الصيني.

وفي ظل التغيرات العميقة التي شهدتها الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الصين اختلفت أفكار أبناء الوطن باختلاف المناطق والطبقات، الأمر الذي حال دون تحقيق التنمية، وظهور حاجة ملحة "للتوافق". وللتوصل لحالة من التفاهم والتقارب، أصبح تحديد "هدف مشترك" أمر غاية الأهمية. وقد قدم الشعب الصيني منذ أربعينات القرن التاسع عشر تضحيات في نضاله لتحقيق نهضة الأمة، وقد غرس هذا الحلم في قلوب أبناء الشعب وأصبح طموحا مشتركا لجميع الصينيين داخل البلاد وخارجها. وأكد الرئيس شي على أن "الحلم الصيني" يشر في جوهره إلى ازدهار البلاد ونهضة الأمة وسعادة الشعب، وأنه حلم للدولة والأمة وجميع أبناء الشعب كونه يجمع بين مصالح الوطن والمواطنين.

الثقة في مسار الصين

وأكدت كلمات شي التي تضمنها الكتاب ثقته الكبيرة في "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية" حيث أشار إلى ضرورة أن يكون الجميع على ثقة تامة بالمسار والنظرية والاشتراكية الصينية، وأستخدم مقولة "صاحب الحذاء فقط يعرف ما إذا كان الحذاء يناسبه أم لا" للإشارة إلى أن أبناء الوطن هم وحدهم الذين يعرفون إذا كان مسار اتجاه التنمية مناسب أم لا. ويرى شي أن التقاليد الثقافية الفريدة والتاريخ ومفهوم الوطنية تؤكد جميعها على ضرورة اختيار الصين مسار تنمية يتوافق مع خصائصها.

الإصلاح جسر نحو حلمنا

ويقدم الكتاب رؤية شي جين بينغ الشاملة حول تطبيق الإصلاح، وتأثيراته على الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع والبيئة والدفاع الوطني، حيث أوضح أن الصين تواجه مجموعة من الصراعات والتحديات، تتمثل في نمو "غير متوازن وغير مستدام"، والحاجة إلى الابتكار العلمي والتكنولوجي وإعادة هيكلة القطاع الصناعي وتصاعد الصراع الطبقي واتساع الفجوة بين التنمية والدخل وبين الريف والحضر إلى جانب الفساد، وجميعها معوقات وتحديات تقف أمام تحقيق التنمية.

وأكد شي على أن تعميق الإصلاح والانفتاح هو السبيل الوحيد لحل مشاكل التنمية، مشيرا إلى أن الإصلاح والانفتاح سيستمر دائما ولن يتوقف أبدا.

تطوير أسلوب العمل ومكافحة الفساد

وتناولت سبعة مواضيع أفكار شي والتدابير المتخذة بشأن "تعزيز جهود مكافحة الفساد وبناء النزاهة"، حيث أكدت الجماعة القيادية الجديدة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تمسكها بسياسة معالجة الفساد من فروعه وجذوره والوقاية منه وعدم التسامح في قضايا الفساد، وعقد العزم على "صيد النمور والذباب معا" وإنزال العقاب على كبار المسؤولين مهما كان مستواهم في حالة ثبوت مخالفتهم للقانون.

كما تعهد شي بـ"حصر السلطة في قفص النظام"، وشدد على بناء نظام لتقييد ممارسة السلطة وإخضاعها للمراقبة العامة. وقال "هدفنا هو تحقيق رغبة الشعب في حياة أفضل".

المسؤولية والبراغماتية والمصداقية للحزب والحكومة

وقال الرئيس الصيني إنه سيعمل على خدمة الشعب والوفاء بالمسؤوليات التي تقع على عاتقه، وهو ما يشير إلى التمسك بمبادئ الحزب والشعور بالمسؤولية والتحلي بالشجاعة في اتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة القضايا المهمة والتصدي للصعاب والأزمات وأهمية الاعتراف بالأخطاء ومكافحة سوء الإدارة. وأكد شي على أهمية تمتع المسؤولين بفهم صحيح للإنجازات السياسية وبنظرة بعيدة المدى وأن يعملون بجد لإرساء الأسس الصلبة بدلا من السعي وراء تحقيق مكاسب سريعة.

التقدم بثبات بكل ثقة وعزم

وتعتبر "الثقة" و"العزم" من الكلمات المفضلة لدى شي جين بينغ، ويشير بهما إلى "الثقة السياسية" و"العزم الاستراتيجي"، حيث تدل الأولى على ترسيخ المعتقدات، بينما تشير الأخيرة إلى مجموعة من المفاهيم.

ونجحت القيادة المركزية الجديدة في تحقيق نمو مستقر في وقت واجه فيه الاقتصاد الصيني ضغوطا كبيرة، كما حافظت على نمو معدلات التوظيف وأبقت التضخم تحت السيطرة، وتركز حاليا على إعادة الهيكلة والحفاظ على السياسة الكلية المستقرة.

مصير واحد وفوز مشترك

وألقت العديد من كلمات الرئيس الصيني في كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" الضوء على أفكار شي حول الدبلوماسية والعلاقات الدولية، حيث أكد في عدد من المناسبات على أن الجميع يعيش في قرية عالمية، وينبغي فهم أن "المصير مشترك"، وأشار إلى أن فكرة "المعادلة الصفرية" قد فات أوانها، ويجب شق طريق جديد لتفعيل التعاون المتبادل المنفعة.

ولخص الرئيس شي علاقات الصين مع بلدان العالم في أربع كلمات هي "الصداقة" و"الإخلاص" و"التعاون على قدم المساواة" و"الشمولية" على طريق التنمية السلمية للصين. كما طورت الجماعة القيادية الجديدة مفاهيم دبلوماسية لاقت تقدير واحترام المجتمع الدولي.

ويعرض الكتاب مجموعة واسعة من الأفكار والاستراتجيات الجديدة التي تبناها الحزب وتستحق دراسة متأنية، للتعرف أكثر على مستقبل الصين.

_______________

*خبير بمركز البحوث الأدبية التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.