سعادة الفلاحين من قومية شيبوه (صور)
يقع محافظة تشابوتشار الذاتية الحكم لقومية شيبوه في ولاية إيلي الذاتية الحكم لقومية قازاق في منطقة شينجيانغ، ويربط بين المحافظة وبين مدينة يينينغ جسر ضخم مبني على نهر إيلي. يبلغ عدد سكان شيبوه حاليا 172 ألف نسمة يتوزعون بشكل رئيسي على محافظات لياونينغ وجيلين وهيلونغجيانغ وغيرها من المناطق. وفي أواسط القرن الـ18 جندت حكومة أسرة تشينغ أكثر من 3000 شخص من جنود شيبوه مع ذويهم وهجرتهم إلى وادي نهر إيلي بغية تعزيز الدفاع عن الحدود ثم تشكلت المحافظة الحالية. يستعمل أهل شيبوه لغة وكتابة خاصتين حيث تبنى لغتهم على أساس اللغة المنشورية مع تغييرات بسيطة. يجيد أبناء شيبوه القاطنون في محافظة تشابوتشار بصورة عامة اللغة الصينية بل يلم بعضهم باللغتين الويغورية والقازاقية. أما ديانة شيبوه فكانت عبادة الطبيعة ضمن الأديان البدائية ثم تحولت إلى الدين الشامني والمذهب التبتي من الدين البوذي.
يشتهر أبناء شيبوه بعملهم في الزراعة ويمتلك محافظة تشابوتشار حاليا قرابة 4 ملايين مو (هكتار واحد يساوي 15 مو) من الأراضي الزراعية العالية والمستقرة الإنتاج. أما المزروعات نفسها فهي رئيسيا الحبوب مثل القمح والرز والذرة إضافة إلى بعض النباتات الزيتية مثل القنب والشلجم وعباد الشمس وأيضا بعض المحاصيل الاقتصادية مثل الشمندر والتبغ والقطن. في أواخر شهر يوليو أتيحت لي فرصة زيارة محافظة تشابوتشار ومعايشة سعادة أسرها الريفية من قومية شيبوه.
بينما السيارة تترنح على الطريق الريفي كان البط الصغير يتمايل على جانب الطريق وأشجار التفاح مثقلة بالثمار الطازجة إضافة إلى عناقيد العنب المتدلية في رحاب البيوت. ازداد قلبي غبطة وفرحا أمام هذه الأنفاس القروية. فما إن توقفت سيارتنا عند بوابة بيت حتى تقدمت إلينا سيدة ريفية ترحب بنا وتدعونا إلى الجلوس في الباحة التي تكتظ برفوف العنب. يتغذى العنب على المياه والتربة الخصبة في إيلي فتنمو الدوالي بسرعة حتى تسدي إلى الباحة كلها أفياء ثمينة في هذه أيام الصيف القائظ. وتحت الظل تتناثر عدة مناضد مستطيلة تنتظر الضيوف المصطافين. أخذنا راحة قصيرة في الباحة وقطفنا عدة عنبات لا يزال بينهما وبين وقت النضوج شهر إلا أننا لم نشعر بحموضة شديدة بل استحسنا هذا المذاق المنعش.
تتحلى نساء شيبوه دون استثناء حاذقات في الحرف اليدوية وخاصة التطريز فلم نستغرب عند دخولنا إلى الحجرات الرئيسية من رؤية كواليس حمراء زاهية معلقة أمام السرير الترابي (كانغ) ومطرزات بزهور بديعة وصور للفراشة والعنقاء. أما السرير الترابي نفسه فكان مفروشا بوسائد مطرزة أنيقة ولحف مغطاة بالحرير الزاهي ما يرمز إلى محاسن الدنيا والآمال الطيبة لأبناء شيبوه. قيل إن أهم مقاييس طيبة وفضل المرأة من شيبوه هو قدرتها على التطريز وصنع الخبز. فكان من عادة نساء شيبوه أن تعمل خبزا بالفرن قبل كل شيء بعد القيام من النوم في الصباح ويستحسن الخبز المعمول بدقة، فلا يكون شيطا ولا نيئا، لا رخوا ولا صلبا..
لا تفتقر موائد أهل شيبوه إلى الخبز الذي لا يقطع بالسكين بل يمزق بالأيدي إلى قطع صغيرة توضع في سلطانيات أو صحون. ومن المفروض أن يوضع الخبز على وجهه الأمامي مكشوفا لأن وجهيه الأمامي والخلفي يرمزان كلا على حدة إلى السماء والأرض بينما السماء والأرض لا ينبغي لهما أن يقلبا رأسا عقبا. يفضل أهل شيبوه المأكولات المصنوعة من الطحين وفي حالة زيارة ضيف مميز يذبحون الخروف لإعداد مأدبة خروف كاملة. إضافة إلى كل ذلك يعمل أهل شيبوه من كراث وفلافل خضراء وحمراء وفجل أحمر وكرفس وغيرها من الخضراوات التي تقطع شرائح منوعات شهية ومغذية ولا غنى عنها على الموائد اليومية لأهل شيبوه. (ياسمين تشانغ)
شبكة الصين /12 أغسطس 2005/
|