arabic.china.org.cn | 14. 02. 2018 |
بقلم: عباس جواد كديمي
14 فبراير 2018 / شبكة الصين / يحتفل الصينيون برأس السنة التقليدية القمرية الجديدة، على أساس التقويم الزراعي، وتحل هذه المناسبة هذا العام 2018، في ليلة 15/ 16 فبراير الجاري، في عطلة رسمية تستمر أسبوعا، وهي الاحتفالات الاجتماعية التقليدية الأهم للصينيين.
ويسعدني أن أسهم بهذا المقال المتواضع، لتعريف القراء العرب الكرام بالتغيرات والتطورات التي طرأت على احتفالات الصينيين بهذه المناسبة، وهي فرصة أيضا أن نعبر عن التهاني للشعب الصيني الصديق، ونتمنى له المزيد من التقدم، والمزيد من العلاقات الودية التقليدية الوثيقة بين الصينيين والعرب.
يحتفل الصينيون في كل عام بعيد رأس السنة القمرية الجديدة، أو ما يسمى أيضا بعيد الربيع التقليدي، وهي تقاليد يعود عمرها تاريخيا لأربعة آلاف سنة. الاحتفالات بعيد رأس السنة التقليدية الجديدة، حسب التقويم القمري، تشبه احتفالات المسلمين والعرب بعيدي الفطر والأضحى المباركين، وشبيهة أيضا بعيد رأس السنة الميلادية.
ولكن احتفالات الصينيين هذه السنة 2018، تأتي في خضم كفاح بلادهم لتحقيق أهداف طموح تُسمى سياسيا بأهداف "المئويتين". لقد حققت الصين الكثير في مجال خفض عدد الفقراء في البلاد، عبر مساعدات تنموية، ورفع مستوى الحياة لمواطنيها، وظلت الصين القاطرة التي تسحب التنمية الاقتصادية بالعالم للتقدم على المسار الحيوي، وأصبحت ثاني اقتصاد بالعالم، وحققت منجزات علمية وتكنولوجية، وتعززت قوتها الوطنية الشاملة، ومكانتها عالميا، وازدادت مساهماتها للعالم وطرحت أفكارها، وتكللت مساهماتها بطرح مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، والمعروفة اختصارا بـ(الحزام والطريق)، ونشرت حكمتها المتمثلة ببناء مستقبل مشترك للبشرية جمعاء. وفي المستقبل، ستسعى الصين للمزيد من الانفتاح والتعاون المشترك الفائدة مع العالم، وتوطيد ما حققته، والعمل على تحقيق أهدافها الطموحة المذكورة أعلاه.
وبعد التطورات الهائلة التي شهدتها الصين خلال العقود الأربعة الماضية، حدثت تغيرات كبيرة في نشاطات الصينيين ووسائل احتفالاتهم تماشيا معما يشهده المجتمع الصيني من تغيرات تطال كل شيء.
والأجيال الشابة في الصين، وخاصةجيل الألفية، أصبحت مشغولة ومولعة بأساليب جديدة تتماشى مع تطورات العصر؛ فتنوعت اهتمامات الشباب وتركزت بعيدا عن العادات القديمة. والحقيقة هي أن معظم التغيرات مشابهة لما يحدث في كل العالم، وهي هنا مازالت إيجابية، ونتيجة طبيعية حتمية لمسيرة حيوية تشهدها الصين منذ الإصلاح والانفتاح نهاية السبعينات وحتى يومنا هذا، وهي انعكاس للتنمية الاقتصادية الهائلة والتحسن الكبير في مستوى حياة المواطنين الصينيين، وتأتي كنتيجة لتفاعلات الصين مع حضارات وتقاليد الأمم الأخرى. كانت هذه الاحتفالات محصورة في الصين والعديد من بلدان شرقي آسيا، ولكن الآن أخذت الجاليات الصينية المتواجدة في كل مكان على وجه الأرض، تقيم احتفالاتها هذه في معظم عواصم وحواضر العالم.
ولنأخذ هنا بعض هذه التغيرات؛ فالشباب وهم الأكثر حيوية، لم يعد الكثير منهم، يقتنعون بالتقليدي القديم، وتفتحت أمامهم آفاق جديدة، وباتوا يتفننون في ابتكار الجديد، وأخذوا يسافرون خارج الصين في العطلة. ولا يركزون على حميمية تحضير الطعام عائليا، بل يستسهل ونطلب الطعام من المطاعم، ولا يهتمون بملابس جديدة تقليدية بخصائص ثقافية ذات ألوان زاهية مبهجة خاصة لهذه المناسبة، لأنهم يتبضعون الموضات الجديدة بكل أنواعها وقت ما يريدون، بفضل الازدهار الكبير للتسوق الإلكتروني الذي يعرض للجميع ملايين البضائع بمختلف الأنواع، ثم يأتي بها قطاع الخدمات سريعا. وجيل الشباب بالصين حاليا، لم يعد يهتم كثيرا بالعيدية التي كان الأطفال والصبيان والشباب يتلقونها بهذه المناسبة، في ظرف أحمر،عليه عبارات تهنئة بلون ذهبي أو ألوان مبهجة أخرى. فاليوم، أضحى الشباب يتبادلون التهاني والعيديات بمختلف أنواعها، إلكترونيا، أي أنهم يتراسلونها بينهم عبر تطبيقات إلكترونية شائعة حاليا في الصين والعالم، مثل ويتشات Wechat أوآليبي AliPay وغيرها من التطبيقات الإلكترونية.
وجيل التسعينات والألفية لم يَعُد يتعب، كما كان الصينيون قبل 15 سنة مثلا، في حجز تذاكر السفر داخليا أوخارجيا، ولم يعد هذا الجيل يضطر للانتظار في طابور طويل لشراء تذكرة سفر عليها زحام شديد؛ لقد كان الكثير من الصينيين يضطرون للانتظار في الطابور من الفجر، ولساعات طوال، حتى يضمنون تذكرة سفر، والكثير منهم كانوا يلغون خطتهم بالسفر لمساقط رؤوسهم، بسبب الزحام الشديد؛ فالصين، كانت وما زالت، تشهد أكبر موجة سفر على وجه الأرض في مثل هذه المناسبة. حاليا، يجلس الشاب، أو كل من في الصين، مرتاحا، ويفتح جهاز الكومبيوتر أوالهاتف الذكي المحمول، ويعمل إلكترونيا على ىشراء تذكرة السفر بسهولة، وضمان تقريبا. ولا يمكن القول إن الصعوبة اختفت تماما، ولكن أساطيل الطائرات وخطوط السكك الحديدية بقطاراتها الفائقة السرعة، والخطوط السريعة المريحة للنقل البري والنهري والبحري، تسهم جميعها في إحداث تسهيلات واضحة جداعلى تنقلات الصينيين.
هنا كعادة احتفالية بهذه المناسبة، شائعة في الصين، مخترعة البارود، منذ أقدم العصور، وهي إطلاق الألعاب النارية، أو "المفرقعات المدوية". والصينيون يشترون ويطلقون هذه الألعاب النارية خلال أيام الاحتفالات التي تستمر 14 يوما في أغلب الأحيان.
الشيء الجدير بالذكر هنا أنه رغم كثرة مشتري الألعاب النارية، ومن يبدو أنهم كانوا يتمتعون بإطلاقها، ولكن معظم الناس هنا يجمعون على أن أبرز التغيرات في احتفالات هذا العام هو حظر إطلاقها، مؤكدين أن هذا الحظر هو أفضل خطوة تتخذها الحكومات المحلية في الصين، والتي حصرت إطلاقها بعيدا عن مراكز المدن، من أجل كبح أية ملوثات للهواء.
لقد حظيت مساعي حماية البيئة في الصين، بدعم كبير من المواطنين الذين أدركوا بوعي ضرورة الإسهام بقسط من مسئوليتهم وجهودهم، وأوجدت هذه المساعي، أساليب حياة جديدة، يمكن اعتبارها من التطورات الكبيرة في المجتمع الصيني.
التقويم التقليدي الصيني يضم 12 برجا، تتوزع على 12 سنة، وهذه الأبراج هي لحيوانات تشمل الفأر والثور والنمر والأرنب والتنين والأفعى والحصان والخروف والقرد والديك والكلب والخنزير. وهذا العام هو عام الكلب، ويبدأ من 16 فبراير 2018 ويستمر حتى 4 فبراير 2019. والكلب حيوان محبوب مدلل لدى الصينيين، ومعظم الصينيين، خاصة الكهول وكبار السن، لديهم كلاب، مختلفة الأصناف والأجناس. ويعتقد الصينيون أن مواليد هذا البرج يتميزون بالإخلاص والمصداقية والهدوء والشجاعة والإيثار.
الصينيون يفخرون حاليا بأن بلادهم من بين بلدان العالم الأكثر سلاما وأمنا واستقرارا، وأضحت وجهة يفضلها الأجانب للعمل والعيش والإقامة. وفي ظل استعدادات الصينيين، ومعهم العديد من بلدان شرقي آسيا، للاحتفال بهذه المناسبة الأهم لديهم، لنعبر عن التهنئة والتمنيات الطيبة لهم، ولكل من لديه مناسبة سعيدة على وجه كوكبنا المشترك.
انقلها الى... : |
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |