الوخز بالابرة
بالقلم: مونغ زونغ هونغ
الوخز والتشييح كزهرة زكية الرائحة في بستان الطب التقليدي الصيني ألا وهو فن بسيط من الطب يجود بمفعولية العلاج السريعة. الوخز مفاده المعالجة بالوخز، والتشييح مفاده تدخين نقاط البدن المعينة بالشيح للعلاج. احيانا يتم الافادة من الوخز مع التشييح، وفاء بحاجة العلاج فتعرف طريقة العلاج الاخيرة بالوخز بالابرة، مختصرا.
الطب التقليدي الصيني طب متوارث. والوخز بالابرة كجزء منه متوارث بلا استثناء. انه ليس اختراعا من فلان في فترة معينة من الزمان، على الاطلاق، وانما هو ثمرة الخبرات التي كدسها الشعب الصيني، في النضالات الطويلة الامد التي شنها جيلا بعد جيل، ضد الأمراض التي تداهمهم. في فترة مبكرة عائدة الى العصر الحجري، ربما كان هناك شخص شعر بالالم في راحة الكف. ولم يكن في الحسبان أن ألمه خف حالما لامست نقطته حجرة وقد كان يمارس العمل. ومن ذلك بدأ الأقدمون يجعلون الحجر مستدقا لتدليك النقاط التي يحدث فيها الألم، وتسريع الدورة الدموية حتي تجعل القنوات الحيوية في الجسم سالكة وسلسة وتشفي الامراض. كان تلك الحجر المستدق قد جرت تسميته بحجر الوخز. وتماشيا مع تطور التاريخ دخل المجتمع البشري عصر الحديد بعد ان تجاوز العصر البرونزي، وظهرت فيه الابر المعدنية الى حيز الوجود لتحل محل الابر الحجرية. وبعدئذ ادخل نمو القوة المنتجة اصلاحات غير منقطعة على ادوات الوخز حتى تعددت اليوم انواع الابر المستخدمة للوخز ومن ضمنها ذهبية وفضية ونحاسية وفولاذية لا تصدأ.. اما التشييح فقد ظهر في عصر بدأ فيه الانسان معرفة استخدام النار. وحسب البحث عن المصدر.. ربما كانت هناك ربة بيت وهي تحضر الطعام حصل لها وجع.. فلجأت الى كي موضع الوجع بالنار وفي نهاية الامر تحسنت حالتها كثيرا. قد يكون ذلك من اسباب العلاج الحراري بالتدخين او التبخير في يومنا هذا. الرائحة الشاذة للعقاقير الطبية والفاعلية الحرارية لهما قدرة على تنشيط الفعل الفيسيولوجي لجميع اعضاء الجسم وتقوية البدن ومعالجة الامراض.
اذن، لم يمكن للوخز بالابرة ان يداوي الامراض؟ تقول النظرية الصينية التقليدية: يتكون كل كائن في الطبيعة من العوامل السلبية والإيجابية. الصحة الجيدة هي التي تجسد العوامل السلبية والايجابية في غاية الانسجام. لو لا تتوازن في الجسم العوامل الايجابية كطرف والعوامل السلبية كطرف اخر لكانت به علة. ولئن استطاع الوخز بالابرة مداواة الامراض فانه يحث بدوره الطرفين السالفي الذكر على استعادة التوازن بينهما. فلقد اوضحت الابحاث العلمية المعاصرة ان الوخز بالابرة في وسعه اثارة المخ ليفرز المورفين الذي يعمل على لجم الآلام او تخفيف شدتها. وبالاضافة الى ذلك انه يقدر ايضا على احداث التأثير الفعال في مقاومة الفيروس، عمل جهاز التوصيل، تنظيم التعرق، نبض القلب، الحفاظ على المستوى المطلوب لضغط الدم، وسائر الحالات الفيسيولوجية.. فضلا عن ان له مساهمات يشار اليها بالبنان في الامتناع عن المخدرات.. وفعله هذا هو الذي أعطى احسن دليل على فعاليته. فقد حدث في عمليات معالجة مدمني المخدرات بواسطة وخز نقطة "شو" في الاذن ان شعروا بالانشراح كما ازدادوا شهية للاكل وتبرزوا بسهولة.
أصول الوخز بالابرة منحدرة من النظرية الكلاسيكية للطب الصيني التقليدي – نظرية القنوات الحيوية(جينغ لوه باللغة الصينية) -. يقول الطب الصيني التقليدي ان "تشي(الطاقةالحيوية)" كانت وما زالت قوة محركة للحياة، منذ الازل. الحيوية تغظي كل الجسم عن طريق القنوات الحيوية المتصلة بالاحشاء في داخل الجسم والاطراف الاربعة واعضاء الحواس الخمس والبشرة والشعر في خارجه. اما نقطة "شو" للوخز فهي موضع في بشرة الجسم تمر به الطاقة والدم والقنوات الحيوية. ويستهدف غرز الابرة في نقطة "شو" الى تطهير القنوات الحيوية وتنظيم عمل الاحشاء .. مما يقود الى ابراء الامراض.
وفوق ذلك، تأتي القنوات الحيوية ممرات لنقل الطاقة بين داخل البدن وخارجه، بصورة عامة. ولكنها تتحول احيانا الى طرقات تغزو الجسم، عبرها، المؤثرات المرضية الخارجية، ايضا، في حال عدم التوازن الوظيفي الفيسيولوجي. وبالتالي تعمل مؤشرات لبعض الاعراض المرضية. ففي مجرى تشخيص الامراض السريري يتلمس في كثير من الاحيان، الاطباء التقليديون في الصين الى اكتشاف الظواهر والدلائل المرضية من اطرافها واستنتاج التغيرات على الحالات المرضية، عن طريق توجيه النظر الى تغير لونها وشكلها ومراقبة حرارتها وملامسة ردود الفعل للالم الناتج عن الضغط والعقد المتواجدة في اجوافها .. الخ. وحسب التغيرات الباثولوجية الطارئة على مواضع ذات علاقة في بشرة الجسم يمكن ان يتم استدلال مواقع الامراض والممرات الحيوية المريضة. وعلى سبيل المثال ان قصبة التنفس العليا اذا اصيبت بالعدوى وحصل التورم والالم في البلعوم والسعال وسائر حالات الحمى الرئوية وقع اختيار نقطتي الوخز بالابرة لاجل ابراء هذا المرض على ممر "تايئن" اليدوي المؤدي الى الرئة وممر "يانغمين" اليدوي المفضي الى المعي الغليظ.
وصفات مكتوبة لمعالجة بعض الامراض الشائعة:
1- اهم نقاط الوخز بالابرة لاجل الرعاية الصحية:يتم يوميا، باوراق الشيح المشتعلة كي نقطة الوخز التي تدعى "زوسانلي" لغاية 15 – 30 من الدقائق لكل مرة. ينفع هذا تقوية الجسم واطالة العمر.
موقع "زوسانلي": في حال الاستلقاء على الظهر او تدلي الساقين في حال الجلوس المعتدل يقع 9.9 سنتيمتر تحت الركبة وعرض إصبع في الجانب الخارجي لسنام الظنبوب الامامي.
2- الاصابة بالحمى: الوخز السطحي الى عمق 33ملم في نقطة "شيشيوان" او غرز الابرة النقطي للفصد.
موقع "شيشيوان": يقع على بعد 33ملم عن كل من اظافر اطراف الاصابع العشرة.
3- آلام الرأس والعنق والاسنان: الوخز العمودي بالابرة لنقطة "يوان" الى 16.5ملم –3.3سم. يحوز التشييح مع ذلك. ممنوع الوخز من نوعه للحوامل.
موضع"يوان": بين عظمي الكف الاول والثاني على قفا اليد. وفي المركز الجانبي لعظم الكعبرة المتصل بعظم الكف الثاني.
كل ما ذكر سالفا من وصفات لا يجوز ان يستخدمه لعلاج الأمراض إلا أطباء الوخز. (الصين المصورة)
شبكة الصين / أغسطس 2005 /
|