دعوة للتعايش مع الطبيعة
شهدت السنوات الأخيرة ظهور فيروس تلو الآخر. تشانغ شو يي، وهو باحث بمعهد علوم الحيوان التابع للأكاديمية الصينية للعلوم قال إنه "إذا أردنا نحن البشر أن نتخلص من قلقل مشاكل الفيروسات علينا ألا نستثمر فقط في رعاية الصحة العامة وعلوم وتكنولوجيا الطب وإنما أن نبدي أيضا بعض الاحترام بالتخلص من توجه رؤية الطبيعة شيئا نغزوه".
تشانغ كان أول متخصص صيني في شئون البيئة يقوم بالتحقيق والبحث الميداني في غابات الأمطار الاستوائية للأمازون. أمضى تشانغ 19 شهرا في معهد البحوث العلمية الوطني الفرنسي الواقع في الغابات البدائية لغويانا الفرنسية. في العام الماضي كان واحدا من العلماء الذين اكتشفوا العلاقة بين فيروس سارس والحيوانات في البرية. والآن، مرة أخرى، يركز اهتمامه على بحث العلاقة بين الإنسان، الحيوان، والفيروسات في وقت يتصدر فيروس أنفلونزا الطيور الأخبار في آسيا.
وفقا لتشانغ، السبب في التفشي المتواصل للأمراض الفيروسية، ومنها قدرة الفيروس على التحول والتغير في البيئة الإيكولوجية مع كثافة السكان البشرية ونشاطاته مثل طرق تربية الدواجن.
تشانغ أوضح أنه "على الرغم من اختلاف السبل التي يتبعونها، البشر والحيوانات والفيروسات كلها أشكال حياة طبيعية نشأت منذ آلاف السنين. وفي المستوى الاساسي للوجود لا فارق بين الصواب والخطأ للتفرقة بينها".
وشرح تشانغ أن الأنواع المختلفة تفاعلت مع بعضها بطرق مختلفة خلال عملية نشوء الطبيعة الطويلة المدى. هذه التفاعلات ساهمت في تشكيل العالم الطبيعي على النحو الذي هو عليه الآن. بعض الأنواع بينها وبين الأخرى علاقات تكافلية وطفيلية. بعضها حقق لنفسه مكانه في سلسلة الغذاء كأنواع مفترسة وبعضها كأنواع فريسة ومفترسة. من أجل فهم أفضل للأنواع، على الناس أن يدرسوا ليس فقط طبيعة الأنواع نفسها وإنما أيضا كيفية تفاعلها مع الأنواع التي حولها.
وقال تشانغ "إن العلاقة بين الفيروسات والنباتات والحيوانات التي تقدم الغذاء لها. خلال عملية النشوء، تختبر الفيروسات كل أنماط النباتات والحيوانات التي تقدم الغذاء لها، إذا كانت مقاومة النبات أو الحيوان المحتمل قوية لدرجة أنها لا تدعم الفيروس. إذا كانت المقاومة ضعيفة جدا لدرجة يمكن أن يتغلب الفيروس تماما على الحيوان أو النبات الذي يقدم الغذاء ويهوي إلى الانقراض.
وفقا لتشانغ، خلال فترة طويلة من الزمن تؤدي آليات النشوء إلى توازن أوسع في العلاقة بين الفيروسات والنباتات والحيوانات التي تتغذى عليها. ومن طبيعة هذه العلاقة أن الفيروسات تعيش أجيالا في أجسام الحيوانات والنباتات التي تتغذى عليها ثم تنتقل من جسم إلى جسم. الحيوانات والنباتات على الجانب الآخر قادرة على مقاومة الفيروسات وتطور آلياتها الداخلية التي يمكن أن تمنع الفيروسات من الخروج عن السيطرة.
ولكن إذا واجه نوع فيروسا غريبا وثبت أنه سريع التأثر به، فإن الافتقار إلى المقاومة في النوع المغذي للفيروس تسمح للفيروس بالتوالد دون سيطرة مما يؤدي إلى انتشار الأمراض.
ونقل تشانغ عن البروفيسور ميكائيل سوكوو من جامعة إرنست مورتيز أرندت في غريفزوالد بألمانيا قوله إن "على البشر أن يتبنوا نظما وأساليب في الإنتاج والزراعة تتفق مع قوانين الطبيعة. مثل هذه السبل لا تحتاج تجهيزات على نطاق واسع ولا بيطريين ولا أمصال ومضادات حيوية، والتي يمكن أن تكون ضارة بالبيئة".
ويطالب تشانغ بضرورة السيطرة على الزيادة السكانية مما يؤدي إلى حياة أكثر انتظاما، والانتباه إلى استئناس الحيوانات البرية وعدم تناول المخلوقات البرية وتجنب الاقتراب الشديد من الحيوانات البرية، تربية الدواجن بطريقة إنسانية والتعايش السلمي مع الحيوانات. ويعتقد أن هذه هي أكثر السبل العملية والفعالة لنا للتعامل مع المخاطر اليومية للأمراض.
شبكة الصين / 20 فبراير 2004 /
|