الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

عنيبا.. عطاء يتجاوز العرق والعقيدة (صورة)


نظرت إليهم السيدة عنيبا، وهم يرتجفون من شدة البرد تحت غطاء مهلهل، وعلى أرضية رطبة، وقررت أن تأخذ وانغ شو تشن وأشقاءها الثلاثة إلى بيتها. ورغم أن البيت مكتظ بمن فيه، ورغم قلة موارد الزوج، معيل العائلة، لم يتجرأ أحد على الشكوى من القادمين الجدد. وعندما علمت الحكومة المحلية بما تقوم به عنيبا من أعمال الخير، قررت صرف إعانة مالية قدرها 15 يوانا شهريا لكل يتيم ترعاه عنيبا. لا شك أن معونة الحكومة خففت الأعباء عن كاهل عنيبا، ولكنها لم تمحها تماما، فقد قررت عنيبا أن تسدد الفواتير الطبية المتراكمة على جين شيويه جيون منذ سنين. وتعبيرا عن امتنانه لها، عبر السيد جين عن رغبته، وهو على فراش الموت سنة 1989، بأن يتم دفنه على الطريقة الإسلامية، برغم أنه غير مسلم. بعد وفاته، أخذت السيدة عنيبا أولاده الثلاثة واحتضنتهم في عشها، ليزداد عدد أفراد العائلة إلى واحد وعشرين فردا.

 

كلهم أبنائي

لم يكن راتب أبيباو، وهو خمسة وأربعون يوانا، يكفي نفقات طعام وملابس وتعليم تسعة عشر طفلا. من أجل مساعدة أسرتها، بذلت عنيبا كل جهد ممكن وفعلت كل ما تستطيع حتى تكسب دخلا إضافيا للعائلة. كانت تفتش في القمامة عن أي شيء يمكن بيعه وتبحث في الحقول عما يصلح للأكل، بل عملت في تنظيف رؤوس المواشي المذبوحة في محلات الجزارة المحلية، وبسبب الماء البارد أصابها الروماتيزم.

عن تلك الأيام، يقول أحد أبنائها: "كأطفال، لم نكن نعرف حجم المعاناة التي تقاسيها أمنا. كنا نعرف فقط أن نتجمع حولها ونطلب المزيد من الطعام."

على مدى سنوات، كانت عنيبا تغادر البيت في السادسة صباحا ولا تعود إلا بعد منتصف الليل. وخلال وجودها في البيت، كانت تنهمك في غسل ملابس الأطفال، ثم تعد لهم الخبز الويغوري، ولا تنام سوى سويعات قليلة.

رغم كل هذه المعاناة المالية والجسدية، أصرت هذه السيدة على أن يلتحق الأطفال بالمدارس. عندما انتقلت وانغ شو تشن إلى بيت عنيبا، كان عمرها أربع عشرة سنة فألحقتها بالمدرسة. كانت الفتاة تشعر بالخجل وهي تدرس مع تلاميذ في نصف عمرها، ولكن عنيبا كانت تشجعها دائما وتقول لها: "ستتحملين في يوم ما مسؤولية بناء بلدك، فكيف تستطيعين ذلك بدون تعليم؟"

تتذكر وانغ شو تشن تلك الفترة قائلة: "كنا فقراء ولكن سعداء. كنا نلعب معا ونجمع الحطب، وكانت الضحكات في بيتنا أكثر مما في بيوت جيراننا."

في سنة أربع وتسعين وتسعمائة وألف، وبينما كانت الأسرة تستعد لحدث سعيد هو زفاف جين شيويه ليان، الفتاة ابنة قومية هان التي تبنتها عنيبا، اختطف الموت آبين، ابن عنيبا، حيث سقط عليه جدار وهو يساعد أحد القرويين في بناء حظيرة ماشية. رغم حزنها على ابن بطنها، تمالكت وهيأت لابنتها بالتبني حفل الزفاف المناسب كما كان مخططا له. وقفت قوية أمام جمع من ضيوف حفل زفاف ابنتها وطبعت قبلات على خد العروس وأعطتها خاتما ذهبيا، هو كل ما تملكه هذه الأم.

تقول السيدة عنيبا: "كل طفل في هذا المنزل هو ابني، وكل ما أتمناه لهم أن يكونوا سعداء في بيوتهم في المستقبل، ومتفوقين في أعمالهم."

إنها مشاعر كل أم، أياً كانت ديانتها أو عرقها أو لونها.



     1   2   3    




تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :