arabic.china.org.cn | 18. 09. 2019 |
"الصين لم تكن بعيدة عن الشعب الألماني"- مقابلة حصرية مع عميد معهد كونفوشيوس الصيني بجامعة هايدلبرغ تشاي يي جيانغ
عميد معهد كونفوشيوس الصيني بجامعة هايدلبرغ تشاي يي جيانغ
18 سبتمبر 2019 / شبكة الصين / لعل أول ما يقفز إلى الذهن والذاكرة من أسماء خالدة دعت إلى بناء جسور التواصل بين شعبي الصين وألمانيا، غوتفريد فيلهيلم لايبنتز، الفيلسوف الألماني اللامع (القرن 17) الذي لطالما عبر عن إعجابه بالصين. وكان غوتفريد يقول إن للدول الأوربية والصين حضارات مختلفة وأنه يتعين على كليهما التعلم من الآخر. ولو سُئل في ذلك الوقت عن نظرته لمستقبل التبادل الثقافي بين الصين وألمانيا، لما استطاع أن يتخيل ما وصلت إليه من ثراء ومتانة كأمر طبيعي يميز الواقع الحاضر. وبالنسبة للشعب الألماني، لم تكن الصين بعيدة عنهم.
في مدينة هايدلبرغ التاريخية، يمكن للمواطنين الألمان مشاركة الشعب الصيني احتفالاته بعيد الربيع الصيني التقليدي وحضور"الحوار الثقافي الألماني الصيني" و"اطلاع الجميع على الحضارة الصينية" وغيرهما من المنتديات والفعاليات. كما أصبح بمقدور تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية المحلية تعلم اللغة الصينية الفصحى ومعرفة الوجه الحقيقي للصين. ويرجع الفضل في كل هذا إلى معهد كونفوشيوس بجامعة هايدلبرغ الذي يعمل على نشر اللغة الصينية وتعزيز التبادل الثقافي، ليلعب المعهد بذلك دورا بارزا في تعزيز جسور التواصل الثقافي بين الصين وألمانيا.
وشهد معهد كونفوشيوس انطلاقته الرسمية في جامعة هايدلبرغ في سبتمبر من عام 2009. وشاركت في إنشائه كل من جامعة شانغهاي جياوتونغ وجامعة هايدلبرغ ليصبح بذلك معهد كونفوشيوس الـ 11 في ألمانيا. وقال عميد المعهد الصيني تشاي يي جيانغ إن المعهد حقق تقدما كبيرا منذ تأسيسيه وعلى امتداد السنوات العشر الماضية من حيث أساليب تعليم اللغة الصينية وجودته. ولم يتجاوز عدد طلاب المعهد في الفصل الدراسي الربيعي لعام 2010 المائة طالب.غير أن السنوات الأخيرة شهدت إقبال ما يناهز عن 400 طالب في كل سنة دراسية، وقد يصل العدد أحيانا إلى ما دون 600 بقليل.. وبالإضافة إلى ذلك، حققت دورات اللغة الصينية التي قدمها المعهد في البداية المنفعة لأبناء الجاليات الصينية بشكل أساسي، أما في الوقت الحاضر، فيستهدف المعهد تعليم اللغة الصينية وإلقاء المحاضرات العلمية للبالغين.
وأفاد العميد تشاي يي جيانغ خلال المقابلة بأن المعهد نفذ منذ عام 2012، بالتعاون مع كلية الحضارة الصينية لجامعة هايدلبرغ ومؤسسة روبرتبوش الألمانية، مشروع "الصين تأتي إلى المدارس " (China an die Schulen). فقصد متطوعون من المعهد وطلاب كلية الحضارة الصينية لجامعة هايدلبرغ مجموعة من المدارس الابتدائية والإعدادية المحلية بشكل منتظم لإقامة أنشطة "اليوم الصيني" التي أقيمت في أكثر من 10 مدارس في كل عام. وسعت معظم هذه المدارس إلى إدراج اللغة الصينية في برامجها كدروس اختيارية، فدأبت 8 مدارس تقريبا من كل سنة على تقديم دروس في اللغة الصينية.
ويتابع معهد كونفوشيوس بجامعة هايدلبرغ اتجاه تطور "الإنترنت بلس"، وتعاون مع جامعة شانغهاي جياو تونغ لإطلاق دورات اللغة الصينية على شبكة الإنترنت. وقد أقيمت ثلاث جولات من الأنشطة التعليمية لـ "الدورات الابتدائية للغة الصينية" منذ إطلاقها على الإنترنت في فبراير عام 2019. ولا تسهم الدورات الإلكترونية في تعزيز التفاعل بين المعلمين والطلاب فحسب، بل توفر أيضا مرونة أكثرفي الوقت لفائدة الطلاب الراغبين في تعلم اللغة الصينية.
وفي حديثه عن أسباب التطور المطرد لمعهد كونفوشيوس بجامعة هايدلبرغ، قال العميد تشاي يي جيانغ إن ذلك يرجع إلى تطور الصين السريع وتوسع انفتاح الصين على الخارج وتعمق التبادلات الثقافية بين الصين وألمانيا. وإضافة إلى ما سبق، أبدع المعهد في بلورة مفهوم فريد للتعاون الصيني الأجنبي، حيث يتكون مجلس الإدارة وفريق العمل في المعهد من الصينيين والألمان معا، فالموظفون الألمان مدركون لاحتياجات وخصائص الشعب الألماني وملمّون أكثر من غيرهم بالظروف المحلية، الأمر الذي يفضي إلى إقامة الأنشطة اللغوية والثقافية المختلفة في المعهد بشكل سلس. أما الموظفون الصينيون، فهم ماهرون في تدريس اللغة الصينية ودراسة الحضارة الصينية وهم الأدرى بالشؤون الوطنية الصينية وبحالات الجامعات التعاونية الصينية، لذا فهم الأقدر عمليا على نشر اللغة الصينية وتعزيز التبادلات الثقافية بين الصين وألمانيا.
وتم إنشاء 19 معهد كونفوشيوس و6 فصول كونفوشيوس في ألمانيا حتى عام 2018. كما تجاوز عدد المدارس الابتدائية والإعدادية والمهنية التي توفر دورات في اللغة الصينية 300. وأضحت الدورات الثقافية لهذه المدارس كمثل نافذة يطلع من خلالها المواطنون الألمان على العادات والتقاليد الصينية للانفتاح عليها وفهمها عن قرب، في حين توفر لهم الدورات اللغوية مفتاحا لمعرفة الصين الحديثة. وقال العميد تشاي يي جيانغ إن معهد كونفوشيوس لا يزال مؤسسة يافعة، ومن الضروري أن يتعلم من التجارب الناجحة لمعهد جوته ومعهد سرفانتس وغيرهما من المؤسسات اللغوية والثقافية الأكثر نضجا. وعبر العميد تشاي عن تطلعاته إلى أن يصبح معهد كونفوشيوس بجامعة هايدلبرغ مؤسسة مرموقة لتعليم اللغة الصينية في المناطق الناطقة باللغة الألمانية بمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين لتأسيسه، وأن يغدو منصة استشارية موثوقة تساعد الشعب الألماني على معرفة الصين بشكل أفضل.
انقلها الى... : |