الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

مقالة خاصة : كتاب أبيض صيني يتصدى للمحاولات الغربية لاساءة الفهم حول التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وأفريقيا


بقلم لوجن لونغ ياو وسعد تشن يونغ

بكين18 يناير 2011 (شينخوا) يظل التعاون متبادل المنفعة بين الصين ودول افريقيا يلعب دورا مهما في مساعدة الدول الافريقية على خفض حدة الفقر وتحقيق التنمية الاقتصادية والتحديث .

غير ان التجارة والاستثمار الثنائي المتزايد يتعرض لأصوات غربية تنتقد هذا التوجه ، حيث وصفت هذا التعاون الاقتصادي والتجاري بأنه مؤامرة لامتصاص الموارد الافريقية . لكن الكتاب الابيض الذي اصدرته الصين مؤخرا يتصدى بقوة لهذه الاصوات مستخدما الحقائق والارقام الثابتة ، ويبين ان التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ودول افريقيا يتوافق مع المنافع المشتركة الثنائية ، كما يساعد افريقيا على تحقيق اهداف التنمية الالفية ودفع الازدهار والتقدم الصيني والافريقي .

- ماذا نعلم من خلال الكتاب الابيض حول التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وافريقيا..

كان مكتب الاعلام التابع لمجلس الدولة الصيني اصدر اول كتاب ابيض بشأن التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وافريقيا في يوم 23 ديسمبر 2010 ، وقدم هذا الكتاب ( حوالي عشرة آلاف كلمة ) عددا من الحقائق والارقام شملت سبعة مجالات ، بما فيها التنمية المتوازنة في التجارة الثنائية وتوسيع القطاعات الاستثمارية وبناء منشآت البنية الاساسية والتعاون في اعداد الاكفاء وارسال الخبراء وتحسين مستوى المعيشة الشعبية وتوسيع قطاعات التعاون الثنائي .

كشف الكتاب الأبيض ان قيمة التجارة الصينية الافريقية شهدت نموا سريعا منذ العام 2000 ، لتصل الزيادة السنوية الى 33.5% في فترة 2000 - 2008 . واصبحت الصين اكبر شريك تجاري لأفريقيا في العام 2009 . وفي فترة يناير - نوفمبر عام 2010 ، وصلت قيمة التجارة الثنائية الى 114.81 مليار دولار امريكي ، بزيادة 43.5% على اساس سنوي.

وشهد حجم الاستثمار الثنائي ازدياد ملحوظا منذ تسعينات القرن الماضي. وحتى نهاية العام 2009 ، وصلت الاستثمارات الصينية المباشرة في افريقيا الى 9.33 مليار دولار امريكي ، وتوجهت هذه الاستثمارات رئيسيا الى جنوب افريقيا ونيجيريا وزامبيا والسودان والجزائر ومصر وغيرها . وفي الوقت عينه ، بلغت الاستثمارات الافريقية المباشرة في الصين 9.93 مليار دولار امريكي .

وبنهاية عام 2009 ، قامت الصين ببناء اكثر من 500 مشروع ضمن منشآت البنية الاساسية مثل مركز المؤتمرات الدولية بالعاصمة المصرية القاهرة ومشروع قناة نهر المجردة في تونس وفندق شيراتون بالجزائر وسد مروى السوداني .

اضافة الى ذلك ، اهتمت الصين ببناء القدرة التنموية الافريقية وعززت التبادل والتعاون التعليمي مع دول افريقيا ، ولم تنظم التدريبات للادارة والفنون فحسب ، بل ارسلت الخبراء والمتطوعين الشباب الى افريقيا .

- التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي يفيد الصين والدول الافريقية ..

اشار الكتاب الابيض الى ان الصين اكبر دولة نامية في العالم ، اما القارة الافريقية فيحتشد فيها أكبر عدد من الدول النامية . ويرى الخبراء الاقتصاديون ان اي دولة نامية لا بد ان تتخذ ميزة تفوق نسبية لها كقوة دافعة لنموها. وبالنسبة الى الدول الافريقية ، تعد الموارد الغنية ميزة التفوق النسبية لها ، لذا ظل تطوير الموارد موضوعا هاما في التعاون الصيني الافريقي ابتداء من ثمانينات القرن الماضي .

وقال وانغ لوه نائب مدير مركز الدراسات الصينية - الافريقية التابع لوزارة التجارة الصينية ان جميع الدول النامية تقريبا والتي تتمتع بميزة التفوق النسبي مرت بطريق " استخدام الموارد للحصول على تدفق رؤوس الأموال ، ولم تتمكن الصين من تجنب ذلك في بدايات تنفيذ سياسة الاصلاح والانفتاح ايضا . واضاف بأن هذا ليس سوى مظهر اقتصادي ، لم تقصده الصين ، وأن الصين ليست الدولة الوحيدة التي مرت بهذه المرحلة .

واشار الكتاب الابيض الى ان التعاون التجاري بين الصين والدول الافريقية يقوم على أساس مبادئ المنفعة المتبادلة والازدهار والتنمية المشتركة . وفي وقت ازدياد حجم التجارة الثنائية ، شهدت هيكلة التجارة تطورا. وشملت صادرات الصين الى افريقيا منتجات الصناعات الخفيفة والمأكولات والمنتجات الكيماوية ومنتجات المواشي في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين ، وأصبحت صادرات الماكينات والسيارات والالكترونيات تزداد منذ العام 2000، حتى شكلت منتجات الماكينات والالكترونيات اكثر من 50% من صادرات الصين الى افريقيا في الآونة الأخيرة .

من ناحية اخرى، احتلت المنتجات الأولية مثل القطن مكانة كبيرة في صادرات افريقيا الى الصين ، بيد ان المنتجات الصناعية الافريقية مثل المواد الفولاذية والنحاسية والاسمدة بدأت الدخول الى السوق الصيني في السنوات الأخيرة ، كما تلقى المنتجات الزراعية الافريقية اقبالا من المستهلكين الصينيين مثل البرتقال المصري وزيت الزيتون التونسي ونبيذ جنوب افريقيا.

ووفقا لما جاء في الكتاب الابيض ، وقعت الصين اتفاقيات للتجارة الثنائية مع 45 دولة افريقية . ومنذ العام 2005 ، بدأت الصين تطبيق معاملة الرسوم الجمركية الصفرية لصادرات الدول الافريقية الاقل نموا والتي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين ، وحتى يوليو عام 2010 ، منحت الصين هذه المعاملة لسلع افريقية ضمن اكثر من 4700 صنف ضريبي . وفي فترة 2005 - يونيو 2010 ، استوردت الصين بما قيمته 1.32 مليار دولار امريكي من السلع الافريقية برسوم جمركية صفرية . الى جانب ذلك ، ساعدت الصين المؤسسات الافريقية لتوسيع حصتها في السوق الصيني من خلال اقامة المعارض وانشاء المراكز للسلع الافريقية وغير ذلك .

وشجعت الحكومة الصينية المؤسسات القادرة والموثوقة لتوسيع استثماراتها في افريقيا . وظلت المؤسسات الصينية تتمسك بالقواعد الدولية وتتخذ أساليب تعاونية متعددة الانواع بشكل علني وشفاف وتقوم بالتعاون مع الدول الافريقية والمؤسسات الدولية الاخرى في تطوير واستخدام الموارد المحلية . وعلى سبيل المثال ، قامت مؤسسات صينية بتطوير موارد النفط في السودان بالتعاون مع مؤسسات ماليزية وغيرها. وساعدت السودان على انجاز بناء النظام الصناعي النفطي الحديث ، مما رفع الايرادات المالية للحكومة السودانية بصورة كبيرة وتحسين مستوى معيشة الشعب السوداني.

ووفرت المؤسسات الصينية التي استثمرت في افريقيا فرص عمل كثيرة للمواطنين الأفارقة ، حيث ساهمت في رفع القدرة التنموية في هذه الدول. وأشار الكتاب الابيض الى مؤسسة المعادن ذات التمويل الصيني في زامبيا ، حيث قامت بانشاء مصنع للتعدين ورفعت فعالية استخدام موارد النحاس في زامبيا ، كما تعهدت بعدم خفض الانتاج وعدم خفض عدد العمال وعدم خفض الاستثمار بعد اندلاع الازمة المالية العالمية ، واصبحت الوحيدة من بين مؤسسات التعدين السبع ذات التمويل الاجنبي التي تتمكن من الوفاء بتعهداتها.

واهتمت الصين باعداد الاكفاء ورفع مستوى الفنون في الدول الافريقية . وبنهاية العام 2009 ، دعمت الصين بناء 107 مدارس في افريقيا ، ووفرت منحا دراسية الى 29465 طالبا افريقيا ، وارسلت 104 خبراء في قطاع الزراعة و312 متطوعا شابا الى الدول الافريقية . وحتى يونيو عام 2010، أعدت الصين ما يزيد عن 30 الف من الاكفاء لاكثر من 20 قطاعا مثل الاقتصاد والادارة العامة والزراعة وتربية المواشي والعلاج الطبي وحماية البيئة وغير ذلك . ونظمت تدريبات فنية حول الزراعة وتربية المواشي وصيد الاسماك في دول افريقية عديدة .

كما بذلت الحكومة الصينية جهودا كبيرة في اكمال المنشآت العامة وحل مشكلة الحبوب الغذائية وتحسين الظروف الصحية وتخفيض عبء الديون للدول الافريقية . وفي فترة 2000 - 2009 ، اعفت الصين ما قيمته 18.96 مليار يوان من الديون على 35 دولة افريقية . وظلت تقدم مساعدات انسانية لافريقيا . الى جانب ذلك ، عملت الصين على توسيع المجالات التعاونية بين الجانبين ليمتد التعاون الى المجالات المصرفية والسياحة والطيران وحماية البيئة ، ودعمت الصين وافريقيا بعضهما البعض في قضايا عديدة مثل مواجهة التغير المناخي .

- ماذا فعلت الدول الغربية في الوقت الذي تلوم فيه الصين ؟

حسبما ورد في مقال " الصين في افريقيا " بقلم باري ساوتمن ، ويان هاي رونغ ( الباحثان في جامعة هونغ كونغ) والتي نشرتها المجلة الالكترونية " يالي العالمية " لجامعة يالي الامريكية ، فقد تركزت الواردات الصينية من افريقيا على النفط والغاز الطبيعي ( 62% ) والمعادن ( 17% ) . غير ان النفط والغاز الطبيعي شكلا 88% من اجمالي الواردات الامريكية من افريقيا في العام 2008، والنسبة الباقية معظمها من المعادن . ومن بين صادرات افريقيا من النفط ، لم تحصل الصين سوى 9% منها ، اما الدول الاوروبية والولايات المتحدة فحصل كل منهما على 33% من تلك الصادرات .

وقدمت الصين قروضا تفضيلية لدعم بناء مشاريع منشآت البنية الاساسية في الوقت الذي قامت فيه بتعزيز تجارة النفط مع دول افريقية ، وتعد تكاليف بناء هذه المشاريع وامكانية حدوث فساد منخفضة مقارنة مع ما قدمته الدول الغربية .

وكشف المقال ان ظروف العمل في معظم المؤسسات في افريقيا ، الصينية والغربية، سيئة للغاية . لكن الارباح في المؤسسات الغربية تكون اكثر ارتفاعا قياسا الى نظيراتها الصينية . المؤسسات الصينية بصفتها مؤسسات ذات تمويل مشترك ، دائما ما تشاطر الفوائد مع شركائها الأفارقة ، وهذا فارق رئيسي بين المؤسسات الصينية والمؤسسات الغربية .

وبحسب دراسة باري ساوتمن ويان هاي رونغ ، طلبت الدول الغربية جلب مئات بل آلاف الفنيين الأفارقة لاسيما الاطباء والممرضات ، غير ان هؤلاء الاكفاء لم يعودوا الى افريقيا بعد ان تلقوا التدريبات في الدول الغربية . اما الصين فقامت باعداد الكثير من الاطباء والمهندسين وخبراء الزراعة وقد عاد معظم الى دولهم لتقديم مساهماتهم .

واشار المقال الى ان اصوات اللوم الغربية التي لا يسرها التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وافريقيا ، ليس لها سبب سوى ان الدول الغربية تعي بأن الصين اصبحت منافسا جديدا لها في القارة الافريقية . بيد أن الكتاب الابيض يتصدى لهذه الاصوات بشكل قوي وجلي .

 

 

شبكة الصين / 18 يناير 2011 /




-مقابلة: الدبلوماسية الناعمة توجه العلاقات الصينية - الأفريقية خلال عام 2011

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :