الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ واقتصاد السوق في الصين
دنغ شياو بينغ يتفقد أعمال البناء الاقتصادي في مدينة شنتشن عام 1992
يصادف الثاني والعشرون من اغسطس الجاري الذكرى المئوية لميلاد الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ، وفيما يلى نتحدث معكم حول دوره كمصمم عام لسياسة الاصلاح والانفتاح وبناء التحديثات في الصين في دفع بناء اقتصاد السوق.
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، وبصفتها دولة اشتراكية، ورثت اسلوب البناء الاقتصادي عن الاتحاد السوفياتي السابق حيث اتخذت الاقتصاد المخطط كاساس وادارت اقتصاد الدولة بشكل مركزي. وفي المرحلة الاولية بعد تأسيسها، استخدمت نظام الاقتصاد المخطط لتوزيع موارد البلاد بشكل فعال مما دفع تطور اقتصاد الصين. لكن بعد ذلك، ظهرت اخطاء في بناء الاقتصاد الصيني بسبب الاهتمام المفرط بالتخطيط وتجاهل دور السوق في تنسيق الاقتصاد.
وبعد ان اصبح دنغ شياو بينغ نواة الجيل الثاني من القيادة الصينية في نهاية السبعينات من القرن الماضي، قام بعد مناقشات معمقة ودراسات للاوضاع داخل الصين وخارجها قام بطرح فكرة مفادها اذا ارادت الصين الخروج من حالة التخلف النسبي، فمن الضروري ان تسمح بتطبيق نظام اقتصاد السوق وتحرر عقليتها وتستند الى الوقائع. وكانت العوائق في ذلك الحين امام تغيير صيغة التنمية الاقتصادية الصينية كبيرة جدا في ظل تلك الظروف التاريخية، ويحتاج تغييرها الى شجاعة سياسية واضحة. واستذكر الدكتور جو يان الباحث بمركز دراسة النظريات التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والذى يعمل في دراسة تاريخ الحزب الشيوعي الصيني قائلا:
"طرح دنغ شياو بينغ بشجاعة خلال محادثاته مع ضيوف اجانب في 26 من نوفمبر عام1979 فكرة هامة تتمثل في انه يمكن للاشتراكية تطبيق اقتصاد السوق، مؤكدا ان فكرة وجود اقتصاد السوق في المجتمع الرأسمالي فقط غير صحيحة تماما متساءلا عن سبب عدم تطبيق اقتصاد السوق في المجتمع الاشتراكي؟"
على ضوء فكرة دينغ شياو بينغ انشأت الصين عام 1980 اربع مناطق اقتصادية خاصة في اربع مدن ساحلية جنوبية فيها مدينة شنتشن كمناطق تجريبية لاصلاح النظام الاقتصادي. وتم توسيع هذه المناطق بشكل مستمر بهدف اقامة نظام اقتصاد السوق. وحتى اوائل تسعينات القرن الماضي، حظى الاقتصاد في هذه المناطق بنمو سريع، واصبحت الاسواق مزدهرة والمجتمع متقدما، وحققت معيشة المواطنين تحسنا ملحوظا في هذه المدن. ورغم تحقيق تلك الانجازات، كانت هناك خلافات واسعة في الصين حول امكانية تطبيق اقتصاد السوق في المجتمع الاشتراكي، وكانت بعض الافكار القديمة تعيق التطور العميق للاصلاح.
وكان السيد لي لوه لي مسؤولا عن استقبال دنغ شياو بينغ خلال تفقده مدينة شنتشن في عام 1992، اذ قال:
"بدأ دنغ شياو بينغ بالقول ان الاسواق موجودة ايضا في المجتمع الاشتراكي والخطط موجودة كذلك في المجتمع الرأسمالي، ويتعين على المجتمع الاشتراكي تطبيق اقتصاد السوق، والا سيدخل في طريق مسدود. ان التنمية امر لا مفر منه."
وطدت كلمات دنغ شياو بينغ هذه الاساس لافكار مختلف اوساط المجتمع الصيني، ومن ثم اتخذت الصين بشكل واضح القرار الاستراتيجي لبناء اقتصاد السوق الاشتراكي، واصبح بناء واكمال نظام اقتصاد السوق الاشتراكي هدفا لاصلاح الاقتصاد الصيني. أكد الدكتور جو يان بمركز دراسة النظريات للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ان كل الخطوات التنموية ترتبط بشكل وثيق مع فكرة دنغ شياو بينغ وجهوده:
"يمكن القول ان الرفيق دنغ شياو بينغ كان مركز السعى الى بناء نظام اقتصاد السوق الاشتراكي، وكانت افكاره الشخصية وارشاداته لكل الحزب هامة للغاية." (إذاعة الصين الدولية)
شبكة الصين /19 اغسطس 2004/
|