دنغ شياو بينغ --- انجح طالب عائد من الخارج
لو رجعنا الى التقارير الدراسية لدنغ شياو بينغ، فانه لايمكن القول بانه كان طالبا متميزا خلال حياته الدراسية بالخارج ، ورغم ذلك ، يرى معظم الناس انه بدون هذه التجربة لم يكن بمقدور دنغ ان يجعل من نفسه اعظم ثورى واصلاحى فى تاريخ الصين.
وصل دنغ وهو فى السادسة عشرة الى فرنسا فى اكتوبر عام 1920 حيث بدأ حياته الدراسية بالخارج بأمل انقاذ البلاد من خلال التطور الصناعى.
ولسوء الحظ ، اضطر دنغ الى قطع دراستة بعد ذلك باقل من نصف عام،
لعجزه عن سداد رسوم الدراسة. وخلال السنوات الاربع التالية عمل دنغ فى مصانع الصلب ومصانع المطاط المحلية لاطعام نفسه بالعائدات الهزيلة وهى 10 فرنكات يوميا.
وقال دنغ فى عام 1984 خلال استقباله لوفد نقابات العمال الامريكية " اننى ايضا عامل." واضاف " لقد عملت فى فرنسا وانا فى السادسة عشرة ، بامل الانفاق على تعليمى لكننى فشلت."
ورغم ان تجربة دراسته بالخارج لم تكن مرضية ، الا ان رجل الدولة الحكيم ادرك تماما مدى اهمية الطلبة الدارسين بالخارج فى عملية البناء المستقبلى للصين.
وفى يونيو عام 1987 القى دنغ خطابا اكد فيه على ضرورة ان توسع الصين اتصالاتها الاكاديمية مع الدول الاجنبية ، وترسل المزيد من الطلبة للدراسة بالخارج.
وقال فى خطابه " سنرسل الالاف او عشرات الالاف من الطلبة لتلقى العلم بالخارج."
وعلق لى جيان الباحث بأكاديمية شانغهاى للعلوم الاجتماعية على ذلك بقوله "ان قرار دنغ غير وضع تعليم الصينيين بالخارج برمته ، وغير حياتى ايضا ."
كان لى ، وهو حاليا خبير فى المالية والاوراق المالية ، قد اختير ضمن الدفعة الثالثة من الطلبة الذين ارسلوا الى المانيا للحصول على شهادات الدكتوراة فى الثمانينات ، عقب تخرجه من جامعة فودان بشانغهاى.
وخلال 25 عاما من القاء هذا الخطاب ، سافر اكثر من 580 الف واطن صينى للخارج لتلقى العلم فى اكثر من 100 دولة ومنطقة.
وقد عاد حوالى 150 الف طالب من الخارج ، واصبحوا اليوم دعامة عملية بناء الصين فى كافة المجالات . وقد تلقى 81 فى المائة من اعضاء الاكاديمية الصينية للعلوم و54 فى المائة من اعضاء الاكاديمية الصينية للهندسة تعليما بالخارج.
واعرب دنغ عن امله فى ان يعود كل طالب يدرس بالخارج الى الوطن الام بعد تخرجه ، وكما قال فى عام 1992 خلال جولة تفقدية لمقاطعات جنوب الصين " عليهم ان يحبوا وطنهم الأم ، ويجعلوه اكثر قوة واكثر تقدما . واذا ارادوا بدء مستقبل مهنى لهم ، فعليهم العودة الى الصين."
الا ان دنغ لم يطالب بارغام الطلبة بالخارج على العودة ، ووضع سياسات تقول بان الطلبة لهم الحرية فى تحديد ما اذا كانوا سيعودون للبلاد ، بينما يجب على الحكومة بذل الجهود لتحسين مناخ المعيشة والعمل للطلبة العائدين من الخارج.
وفى الواقع ، ثبت ان هذه السياسات فعالة بدرجة كبيرة اليوم. وحتى الان اقامت الصين 110 مجمعات اعمال للطلبة العائدين من الخارج، اجتذبت اكثر من 6 الاف شركة حققت عوائد بلغت 32.7 مليار يوان /حوالى 4 مليارات دولار امريكى/ عام 2003.
واصبحت سياسة الاصلاح والانفتاح التى كان دنغ مهندسها ، والتى حققت المعجزة الاقتصادية للصين فى السنوات ال25 الماضية ، السبب الرئيسى فى تفضيل المزيد والمزيد من الطلبة الدارسين بالخارج للعودة الى الوطن.
فقد عادت تشانغ هوى لتعمل فى شركة لتكنولوجيا المعلومات فى شانغهاى عندما حصلت على شهادة الماجستير فى ادارة الاعمال فى بريطانيا.
وقالت تشانغ " لقد اصبح الوضع واضحا تماما الان. فى الدول الاجنبية يمكننى ان احصل فقط على وظيفة ، لكن فى الصين يمكننى ان احصل على مستقبل وظيفى."
وقال شياو تشو شينغ الخبير فى تاريخ الاتصالات بين الصين والدول الاجنبية " فى الماضى كانت العودة الى الصين تعنى بالنسبة لمعظم الطلبة بالخارج التخلى عن حياة رغيدة. وتكمن عظمة دنغ فى انه ازاح الاعباء عن كاهل الطلبة من خلال دمج خدمة بلادهم مع تحقيق اهدافهم الشخصية فى الحياة ."
وقال شياو " من هذا المنظور ، يعد دنغ انجح طالب عائد من الخارج." (شينخوا)
شبكة الصين /16 أغسطس 2004/
|