الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
صحيفة ((الاخبار)) المصرية: حل المعادلات الصعبة في الصين
نشرت صحيفة ((الاخبار)) المصرية مقالا للكاتب المصري المشهور رجب بنا 16 اغسطس تحت عنوان:
حل المعادلات الصعبة في الصين
استطاعت الصين حل المعادلات الصعبة التي واجهتها وسارت بجدية شديدة لتحقيق الهدف، الذي حددته في عام 1978 ولا يزال هذا هو الهدف إلى إلىوم وهو التخلص من الفقر والتخلف وتغيير الحياة الراكدة العقيمة التي عاقت تقدمها.
التحدي الأول كيف توفر الغذاء لأكثر من 1200 مليون إنسان وكان الحل تحديد النسل والاعتماد علي الذات في إنتاج المحاصيل الغذائية الأساسية، وكأنهم طبقوا الحكمة المصرية من لا ينتج قوته لا يملك حريته.
وكان التحدي الثاني كيف يمكن صياغة العلاقات التجارية والسياسية مع الولايات المتحدة دون أن تفقد الصين استقلالها وتقع في فخ التبعية، ووجدت الحل في الاعتماد علي النفس أيضا وعندما وصلت إلى مرحلة امتلاك المعرفة والتكنولوجيا ونجحت في بناء اقتصاد قوي استطاعت صياغة علاقة مع الولايات المتحدة ـ أقوى دولة في العالم ـ قائمة علي الندية، علاقة فيها الخلاف والاتفاق، وفيها الصراع والتعاون، وفيها التحدي وتفادي الصدام، ولعلنا نذكر عندما أسقطت الصين طائرة تجسس أمريكية في أراضيها، وكيف استخدمتها ورقة للضغط علي الإدارة الأمريكية في عهد بوش، وبعد مفاوضات طويلة سلمتها مفككة داخل صناديق بعد أن كشفت ـ بالقطع ـ أسرار هذه الطائرة، ونذكر زيارة الرؤساء الأمريكيين إلى بكين لإقناعها باستيراد المزيد من المنتجات الأمريكية لسداد جزء من ديون أمريكا لها نتيجة اختلال الميزان التجاري بين البلدين لصالح الصين، ولكن القادة الصينيين كانوا يجيبون دائما بأن الأمر ليس بأيديهم، وان المواطن الصيني يفضل منتجات بلده حتى وان كانت اقل جودة(!).
وعندما أرادت الصين أن تصبح نقطة ارتكاز المنافسة العالمية بدأت بالإنسان: بالتعليم والتدريب حتى اصبح العامل الصيني هو السر الأعظم للتقدم الذي حققته ويعتبره العالم معجزة، فهو يتمتع بالمهارة والدقة ويعمل طول الوقت دون كلل أو محاولة للتهرب أو التمارض، ربما لان العقيدة الكونفوشية غرست في الصينيين أن العمل عبادة فهم يطبقون ذلك حرفيا، ولو انك شاهدت العامل في مصنع من المصانع لوجدته مستغرقا بكامل طاقته في العمل وكأنه في صلاة.
وأمام تحدي العولمة توصلت الصين إلى حل عبقري، فقد اندمجت في الأسواق العالمية واستفادت من الميزات النسبية التي تتمتع بها منتجاتها، وفتحت أبوابها للاستثمار الأجنبي بشروط، وفي نفس الوقت وقفت بصلابة في مفاوضاتها مع منظمة التجارة العالمية للدخول في عضويتها، ورفضت شروط المنظمة التي كانت مصممة علي أن تكون عضوية الصين باعتبارها من الدول المتقدمة، وظلت الصين متمسكة بان تكون عضويتها باعتبارها دولة نامية لكي تحصل علي الإعفاءات والامتيازات والتسهيلات الممنوحة للدول النامية، وبالصبر الصيني المعروف استمرت المفاوضات خمسة عشر عاما إلى أن سلمت المنظمة بشروط الصين.
وكانت بذلك آخر دولة تنضم إلى المنظمة... وأثبتت بذلك أن في الإمكان الصمود أمام المؤسسات الدولية التي تمثل العولمة وتكرس الهيمنة الأمريكية، وفي نفس الوقت فتحت الباب للاستثمارات الأمريكية في مجال التكنولوجيا الحديثة فقط، ومع ذلك وضعت قيودا علي الصادرات الأمريكية في مجالات معينة مثل توليد الطاقة، والصناعات الدوائية، والآلات، والاتصالات عن بعد، واحتفظت بقدرتها علي اتخاذ مواقف سياسية مستقلة في القضايا الدولية تتعارض مع السياسات الأمريكية وتعوقها في بعض الأحيان، دون أن تصل إلى مرحلة الصدام!
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |