الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
حسين اسماعيل: حدث في شينجيانغ وخارجها
حسين اسماعيل: حدث في شينجيانغ وخارجها (الجزء الأول)
(الجزء الثاني)
الآن، وقد هدأت الأمور، ثمة عدد من الملاحظات الضرورية التي ينبغي أن نشير إليها:
أولا، من الواضح أن الأحداث باغتت السلطات في شينجيانغ، فبرغم وقوع حوادث متفرقة من فترة إلى أخرى في شينجيانغ، لا أظن أن أحدا كان يتوقع أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة، وربما لذلك بدا بعض الاضطراب في تصريحات مسئولي المقاطعة في اليوم الأول، كما يتضح في ربط رئيس المنطقة للأحداث بمشاجرات مصنع قوانغدونغ، ونفي العاملين بالمصنع ذلك.
ثانيا، أن الحكومة الصينية لا تنتهج سياسة تمييز منهجي ضد أي من مواطنيها على أساس العرق أو الدين أو أي أساس آخر. ربما تقع تجاوزات فردية هنا أو هناك، ولكنها تظل أفعالا شخصية لا تعبر عن سياسة الدولة. ولم يكن تصدي قوات الأمن الصينية للمتظاهرين في أورومتشي مختلفا عن تصدي تلك القوات لأي أعمال شغب أو تخريب في أي مكان آخر بالصين، سواء من جانب أبناء قومية هان أو أي قومية أخرى. وليس صحيحا أن الحكومة الصينية قامت بعلميات تهجير لسكان من قومية هان إلى شينجيانغ لتغيير التركيبة السكانية، والذين يتحدثون عن ذلك يجهلون أن شينجيانغ ليس شارعا أو مدينة وإنما منطقة شاسعة مساحتها 6649ر1 مليون كم مربع ، تحتل سُدس مساحة الصين، تجاور ثماني دول بحدود تمتد 5600 كم، يعيش فيها عشرون مليون نسمة ينتمون إلى 47 قومية، منهم أبناء الويغور. وما يحدث في شينجيانغ هو تنقل طبيعي للسكان، ومثلما يذهب أبناء هان للعمل والبحث عن فرص الرزق في شينجيانغ، ينتقل أبناء الويغور في أرجاء الصين يمارسون نشاطاتهم بحرية تامة. ويمكن الرجوع إلى مقالتنا "موسم الهجرة إلى شينجيانغ" في "الصين اليوم"، عدد أكتوبر 2005.
ثالثا، أن الحكومة الصين تعي جيدا أهمية الأقليات القومية وتولي اهتماما بالغا لقضية التضامن القومي، ولعل أبرز تعبير عن هذا الوعي وذلك الاهتمام قرار الرئيس الصيني هو جين تاو قطع زيارته إلى إيطاليا ومشاركته في قمة مجموعة الثمانية والعودة إلى البلاد، فوحدة الأراضي الصينية أولوية تعلو ما سواها لدى القيادة الصينية. الوحدة الوطنية بالنسبة للصين خط أحمر.
رابعا، أن ما حدث يتناقض تماما مع دعوة الرئيس هو جين تاو إلى "مجتمع متناغم"، أي مجتمع يقوم على الانسجام بين كافة عناصره.
خامسا، أن إقحام الإسلام في ما حدث بمدينة أورومتشي لا مبرر له، ومحاولة وصف من حدثوا بالمسلمين لا معنى له، فقوات الأمن عندما تصدت لمثيري الشغب تصدت لهم أنهم يرتكبون أعمالا تخريبية وليس لأنهم ينتمون إلى عقيدة معينة. ونحن نعتقد أن دعوات الانفصال التي يروج لها بعض أبناء الويغور ليست في مصلحة أبناء الويغور أنفسهم، وهذه الرؤية سبق وطرحتها في تعليق لي على مقال للكاتب الإسلامي الأستاذ فهمي هويدي بجريدة "الشرق الأوسط" السعودية بعنوان "الأقليات المسلمة بين الاتصال والانفصال" في 12 مارس سنة 2008 ، وقد كان من بين ما قلت: "نرى أن القاعدة التي يجب أن تحكم الالتحام والانضواء تحت راية الدولة الأم أو الانفصال عنها لا ينبغي أن تكون العقيدة الدينية، ونحن نميل إلى رؤية أن البقاء في إطار دولة قوية خير من الاستقلال في دولة ضعيفة. ونحسب أن ثمة مزيجا من العوامل المتداخلة هي التي تحكم التوحد أو الانفصال، وعلى رأسها ما إذا كانت الأقلية، العرقية أو الدينية، تنال حقوقها المتكافئة والمتساوية مع غيرها من الأعراق والعقائد الأخرى التي تنتمي إلى ذات الكيان السياسي".
-حسين اسماعيل: حدث في شينجيانغ وخارجها |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |