|
الصين وتحديات التناغم والاستقرار بعد الأولمبياد
الأسئلة تتعدد تتكاثف تتشابك إلي أن جاءتني وثيقة بالغة الأهمية منذ أيام تحمل عنوان تقرير البحث في التناغم والاستقرار المجتمعي في الصين صدرت يوم12 سبتمبر عن الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية CASS وهي المؤسسة البحثية المركزية للدولة منذ1978 التقرير بالغ الأهمية والخطورة وهو الأول من نوعه شمل 28 مقاطعة و130 مركزا ومدينة و520 قرية و7100 منزل ولعله من المفيد عرض أهم خطواته ونتائجه بشكل مرتب:
1 ـ80% قالوا إن المجتمع الصيني متناغم بوجه عام بينما رأي74.9% أن المجتمع يمتاز بدرجة عالية وأساسية من التناغم هذا وقد رأي95% أن الاستقرار بالغ الأهمية للصين في الوقت الحاضر.
2 ـ من غير الواقعي أن تتمتع جميع القطاعات الاجتماعية بنفس النصيب من ثمرات التنمية والإصلاحات في المرحلة الحالية وذلك نظرا لتباين القدرات والإمكانات والظروف في مختلف هذه القطاعات وكذا يجب التنبه إلي أن هذه الاختلافات يمكن أن تؤدي إلي تعميق الهوة بين مختلف القطاعات وبالتالي فهي تحمل في طياتها إمكانية ظهور تناقضات وأزمات في المستقبل.
3 ـ أين توجد بؤرة التناقضات التي تثير الاستياء وإمكانات الصدام بين المتناقضات الاجتماعية التي بدأت تظهر؟ يري التقرير أن بؤرة التناقضات تكمن في دائرة العلاقات بين الكادر أي فئة الموظفين وجماهير الشعب ومن أجل توضيح مفهوم الكادر أي موظفي الدولة يمضي التقرير إلي توضيح هذا المفهوم لإضاءة مساحات التناقض كما يلي: يري نحو70% من الناس أن هذا الكادر أو موظفي الدولة سيتأثرون بمعظم ثمار الثراء الاجتماعي, ومن بعدهم الفئات التالية علي التوالي: نحو54% يرون أن هذه الفئات تتكون من المشتغلين بمهن الترفيه والتسلية أي المشتغلين بالإعلام والفنانين ثم أكثر من52% يرون أنهم أصحاب مؤسسات القطاع الخاص ومن بعدهم يري نحو48% أنهم مديرو مؤسسات القطاع العام وأخيرا يري44% انهم من المهنيين.
4 ـ ثم يمضي التقرير في تفنيد مساحة التناقضات بحثا عن أهم العوامل التي يستشعر عامة الناس أنها تمثل تهديدا لحياتها اليومية وكذا الاستقرار الاجتماعي حتى يخلص إلي تحديد قائمة السلبيات حسب درجة أهميتها كما يلي: البحث عن العلاج الطبي إيجاد عمل أو البطالة الاستقطاب بين الأثرياء والفقراء وفساد المسئولين والاستيلاء علي أموال بوسائل غير مشروعة تكاليف السكن الآمن الاجتماعي, الهوة الساحقة بين المدينة والقرية وأخيرا تلوث البيئة.
5 ـ ينتقل التقرير إلي محاولة الوصول إلي قاع التناقضات نقطة البداية بطبيعة الأمر هي تحديد نحو51% من المشاركين في تقييم آرائهم أن الهوة الساحقة بين الأثرياء والفقراء هي التي تستقطب عوامل الشعور بالهوة والصراع بين مختلف القطاعات الاجتماعية ثم يري التقرير أن هذه الهوة لا تمثل الدافع الرئيسي من استياء محدودي الدخل من الأثرياء وإنما السبب الرئيسي يكمن في الوسائل غير المشروعة التي يتبعها بعض الأثرياء لتحقيق تراكم ثرواتهم خاصة الرشوة والاستيلاء علي الأموال بطرق غير قانونية.
6 ـ الخلاصة يري التقرير أن معدلات عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بلغت مستوي يجعل من المرتقب حدوث مشكلات وصدامات مجتمعية كما تشير التجارب الدولية إلي ذلك وهو أمر طبيعي, المهم وهذه خلاصة التقرير أن مسح الرأي الواسع الذي تم يؤكد أن91.6% من المشاركين أعلنوا ثقتهم التامة في قدرة الدولة والحكومة علي مواجهة المشكلات إن أجلا أو عاجلا كما أن93.5% منهم يعتقدون أن جيل أبنائهم سوف يتمتع بحياة أفضل بكثير.
صاحبي يسألني: لماذا ترى تقدم لنا اليوم تقرير الأكاديمية؟ ألم نتفق أن استشرافه الألعاب الأوليمبية تكفي بعد مشوار الثورة؟
إن إشراقة الألعاب الأوليمبية تؤكد صعود الصين في قلب العالم الجديد لكن الصين تدرك جدلية التاريخ تعلم أن مسيرة الارتقاء السلمي إلي الصف الأول تعني مسيرة طويلة من نوع جديد لا تقل صعوبة عن مسيرة ثورة التحرير.
كان من الممكن إنكار المصاعب والتناقضات لحظة بريق أضواء الألعاب لكن الواقع له الأولوية هكذا أرادت الصين أن تقيم الدورة الثانية للألعاب الأوليمبية لذوي العاهات لكي تؤكد حق الضعفاء إلي العناية وكامل المشاركة في مباريات أبطال العالم أي أن هذه الدورة تمثل اهتمام الدولة بشكل ساطع بالقطاع المهمش تقليديا تأكيدا أنها دولة الشعب العامل في المقام الأول تاريخيا وكذا الآن في مطلع مرحلة الصعود السلمي وأخيرا وليس آخر تفجرت مسألة اللبن الفاسد نتيجة للهرولة إلي المكاسب السريعة غير المشروعة فكانت المواجهة الصارمة فورا.
قال صاحبي:
شوف يا أخي شوف الصراحة والشفافية والشعور بالمسئولية والاعتراف بالثغرات لتفادي الأزمات الدولة الكبيرة هي التي تنجز وتتقدم نعم وتؤكد مكانتها بين الأمم. أما دولة الحضارة فهي التي تواجه ثغرات أدائها وزلات رجالها لتضيء حياة الناس تدخل قلوبهم هكذا يكون الشروق أليس كذلك.؟
شبكة الصين / 26 سبتمبر 2008 /
|
