الصين وتحديات التناغم والاستقرار بعد الأولمبياد

نشرت صحيفة ((الأهرام)) المصرية مقالا د.أنور عبد المالك المصري بـ "رحلة إلي وجدان الصين" يوم 26 أغسطس، ونشرت 22 سبتمبر مقالا آخر للدكتور بعنوان: الصين وتحديات التناغم والاستقرار بعد الأولمبياد. كتبه الكاتب بعد أن قرأ وثيقة بالغة الأهمية منذ أيام تحمل عنوان تقرير البحث في التناغم والاستقرار المجتمعي في الصين صدرت يوم‏12‏ سبتمبر عن الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، مواصلا رحلته إلى وجدان الصين.

 

الصين وتحديات التناغم والاستقرار بعد الأولمبياد

تصورت أن إشراقة أولمبياد بكين ربما تتلوها فترة من العودة إلي نسيج الاهتمامات العادية‏,‏ لاسيما أن الأزمة تحاصر اهتمام الناس لحظة انتقال الرئاسة الأمريكية إلي مستقبل غير محدد بينما تفجرت أزمة القوقاز بشكل مدبر منذ هجوم جورجيا ليلة‏ 8‏ أغسطس بساعات قبل بداية أولمبياد بكين‏.‏

تراكمت الرسائل أمامي وكلها تدقق النظر في مرتبة الصين غير المرتقبة لهذه الصورة إلي هذه الدرجة والأسئلة تركزت حول الجوهر أي التفسير السببي من أين هذه الطاقة؟ من أين نسيج القوة والإنجاز والجمع بين الهندام والجمال؟ وبينما كنت أحاول العودة إلي الجذور إذ بصاحبي كعادته كما تحرك العالم يكرر نفس التساؤلات في زيارة تابعت رحلتك الفكرية إلي وجدان الصين منذ شهرين دعنا من الأضواء هل تظن كما يقول البعض أن إشراقة هذه الدورة الأوليمبية غير المسبوقة حقيقة تعود إلي تفوق الصين منذ آلاف السنين في تكنولوجيا الصواريخ؟ أم أنها ثمرة التعبئة الشاملة منذ سنوات لإعداد هذه الألعاب؟ أم ماذا؟

صاحبي يعبر عن كلام الناس في كل مكان هنا وفي أنحاء العالم كافة لماذا ؟ ومن أين؟

لماذا؟ لان تاريخ الصين منذ عدة قرون خاصة منذ تشابه آثار حدثين أو نكبتين حقيقة أصابتا حياة الصين ووجدان الشعب بالجراح في الأعماق خلال القرنين التاسع عشر والعشرين كانت النكسة الأولي تتمثل في هزائم الصين المتكررة في مواجهة توغل الدول الغربية أيام حروب الأفيون في القرن التاسع عشر قامت الحروب الأولي‏1840‏ ـ‏1842‏ ضد بريطانيا لمنعها من تصدير الأفيون لإغراق الصين وتحييدها وقد ترتب علي هزيمة الصين احتلال هونج كونج وفرض فتح أسواقها الداخل التجارة البريطانية دون قيود ثم تحالفت بريطانيا وفرنسا في الحرب الثانية‏1858‏ ـ‏1860‏ بهدف كسر محاولات الصين فرض احترام سيادتها‏.‏

ومن هنا بدأت ثورة الفلاحين المعروفة بثورة التايبينج للثأر من المعتدين بعد هزائم الأسرة الإمبراطورية الصينية وهي الثورة التي عمت قارة الصين وتشابكت مع ثورة البوكسرز‏1900‏ حتى تأسيس الحزب الوطني الصيني عام‏1911‏ برئاسة هون ياتسن‏.‏ ثم جاءت النكسة الثانية هذه المرة على أيدي دولة شقيقة من آسيا ألا وهي اليابان‏.‏

وكانت الصين قد دخلت إلى مرحلة التمزق حتى نهاية أسرة تشينغ واستقالة الإمبراطور بو يي‏1912‏ وتسليم عدة نواح من السيادة الصينية إلي اليابان حتى إعلان احتلال اليابان للصين‏1931‏ قامت الحرب التحريرية علي عدة مراحل أولا بقيادة الحزب الوطني ثم الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونغ بدءا من المسيرة الطويلة حتى النصر وإعلان تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عاصمتها بكين في الأول من اكتوبر‏1949 ‏ نكستان صاغتا ضمير الصين خلال ما أطلقوا عليه تسمية "باي نيان قوه تشي" أي‏100‏ سنة من المهانة ومن هنا يمكن إدراك عمق استشعار الصين كلها بالجرح في الأعماق إلي درجة تفوق بكثير مجرد الهزيمة والاحتلال‏.‏ من هنا كان شعار لا تفقدوا ذاكرة مهانتنا الوطنية من هنا كان هذا المعنى هو الخيط المشترك الذي جمع بين زعماء الصين منذ بداية القرن العشرين‏.‏

إلي أن جاء إعلان الرئيس ماو تسي تونغ يوم النصر وتأسيس الدولة الجديدة لن تعود أمتنا إلي التعرض للشتائم والمهانة ها نحن وقد وقفنا من جديد بطول قامتنا‏!..‏

صاحبي يقاطعني‏:‏ تقصد أن الثورة وحروب التحرير علي امتداد قرن حتي‏1949‏ هي التي كسرت الانكسار لكن هناك ثورات وحروبا غيرت مسار الشعوب دون أن تحدث هذه الطفرة الخرافية من المهانة إلي إشراقة ما يشاهده العالم هذا الصيف بعد ثلاثين عاما من الطفرة الاقتصادية الهائلة‏.‏

هذه المرة أنا الذي أقاطع صاحبي اسأله‏:‏ ماذا لو تناولنا معا الجديد في مرحلة ما بعد الألعاب الأوليمبية الجديد أي مستقبل التناغم في مرحلة الصعود السلمي لقارة الصين‏.‏

قال صاحبي غريب أن تذكر إشكالية التناغم وكأنك أردت أن تسبقني كنت على وشك سؤال ؟ ترى كيف توجه الصين العملاقة قضايا تحقيق التناغم الاجتماعي بعد إشراقة الألعاب؟ سمعنا الكثير عن الفوارق والتناقضات في الفترة الأخيرة خاصة بعد موجة الزلازل وكذا انتشار حالات الفساد في المناطق الثرية لعلك تقصد نفس الشيء أم ماذا؟



راسلنا ان وجدت خطأ

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000